سياسة

من مظلات حماية أخنوش من الأمطار الى خيام الحوز المثقوبة:هل أصبح المواطنون ضحايا الإقصاء في أولويات حكومة “الترف”؟

في وقتٍ يعاني فيه الشعب المغربي من تحديات اجتماعية واقتصادية كبيرة، تزداد التساؤلات حول ممارسات الحكومة وأحزابها السياسية. بينما يتعرض المواطنون لصعوبات يومية من ارتفاع الأسعار وغلاء المواد الغذائية الأساسية، تتزايد مشاهد الترف الفاخر الذي تروج له بعض الأحزاب، مما يثير الاستغراب حول ما إذا كانت هذه الممارسات تعكس فعلاً أولويات المواطنين أم أنها مجرد استعراض بعيد عن الواقع.

خلال شهر رمضان، نظمت بعض الأحزاب السياسية موائد إفطار فاخرة ومبهرجة، حيث استمتع العديد من الشخصيات السياسية و المنتخبون الصغار و الكبار بجو من الرفاهية. أجواء رفاهية استحوذت على اهتمام الإعلام بشكل واسع، في وقتٍ يشهد فيه المواطنون أزمة غلاء فاحش في أسعار المواد الأساسية مثل البطاطا والطماطم التي هي قوتهم اليومي،أما اللحوم و الفواكه إلا من إستطاع إليها سبيلا. هذه الممارسات أطلقت تساؤلات عديدة حول الرسالة التي تحاول هذه الأحزاب إرسالها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشعب المغربي.

وفي خطوة أخرى أثارت الاستنكار، شهدت أمس ذكرى تخليد وفاة المغفور له محمد الخامس حدثًا مبالغًا فيه من مظاهر الرفاهية، حيث تم توفير مظلتين لرئيس الحكومة وهو يترنح في مشيته لحمايته من الأمطار أثناء مشاركته في مراسم إحياء الذكرى في  حسان. هذا التصرف، الذي أثار موجة من الانتقادات و الغضب، سلط الضوء على الفجوة الكبيرة بين الممارسات الحكومية المترفة والمواطنين الذين يعانون يوميًا من الأوضاع الاقتصادية الصعبة، و المحاصرون وسط الثلوج و الفيضانات، لاسيما أولئك الذين يعيشون في المناطق التي تضررت بفعل الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات،غير أن حتى المدن لم تفلت من غضب الطبيعة و قوة التساقطات الغزيرة و التي ستخلف كثيرا من المعاناة.

في الوقت نفسه، يعاني سكان مناطق زلزال الحوز والمناطق المتضررة من الفيضانات والثلوج من ظروف معيشية قاسية. يضطر هؤلاء المواطنون إلى النوم في خيام بلاستيكية مهترئة ومثقوبة، في ظل تقاعس الحكومة في تنزيل التوجيهات الملكية في إعادة أيواء المتضررين و  غياب الدعم الكافي من الجهات المعنية. هذا التناقض الصارخ بين حياة المسؤولين الفاخرة وبين معاناة المواطنين يطرح سؤالًا جوهريًا: كيف يمكن للحكومة أن تدعي التقدم والتنمية بينما يظل الشعب يواجه تحدياته اليومية دون حلول حقيقية؟

ورغم هذه الظروف الصعبة، خرج عدد من المسؤولين السياسيين، مثل كاتب الدولة لحسن السعدي ورئيس شبيبة حزب التجمع الوطني للأحرار، ليطلقوا  في ليالي رمضان انتقادات لاذعة للمواطنين الذين يتحدثون عن غلاء أسعار المواد الأساسية، معتبرين أن هذه القضايا تلهي الرأي العام عن القضايا الوطنية الكبرى و القضايا الإستراتجية و أن الحكومة لا تهتم بالسلة الغذائية وهو ما جرى عليه ويلا من الإنتقادات الشعبية. ولكن، في الشارع، يرى المواطنون أن الحديث عن غلاء البطاطا والطماطم ليس ترفًا بل هو قضية حياتية تمسهم بشكل مباشر.

إن هذا التباين بين الخطاب السياسي والممارسات الحكومية وبين الواقع المعيشي للمواطنين يثير العديد من التساؤلات حول أولويات البلاد. هل تضع الحكومة مصلحة المواطن في صدارة اهتماماتها؟ أم أن هناك فجوة متسعة بين الوعود الحكومية والواقع المعاش؟ في ظل هذه الظروف، تظل الإجابة على هذه الأسئلة مفتوحة، وتتطلب من الجميع، من مسؤولين ومواطنين، وقفة جدية لمراجعة أولويات المرحلة المقبلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى