ملف الأحد :رغم محاولات التقنين: عجز الوكالة عن إستعاب العفو الملكي و تباطؤ في تسريع المشروع الوطني للقنب الهندي وتهديدات المخدرات تلاحق الصناعة!

في خطوة تُعتبر من أبرز المعالم في تاريخ الصناعة الدوائية المغربية، بدأ المغرب رسميًا في تصدير أولى شحنات القنب الهندي الطبي من صنف “البلدية”، وهو ما يعكس التزام المملكة بتطوير هذه الصناعة ضمن إطار قانوني صارم. الشحنات التي انطلقت من تعاونية “بيوكانات” في باب برد (إقليم شفشاون) توجهت إلى مختبرات دولية في أوروبا وإفريقيا، وذلك بعد الحصول على التراخيص الرسمية من الوكالة المغربية للأدوية وشركات الشحن الدولية.
لكن، ورغم هذه الخطوة التي وصفت بأنها إنجاز تاريخي، يواجه المشروع الوطني أزمات حقيقية، تتعلق بشكل أساسي بـغياب أسواق محلية فعالة، بالإضافة إلى الإشكالات التي لم تستطع الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي التغلب عليها. فبينما تسعى الحكومة لتوسيع زراعة القنب الهندي وتوزيع المئات من الرخص، ما يزال السوق يعاني من صعوبات في التوزيع داخل المغرب.
الفجوة بين التقنين الفعلي والممارسات الواقعية
إحدى أكبر المشاكل التي تواجه المشروع الوطني هي استمرار المزارعين السريين في زراعة القنب الهندي، وتحويل جزء من المحصول إلى مخدرات، وهو ما يتضح من خلال العمليات الأمنية التي تُنفذ سنويًا. فخلال السنوات الماضية، قامت المصالح الأمنية والدرك الملكي والقوات المسلحة الملكية بحجز شحنات عملاقة من القنب الهندي كانت في طريقها إلى الأسواق العالمية غير المشروعة، ما يعكس عجزًا كبيرًا في التطبيق الفعلي للقوانين وغياب التنسيق الفعال بين الوكالة والمزارعين.
العجز عن التواصل مع المزارعين: التحدي الأبرز
بالرغم من أن الوكالة الوطنية قد وزعت الرخص وأعلنت عن تحفيزات للمزارعين لدخول السوق القانوني، فإن الكثير من المزارعين لا يزالون يفضلون الزراعة السرية بسبب الفقر والاستفادة السريعة من العوائد المالية عبر بيع القنب الهندي كمواد مخدرة ومواصلة زراعة “البلدية” التي تعرف طلبا قويا بسبب جودتها في التخدير. ولعل هذا التحدي يتضح من خلال استمرار عمليات التهريب والشحنات التي تُكتشف سنويًا، مما يبرز فشل الوكالة في فرض سيطرتها على الممارسات اليومية للمزارعين.
في الوقت ذاته، يبقى التسويق المحلي للقنب الهندي الطبي محدودًا للغاية، حيث اقتصرت المبيعات على الصيدليات فقط، ما يعرقل قدرة المستثمرين على توسيع نطاق الاستهلاك داخل المملكة. وهذا، بدوره، يعزز الإحباط بين المزارعين والمستثمرين الذين شعروا أنهم لا يحصلون على الدعم الكافي رغم التراخيص التي حصلوا عليها.
تحفيزات الدولة: هل تكفي؟
من جهة أخرى، يبدو أن التحفيزات التي تقدمها الدولة للمزارعين والمستثمرين في هذا القطاع لم تحقق النتائج المتوقعة. فبالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة في توسيع الزراعة، وتوزيع الرخص، إلا أن غياب استراتيجية تسويقية فعالة لا يزال يشكل عائقًا كبيرًا أمام المشروع. ورغم محاولة الوكالة تشجيع المزارعين على الانخراط في المشروع الوطني، إلا أن الواقع على الأرض يشير إلى أن العديد منهم يواصلون الزراعة غير القانونية نتيجة لمردود سريع مقارنة بالمشروع الشرعي الذي يحتاج إلى وقت طويل لتحقيق العوائد.
عواقب استمرار هذه الممارسات
إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن القطاع سيواجه خطر الفشل، وستظل المملكة معرضة إلى انتقادات دولية بسبب فشلها في التحكم في تجارة المخدرات، وهو ما قد يؤثر على سمعة المغرب في السوق الدولية، خاصة في ما يتعلق بتصدير القنب الهندي الطبي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن المستثمرين الذين يمتثلون للقوانين سيعانون من تنافس غير عادل مع أولئك الذين يواصلون التعامل في السوق السوداء.
الوكالة الوطنية: بين تحدي التقنين وتحقيق أهدافها
من الواضح أن الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي تواجه تحديات معقدة في التطبيق الفعلي للتقنين. ورغم الجهود الكبيرة المبذولة في توسيع الزراعة وتوزيع الرخص، يبقى التسويق المحلي والرقابة على المزارعين السريين من أكبر المشاكل التي تحول دون نجاح المشروع الوطني.
وفي الوقت الذي يستمر فيه تهريب المخدرات والزراعة غير القانونية، يبقى التساؤل مطروحًا: هل ستتمكن الوكالة من إيجاد حلول فعالة لضبط السوق، أم أن القطاع سيظل يواجه فوضى مستمرة؟ إن النجاح في هذا المجال يتطلب تكاتف الجهود بين الوكالة والمستثمرين والفلاحين، لضمان نجاح المشروع الوطني وتحقيق التنمية المستدامة في المناطق المعنية.
