منظمات إقتصادية دولية تحث المغرب على محاربة الرشوة ومواصلة ورش الإصلاحات الكبرى
قالت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، إن المغرب يواصل تسجيل انتعاش قوي، رغم الأثر الكبير الذي خلفه زلزال الحوز على الاقتصاد الوطني، وقبله توالي سنوات الجفاف وجائحة كوفيد وأزمة الطاقة.
وأكدت المنظمة في دراستها الأخيرة، على ضرورة تنزيل المغرب للرؤية المعبر عنها في النموذج التنموي الجديد، ومواصلة ورش الإصلاحات الكبيرة، من خلال تشجيع الاسثتمار وتحسين الحماية الاجتماعية.
وفيما يخص تعزيز النمو، سجلت الدراسة، مواصلة النشاط الاقتصادي انتعاشه، مدفوعًا بالاستهلاك والاستثمار والنتائج القوية في الصادرات، الانتعاش الذي عزته، إلى ” قوة الاستثمار بمعدل الاستخدام المرتفع للطاقة الإنتاجية”، مشيرة إلى أن هذا الانتعاش من شأنه أن “يتعزز بفضل الحوافز الحكومية بموجب الميثاق الجديد للاستثمار”.
وأضافت الدراسة، أن المغرب “يستفيد من نظام ماكرو اقتصادي مستقر، حيث يتقلص العجز بعد جائحة كورونا وأزمة الطاقة، ويقارب معدل الدين العام 70% من الناتج المحلي الإجمالي”، مشيرة إلى أن “السياسة المالية مكنت من إدارة الصدمات التي تعرضت لها الاقتصاد مؤخرًا، إلا أن العجز في طريقه للتقليص، مع تعافي الاقتصاد واتخاذ تدابير هامة، تبقى متوازنة بشكل عام، في مجال الإنفاق والضرائب”.
وأوصت المنظمة، المغرب بتنفيذ الخطط الحالية التي تهدف إلى خفض العجز إلى 3% بحلول العام 2026، مؤكدة على ضروة أن تكون قاعدة الميزانية الجديدة تستند إلى هدف متوسّط المدى للديون وقاعدة للإنفاق لمساعدة في إدارة التوترات المستقبلية.
كما دعت الدراسة، إلى تمويل الإصلاحات وتوسيع قاعدة الضرائب،بالإضافة إلى تقليص الاقتصاد غير الرسمي وزيادة بعض الإيرادات، وتحسين الحوافز المقدمة من خلال نظام الضرائب والمزايا من خلال خفض معدلات المساهمات للرواتب المنخفضة، وتعزيز استخدام التكنولوجيا الرقمية وتعزيز تطبيق التشريعات الضريبية سيسمح بتوفير إيرادات إضافية، وبالتالي تقليص بعض المعدلات.
وسجلت الدراسة الاقتصادية الصادرة عن المنظمة، “فجوة مهمة فيما يخص انتاجية العمل”، قائلة إنه “رغم الرصيد البشري المهم للشباب إلا أن تمكينهم اقتصاديا تعيقه تحديات عديدة”، ترجع بالأساس إلى، انتشار البطالة، والاقتصاد غير المهيكل،وضعف ولوج النساء إلى سوق الشغل واستفحال ظاهرة الهجرة بين الشباب.
وأبرزت المنظمة، أن مشاركة النساء في سوق الشغل المغربي، لم يتجاوز 20% سنة 2022، فيما بلغت نسبة مشاركة الرجال 70%.
وشددت الدراسة، على أن نسبة البطالة ترتفع بشكل كبير، بين الشباب وخاصة حديث التخرج، داعية المغرب، إلى “تشجيعهم على المشاركة في فرص التدريب والتأهيل، وتبسيط إجراء اتها”.
كما أوصت المنظمة، باتخاذ إصلاحات في نظام الحماية الاجتماعية من أجل تعزيز خلق فرص الشغل بجودة عالية، مع إيلاء الاهتمام بتشجيع ولوج المرأة لسوق العمل وتمكينها اقتصاديا.
ودعت المنظمة، المغرب إلى ضمان وصول عالي الجودة للإنترنت، حماية المستهلكين في التجارة الإلكترونية، وتوفير برامج تدريبية رقمية شاملة للقوى العاملة، من أجل معالجة ضعف الابتكار بالاقتصاد، إلى جانب الاستثمار في الابتكار وتطوير التعليم لتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة.
وبخصوص النظام التعليمي، أكدت المنظمة على ضرورة وضع المغرب للمزيد من الإصلاحات، لضمان أن تكون المخرجات التعليمية ملائمة لمتطلبات سوق العمل، من خلال ترالكيز على التعليم المهني والتقني وتطوير المهارات اللازمة لدعم اقتصاد قائم على المعرفة.
وفي سياق آخر، أوصت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، المغرب بالاستمرار في الجهود الرامية إلى تقليص انتشار الرشوة وتعزيز الطابع غير المادي للعلاقة بين المواطنين والإدارة العمومية، مما سيسهم في تسهيل الأنشطة الاقتصادية.
واعتبرت الدراسة، أن تقليص مؤشرات الرشوة إلى النصف مقارنةً بالمتوسط العالمي يمكن أن يسهم بنسبة 8.5% في نمو الناتج المحلي الإجمالي على المدى الطويل.
وأضافت الهيئة، أن الرشوة تضر النمو الاقتصادي، مشيرة إلى أنه رغم الجهود المبذولة خلال السنوات الأخيرة وتطوير إطار قانوني ومؤسساتي متخصص، إلا أنه لا يزال تصنيف المغرب مرتفعاً في مؤشر الرشوة، حيث أنه يحتل المركز 97 في تقرير منظمة الشفافية العالمية السنة المنصرمة.
وأكدت الدراسة، أن الترتيب المتدني، يشير إلى أن الرشوة تؤثر بشكل كبير على النسيج الاقتصادي بشكل عام، مشيرة إلى أن استطلاعات رأي شركات ، كشفت أن 35% منها تعتبر الرشوة ضرورية للحصول على نتائج، و58% من الشركات أقرت أنها تقدم “هدايا” للحصول على صفقات عمومية، وهو معدل مرتفع جداً مقارنةً بالدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.