محاولة إغراق المغرب بـ102 ألف قرص “قرقوبي”.. مخططات إجرامية تتحدى الحدود ومصالح الأمن تتصدى

أسفرت عملية أمنية دقيقة، مساء أمس السبت 28 يونيو الجاري، عن إحباط محاولة ضخمة لإغراق السوق المغربية بشحنة هائلة من الأقراص المهلوسة، بعدما تمكنت مصالح الأمن الوطني، بتنسيق مع إدارة الجمارك، من حجز 102 ألف قرص طبي مخدر من نوع “ريفوتريل” بمعبر باب سبتة. الشحنة كانت مدسوسة بعناية فائقة داخل تجاويف معدنية في هيكل سيارة مرقمة بالخارج، تقودها مواطنة إسبانية من أصل مغربي، كانت برفقة ابنيها وسيدة مغربية أخرى، في محاولة لتمويه أجهزة التفتيش وتفادي المراقبة الحدودية.
التحقيقات الأولية، التي تشرف عليها النيابة العامة المختصة، تسير في اتجاه الكشف عن خيوط شبكة دولية منظمة، تسعى إلى إغراق المغرب بكميات ضخمة من المؤثرات العقلية، مستغلة الطابع العائلي والإنساني في تمرير شحناتها عبر المنافذ الحدودية. المؤشرات الأولية تؤكد أن الأمر يتجاوز مجرد عملية تهريب فردية، ليطرح أسئلة خطيرة حول وجود شبكات تنشط عبر ضفتي المتوسط، مستهدفة استقرار المجتمع المغربي وصحة شبابه.
القرقوبي، أو “الريفوتريل”، أصبح اليوم أحد أخطر التهديدات التي تواجه النسيج الاجتماعي، بعدما تحول من دواء طبي موجه لحالات الصرع والاضطرابات النفسية، إلى مادة مهلوسة تروج في السوق السوداء، وتتسبب في جرائم عنف واعتداءات وسلوكيات إجرامية شاذة. الأرقام الرسمية وتقارير الأمن تؤكد أن عدداً من الجرائم البشعة التي هزت الرأي العام مؤخراً ارتبطت بشكل مباشر بتعاطي هذه المادة، ما يجعل من هذه الشحنة المحجوزة “قنبلة موقوتة” كان من الممكن أن تنفجر في وجه المجتمع لولا يقظة المصالح الأمنية.
العملية الأمنية الناجحة تأتي في سياق تصاعد حرب المغرب ضد الجريمة العابرة للحدود، وتؤكد أن شبكات التهريب تعيد توجيه بوصلتها نحو المؤثرات العقلية، عوض المخدرات التقليدية، بالنظر إلى هوامش الربح المرتفعة وسهولة الإخفاء، فضلاً عن ضعف الوعي المجتمعي بخطورتها. كما تكشف العملية عن تطور في أساليب التهريب، حيث يتم استعمال نساء وعائلات وأطفال كغطاء بشري لنقل هذه السموم إلى الداخل المغربي، ما يستدعي تطوير أدوات الرقابة وتكثيف الرصد الاستخباراتي.
التحقيقات جارية لتحديد باقي المتورطين المحتملين داخل المغرب وخارجه، وتعقب المسارات المالية واللوجستيكية لهذه الشبكات التي تسعى إلى استغلال ثغرات المعابر الحدودية. السلطات الأمنية أكدت التزامها بمواصلة العمل الاستباقي والتنسيق بين الأجهزة، من أجل إحباط كل محاولات تهريب المؤثرات العقلية، وتجفيف منابع هذه السموم التي تهدد الصحة العامة والأمن الوطني.
في السياق ذاته، تبرز هذه العملية أهمية التحسيس المجتمعي بخطورة الأقراص المهلوسة، وضرورة انخراط المؤسسات التربوية والصحية والإعلامية في معركة تحصين المجتمع من هذا الخطر الصامت. فالأمر لم يعد مجرد تهريب مخدر، بل هو استهداف ممنهج للعقل الجماعي واستقرار الأسر ومستقبل الأجيال.