الوكالة الوطنية لتقنين القنب الهندي: العجز عن استيعاب العفو الملكي والمزارعون غير مقتنعين!
رغم ان الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي لتنظيم القطاع في المغرب،تواصل منح الرخص و تحيين مناطق الزراعة، إلا أن هناك انتقادات حادة تلاحقها بسبب فشلها في استيعاب العفو الملكي الواسع الذي استفاد منه المزارعون، والذين كانوا جزءًا أساسيًا من الخطة الوطنية لتقنين القنب الهندي. العفو الملكي الذي أعلنه جلالة الملك محمد السادس كان فرصة ذهبية لإدماج المزارعين الذين كانوا يمارسون الزراعة السِرية لهذا النوع من النبات في النظام القانوني، ولكن الوكالة بدت غائبة عن استثمار هذه الفرصة لتحفيز المزارعين على الانخراط في المشروع الوطني.
العجز في التواصل مع المزارعين
على الرغم من أن العفو الملكي كان بمثابة فرصة لتصحيح الوضع وإدماج المزارعين في المسار القانوني، إلا أن الوكالة الوطنية لم تقم بالتواصل الكافي مع المزارعين، ولم تنظّم لقاءات تواصلية فعالة معهم لشرح الفوائد الحقيقية للمشاركة في المشروع الوطني. غياب هذه اللقاءات والتوجيهات أسهم بشكل كبير في استمرار العديد من المزارعين في الزراعة السرية، حيث لا زالوا يفضلون الطرق غير القانونية بسبب نقص التحفيزات وضعف الضمانات المعروضة من الوكالة.
أدى هذا التراجع في التواصل إلى أن المئات من المزارعين والمروجين أصبحوا يشعرون بأن عملية التقنين غير مجدية بالنسبة لهم. ورغم أن الحكومة توزع الرخص وتقدم الدعم الظاهر، إلا أن المزارعين يرون أن الدعم الفعلي غير موجود على الأرض، مما يجعلهم غير مقتنعين بالانخراط في المشروع الوطني.
غياب الدعم الفعلي والمخاوف من منافسة أجنبية
من جهة أخرى، المستثمرون الذين دخلوا عالم الصناعة التحويلية للقنب الهندي يواجهون صعوبة في التوسع داخل السوق المحلي، حيث لا يزال التسويق الداخلي قاصرًا جدًا ويقتصر على الصيدليات فقط. بالإضافة إلى ذلك، يتخوف العديد من هؤلاء المستثمرين من أن الاعتماد على التصدير فقط قد يعرضهم إلى منافسة شديدة من قبل شركات أجنبية، التي قد تكون أكثر قدرة على مواكبة التطورات وتوسيع عملياتها داخل الأسواق العالمية.
ورغم أن الوكالة الوطنية قامت بمنح الرخص للمستثمرين في هذا المجال، فإن غياب ضمانات حقيقية للبيع واستراتيجيات تسويقية فعالة، بالإضافة إلى الضعف الكبير في التواصل مع المزارعين، يجعل الكثير من المستثمرين المحليين في حيرة من أمرهم. كيف يمكنهم أن يحققوا نجاحًا طويل الأمد في ظل الغياب الملحوظ للتنسيق مع الجهات المسؤولة؟
المزارعون والأنظمة المالية: البيروقراطية تحول دون تقدم المشروع
من أكبر المشاكل التي يواجهها الفلاحون في هذا القطاع هو نقص التحفيزات المالية وعدم وجود ضمانات حقيقية على منتجاتهم. إذ يجد الفلاحون أنفسهم في مواجهة بيروقراطية شديدة عند محاولة الانخراط في العملية القانونية، كما أنهم يواجهون صعوبات في الحصول على أموالهم بعد بيع المحاصيل. الانتظار الطويل للحصول على عوائد المنتجات القانونية يجعل الكثير منهم يفضلون الطرق غير القانونية التي تضمن لهم دخلاً أسرع وأكثر استقرارًا.
الوكالة بين التحديات والحلول الممكنة
إنَّ الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي تواجه تحديات كبيرة، ولا سيما في ما يتعلق بـتوسيع نطاق التقنين وضمان تسويق المنتجات في السوق المحلي قبل التفكير في التصدير. ورغم أن الحكومة أطلقت مبادرات تشريعية لتنظيم القطاع، إلا أن إغفال المزارعين وعدم تفعيل ضمانات حقيقية قد يؤديان إلى تعطيل المشروع الوطني.
يجب على الوكالة أن تعيد النظر في استراتيجياتها وأن تعطي أولوية أكبر للتواصل مع المزارعين والمستثمرين، وضمان وجود آليات دعم حقيقية لتسويق المنتج داخليًا وتوفير ضمانات للشراء حتى لا يصبح القطاع مجرد عملية تصدير تقتصر على الخارج، مما يضع المشروع الوطني في مأزق كبير.
في الختام، يبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن الوكالة من تحقيق التوازن بين التقنين الداخلي والتوسع في أسواق جديدة، أم أن القطاع سيظل يواجه تحديات مستمرة من الداخل والخارج؟ الوقت وحده سيجيب عن هذه الأسئلة، ولكن الواقع يُظهر أن النجاح لن يتحقق إلا بتوفير الظروف المناسبة للمزارعين وتحفيزهم على الانخراط في المشروع الوطني، الذي يُعد فرصة حقيقية للمستقبل الاقتصادي والاجتماعي للمغرب.