مصر تخترق السوق المغربية و تواصل الإستثمار في عدة مجالات حيوية

تسبب إعلان وزارة العمل المصرية مؤخرا، عن رغبة مصحات “أكديتال” في استقطاب 800 ممرض وممرضة من مختلف التخصصات، في جدل كبير داخل المغرب، حتى بعد نفي المجموعة المغربية واضطرار الجانب المصري إلى تعديل الإعلان، بسبب الامتيازات المُدرجة في العرض والتي من بينها أداء الأجور بالدولار الأمريكي وتخصيص تعويضات عن السكن.
وبغض النظر عن أن إعلانًا كهذا يأتي في فترة تُسجل فيها الحكومة المغربية أرقاما سلبية متواصلة في مجال التشغيل، فإنه يُظهر جانبا من الروابط الاقتصادية التي أصبحت تبرز تدريجيا بين الرباط والقاهرة خلال السنوات الأخيرة، والتي دفعت رؤوس الأموال المصرية إلى توجيه أنظارها إلى المملكة، باعتبارها فضاءً جديدا لاستثماراتها، باحثة عن موضع قدم في سوق مهم مُكون من 37 مليون نسمة.
استثمارات سياحية
في دجنبر الماضي، أعلنت رئاسة الحكومة المغربية، عن تطوير مشروع المحطة السياحية “موكادور” بالصويرة، من خلال توقيع اتفاقية تربطها بتحالف استثماري عربي ثلاثي سيُساهم في المشروع ب50 في المائة من تكلفته المقدرة بأكثر من 100 مليون دولار خلال الفترة الممتدة إلى غاية 2030، وهو الأمر الذي تم خلال حفل حضره المستشار الملكي أندري أزولاي.
وإذ كان الحضور الإماراتي في هذا المشروع طبيعيا، من خلال رجل الأعمال حسين النويس، رئيس مجلس إدارة شركة “النويس للاستثمار”، ونائب رئيس مجلس إدارة بنك أبوظبي التجاري، فإن ما يثير الانتباه أكثر هو أن الطرفين الآخرين في التحالف هما المصريان نجيب ساويرس، المنتمي لأثرى عائلة في مصر، وثامن أغنى شخص في الشرق الأوسط، وحسام الشاعر مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة “صن رايز” للمنتجعات السياحية والفنادق، والمصنف ضمن 100 أقوى قادة السياحة والسفر في الشرق الأوسط لسنة 2023، وفق تصنيف “فوربس”.
هذا الحضور المصري في مجال الاستثمار السياحي بالمغرب، لم يكن الأول من نوعه، ففي شتنبر الماضي، أعلنت “بيكالباتروس” التي يرأسها رجل الأعمال كامل أبو علي، عن استحواذها على 4 فنادق، 3 في مراكش وواحد في أكادير، خلال سنة 2024، لترفع طاقتها الفندقية بالمملكة إلى 2600 غرفة، وذلك بعدما اقتحمت السوق المغربية من خلال استثمارات بقيمة 200 مليون دولار.
“كازيون” لمنافسة “بيم”
حضور الاستثمارات المصرية في المغرب، لا يتوقف عند حدود السياحة فقط، بل يشمل مجالات أخرى، أبرزها تجارة القرب، عبر سلسلة متاجر “كازيون” المتخصصة بنظام البيع اتخفيضات، المعروف بـ”الهادر ديسكاونت”، وهو النمط نفسه الذي اتبعته لسنوات بشكل شبه احتكاري مجموعة “بيم” التركية منذ سنة 2010، نظرا لعدم وجود منافس آخر.
وفي سنة 2023، دخلت “كازيون” بقوة هذا المجال، وعندما كانت تحتفل بمرور عام على حضورها في السوق المغربية، في حفل احتضنته مدينة المحمدية شهر أكتوبر الماضي، كشف عادل علواني، المدير العام لفرعها بالمملكة، أنها افتتحت خلال هذه الفترة 120 متجرا، تمد من طنجة إلى الدار البيضاء، هذه الأخيرة لوحدها تستقبل 8 منها.
ووفق تصريحات نقلتها شبكة “الشرق” عن محمد بن مزوارة، الرئيس التنفيذي لـ”كازيون” في المغرب، فإن سلسلة المتاجر المصرية تخطط لاستثمار 144 مليون دولار لتوسيع أنشطتها بالمملكة، وفي العام الثاني لها عمل على أن تزيد تعداد متاجرها بأكثر من الضعف، حيث ستضيف 150 وحدة جديدة، علما أن إجمالي متاجرها إلى حدود العام الماضي، بين مصر والمغرب والمملكة العربية السعودية يصل إلى 1300.
بلبن.. وأشياء أخرى
الظاهر أن المستثمرين المصريين انتبهوا متأخرين إلى الفرص التي يتيحها السوق المغربي، لذلك يحولون تدارك الأمر بالبحث عن فرص في الكثير من المجلات دفعة واحدة، وهو ما يبرز مع تجربة أثارت ضجة مؤخرا، وهي متجر الحلويات والمثلجات “بِلبن”، العلامة المصرية المعروفة في العالم العربي التي افتتحت أول فرع لها بمنطقة المعاريف بالدار البيضاء.
مشاهد الزائرين المغاربة وهم يقفون في طوابير طويلة منذ السادسة صباحا إلى غاية ساعة متأخرة من الليل، ليحصلوا على طلباتهم من “اختراعات” الحلويات التي تختص بها هذه العلامة، وبأسعار في المتناول، طيلة أيامٍ متتالية بعد افتتاح فرعها الأول يوم 23 يناير 2024، دفع سلسلة المتاجر المصرية إلى الإعلان عن افتتاح فرع ثانٍ بتاريخ 13 فبراير 2024 ي الدار البيضاء أيضا.
نجاح هذا المشروع، في الوقت الراهن على الأقل، مع الاستثمارات الأخرى المذكورة، تفسر الإقبال المتزايد لرؤوس الأعمال المصرية على المملكة، وهو ما تؤكده أيضا معطيات كشفت عنها تصريحات إعلامية لرئيس مجلس الأعمال المصري المغربي نزار أبو إسماعيل، الذي قال إن 4 مشاريع صناعية مصرية جديدة سيتم إطلاقها بالمغرب خلال سنة 2025، بقيمة 200 مليون دولار.






