مقال تحليلي:حكومة اخنوش بين مطرقة فشل تحقيق انتظارات المغاربة و سندان تضارب المصالح

تشهد الحكومة المغربية برئاسة عزيز أخنوش، والتي تشكلت في أكتوبر 2021 بعد الانتخابات التشريعية، انتقادات واسعة بسبب ما يُعتبر فشلاً في تحقيق التطلعات التي وعدت بها، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي. وعلى الرغم من أن الحكومة جاءت في مرحلة حرجة تتطلب إصلاحات جذرية، إلا أن أداءها حتى الآن يثير تساؤلات حول قدرتها على إدارة الملفات الكبرى التي تواجه البلاد.
1. الوضع الاقتصادي: أزمة متصاعدة
يعتبر الملف الاقتصادي من أبرز الملفات التي تعرضت لانتقادات حادة. المغرب، كباقي دول العالم، تأثر بتبعات جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية العالمية الناتجة عن الحرب في أوكرانيا. ومع ذلك، يرى مراقبون أن الحكومة لم تقدم حلولاً فعالة لمواجهة التضخم المتصاعد وارتفاع أسعار المواد الأساسية، خاصة الوقود والمواد الغذائية. كما أن سياسات الدعم التي تم تبنيها لم تكن كافية لاحتواء الغضب الشعبي، مما أدى إلى احتجاجات متفرقة في عدة مناطق.
إضافة إلى ذلك، فإن نسبة البطالة لا تزال مرتفعة، خاصة بين الشباب وحاملي الشهادات العليا، مما يعكس فشل الحكومة في خلق فرص عمل كافية أو تحفيز الاستثمارات التي من شأنها إنعاش الاقتصاد. كما أن القطاع الفلاحي، الذي يعتبر عماد الاقتصاد المغربي، عانى من تراجع بسبب الجفاف الذي ضرب البلاد، دون أن تقدم الحكومة حلولاً استباقية لتخفيف آثاره.
2. الوضع الاجتماعي: تفاقم الفوارق
على المستوى الاجتماعي، تفاقمت الفوارق الطبقية والجهوية، حيث لا تزال بعض المناطق، خاصة في العالم القروي، تعاني من نقص حاد في البنية التحتية والخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم. وقد أدى ذلك إلى زيادة الاحتقان الاجتماعي، خاصة في ظل غياب سياسات واضحة لتحسين الظروف المعيشية للمواطنين.
كما أن ملف التعليم، الذي يعتبر أحد المفاتيح الأساسية للتنمية، لا يزال يعاني من أزمات مزمنة، حيث لم تقدم الحكومة أي حلول جذرية لإصلاح المنظومة التعليمية التي تعاني من ضعف في الجودة وارتفاع في نسبة الهدر المدرسي.
3. الوضع السياسي: تراجع الثقة
على الصعيد السياسي، تراجعت ثقة المواطنين في الحكومة بسبب ما يُنظر إليه على أنه تباطؤ في تنفيذ الإصلاحات الموعودة. كما أن الحوار الاجتماعي مع النقابات والفاعلين السياسيين لم يكن بالمستوى المطلوب، مما أدى إلى تصاعد الاحتجاجات العمالية والمطلبية في عدة قطاعات.
إضافة إلى ذلك، فإن الحكومة واجهت انتقادات بسبب تعاملها مع ملف الحريات الفردية وحقوق الإنسان، حيث لا يزال هناك غموض في سياساتها تجاه هذه القضايا، خاصة في ظل تصاعد المطالب بالإصلاحات الديمقراطية.
و يمكن القول إن حكومة أخنوش تواجه تحديات كبيرة في مختلف المجالات، ولم تنجح حتى الآن في تقديم حلول ناجعة للأزمات التي يعاني منها المغرب. ومع استمرار الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، يبقى السؤال المطروح هو: هل ستتمكن الحكومة من تصحيح المسار وتحقيق الإصلاحات المطلوبة، أم أن الفشل سيستمر في تعميق الأزمات التي تواجه البلاد؟
إحدى القضايا التي أثارت جدلاً واسعاً منذ تشكيل حكومة عزيز أخنوش هي اتهامات تضارب المصالح واتهام رئيس الحكومة بالاستفادة من منصبه لتعزيز مصالحه التجارية الخاصة. هذه الاتهامات لا تزال تلقي بظلالها على مصداقية الحكومة وتُعتبر أحد أسباب تراجع الثقة في أدائها.
