مخدرات رخيصة.. عقول محطمة.. وشرطة في مرمى الخطر: رجال الأمن يواجهون ‘بلطجية البوفا’ بالسلاح لتأمين الشارع العام

في واقعة تعكس تصاعد منسوب التهديدات التي تواجهها عناصر الشرطة خلال أداء مهامهم، اضطر مفتش شرطة تابع لولاية أمن القنيطرة، مؤخرا، إلى استعمال سلاحه الوظيفي لتحييد خطر داهم صادر عن شقيقين كانا في حالة سُكر متقدمة، وعرضا حياة المواطنين وعناصر الأمن لاعتداءات وصفت بـ”الخطيرة والعدوانية”.
تفاصيل الحادث، بحسب معطيات أولية، تعود إلى تدخل أمني عاجل استجابت له دورية للشرطة بعد نداء استغاثة أطلقه صاحب مقهى وسط المدينة، أفاد بتعرضه للتهديد من طرف شقيقين كانا يعاقران الخمر داخل محله، قبل أن يدخلا في موجة من العنف اللفظي والجسدي.
وخلال محاولة ضبطهما، واجهت العناصر الأمنية مقاومة شرسة، استُعملت فيها الحجارة والعنف الجسدي، ما دفع مفتش الشرطة إلى إطلاق رصاصات تحذيرية أصابت المشتبه فيهما على مستوى الأطراف السفلى، في تدخل احترازي هدفه تحييد الخطر دون تسجيل إصابات قاتلة.
وتم نقل المعنيين بالأمر إلى المستشفى حيث وُضعا تحت الحراسة الطبية، فيما فُتح بحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة للكشف عن ملابسات هذا الحادث والوقوف على خلفياته.
لكن خلف هذه الواقعة تقبع ظاهرة خطيرة آخذة في الاتساع، وهي بروز جيل جديد من “المجرمين المحطمين” الذين باتوا يتحركون تحت تأثير مخدرات رخيصة ومدمرة، مثل “القرقوبي” و”البوفا” و”السليسيون”، وهي مواد تُفقد مستهلكها السيطرة على تصرفاته وتحوّله إلى مشروع عدواني دائم، لا يتردد في الاصطدام بالمواطنين، تخريب الممتلكات، بل ومواجهة الشرطة بالسلاح الأبيض.
وبحسب مصادر ميدانية، فإن هؤلاء المتعاطين يُظهرون مقاومة هستيرية عند تدخل رجال الأمن، ويبدون عزماً على عدم الاستسلام، ما يضطر عناصر الشرطة، تحت ضغط الضرورة المهنية والواجب الوطني، إلى استعمال السلاح الوظيفي في إطار القانون لحماية الأرواح والممتلكات، والحد من الفوضى المتفاقمة في بعض الأحياء الحضرية.
هذه التحولات الميدانية تضع رجال ونساء الأمن الوطني في مواجهة يومية مع حالات غير تقليدية من الإجرام، قوامها خليط من العدوانية والتخدير والانهيار العقلي، ما يعزز أهمية الدور المتعاظم الذي تضطلع به المؤسسة الأمنية في ضمان الأمن العام والاستقرار المجتمعي.
ولا يخفى أن عناصر الشرطة باتوا يشكّلون في كثير من الحالات “خط الدفاع الأخير” أمام طوفان الاعتداءات المتكررة، خصوصاً مع تواتر حالات الهجوم على المارة، اقتحام المحلات التجارية، ومحاولات التعدي على الممتلكات العامة والخاصة تحت تأثير مواد مخدرة قاتلة.
وتطرح هذه المعطيات المقلقة الحاجة الملحة إلى مقاربة شمولية تعزز التعاون بين الأمن، والنيابة العامة، والمؤسسات الصحية، والمجتمع المدني، للحد من تداول هذه السموم، وتفكيك شبكات ترويجها، وتجفيف منابعها التي تستهدف شباب الأحياء الهشة وتُحولهم إلى قنابل موقوتة تهدد السلم المجتمعي.
وإذا كانت المؤسسة الأمنية تتحمل العبء الأكبر في التصدي اليومي لهذه الظواهر، فإن الاعتراف المجتمعي والرسمي بدورها يجب أن يقترن بدعم ملموس في التجهيز والتكوين والوسائل القانونية، لضمان تدخل فعّال وآمن وفق ما تقتضيه ظروف الميدان التي لا ترحم.