1. خلفية عزيز أخنوش التجارية
عزيز أخنوش، رئيس الحكومة الحالي، هو أحد أبرز رجال الأعمال في المغرب، حيث يترأس مجموعة “أكوا” التي تعمل في عدة قطاعات، بما في ذلك الزراعة والطاقة والتجارة. هذه المجموعة تعتبر واحدة من أكبر الشركات الخاصة في المغرب، ولها نفوذ اقتصادي وسياسي كبير. وقد أدى هذا إلى تساؤلات حول كيفية الفصل بين مصالحه كرئيس حكومة وكونه رجل أعمال.
2. اتهامات بتضارب المصالح
منذ توليه منصب رئيس الحكومة، واجه أخنوش اتهامات بتضارب المصالح، خاصة في القرارات والسياسات التي قد تستفيد منها شركاته الخاصة. على سبيل المثال:
قطاع الزراعة: يُعتبر أخنوش أحد أكبر اللاعبين في القطاع الفلاحي عبر شركته “أكوا”. وقد أثيرت تساؤلات حول كيفية تعامل الحكومة مع ملفات مثل دعم الفلاحين وتوزيع الأسمدة، حيث يُخشى أن تكون القرارات متحيزة لصالح مصالحه التجارية.
قطاع الطاقة: مجموعة “أكوا” لديها استثمارات كبيرة في قطاع الطاقة، بما في ذلك الطاقة المتجددة. وقد أثيرت شكوك حول تأثير هذه المصالح على سياسات الحكومة في هذا القطاع،و النقطة التي أفاضت الكأس اتهام هولدينغ اخنوش بنيل صفقات تحليات ماء البحر مقابل الملايير من الدراهم و كذلك الاستحواذ على صفقة توريد المكتب الوطني للكهرباء بالطاقة،دون نسيان الدور المحوري الذي تقوده شركة المحروقات إفريقيا غاز و كذلك السيطرة على اوكسجين المستشفيات.
صفقات عمومية: هناك اتهامات بأن بعض الصفقات العمومية قد تكون مُوجّهة لصالح شركات تابعة لمجموعة “أكوا”، مما يعكس تضارباً في المصالح.
3. ردود الحكومة والانتقادات
في مواجهة هذه الاتهامات، دافعت الحكومة عن نفسها مؤكدة أن رئيس الحكومة قد وضع “جداراً عازلاً” بين منصبه السياسي ومصالحه التجارية. ومع ذلك، لم تقنع هذه التصريحات الكثير من النقاد والمراقبين، الذين يطالبون بمزيد من الشفافية والتدابير القانونية لضمان عدم استغلال المناصب العامة لتحقيق مكاسب شخصية.
4. تأثير هذه الاتهامات على صورة الحكومة
هذه الاتهامات أثرت سلباً على صورة الحكومة، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المغرب. ففي وقت يُنتظر من الحكومة أن تعمل على حل مشاكل المواطنين، تُرى هذه الاتهامات كدليل على أن الأولوية تُعطى لمصالح شخصية على حساب المصلحة العامة.
5. المطالبات بالإصلاح
في ضوء هذه الاتهامات، يطالب العديد من الفاعلين السياسيين والنشطاء بإصلاحات تشريعية تمنع تضارب المصالح وتفرض شفافية أكبر في تعامل المسؤولين مع الملفات التي قد تؤثر على مصالحهم الخاصة. كما يُطالب البعض بتشكيل لجان تحقيق مستقلة للتحقق من هذه الادعاءات.
قضية تضارب المصالح واستفادة أخنوش من الصفقات تبقى واحدة من أبرز الملفات الشائكة التي تواجه حكومته. هذه الاتهامات، إن لم يتم التعامل معها بشكل شفاف وحاسم، قد تؤدي إلى مزيد من تراجع الثقة في الحكومة وتعميق الأزمات السياسية والاجتماعية .