فاس 24: روبرطاج رمضاني خاص حول معاناة المرأة القروية في المغرب: صراع مستمر من أجل الحقوق والكرامة

تعد فاس 24 من المنابر الإعلامية المتميزة التي تواكب تطورات المجتمع المغربي، وتسلط الضوء على قضايا حيوية تهم المواطنين، وتعمل على إبراز التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها الفئات المختلفة. وفي هذا السياق، تواصل فاس 24 تقديم روبرطاجات رمضانية خاصة تتناول مواضيع ذات صلة مباشرة بالواقع المعيش في القرى المغربية، بما يتيح للمتابعين فرصة التعرف على قصص حية ومؤثرة.
في هذا العدد الخاص، نسلط الضوء على معاناة المرأة القروية في المغرب، التي رغم كونها العمود الفقري للقرى والجبال، تواجه تحديات كبيرة تتراوح بين الفقر، التهميش، وانتهاك الحقوق. ورغم دورها الأساسي في المجتمع القروي، فإن حقوقها غالبًا ما تكون مغيبة، وتظل مجهوداتها غير معترف بها من قبل النظام الاجتماعي والاقتصادي. سنأخذكم في رحلة إلى قلب بعض القرى المغربية لنكشف عن واقع هذه النساء اللواتي يواجهن مصاعب يومية في سبيل تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية.
في قلب الريف المغربي، حيث تتناثر القرى بين الجبال والسهول، تظل المرأة القروية مكونًا أساسيًا في بناء المجتمع رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها. هي التي تحمل على عاتقها مهامًا يومية شاقة، من العمل في الأرض ورعاية الأسرة إلى تحمل المسؤوليات التي تتجاوز قدرات الكثيرين، ومع ذلك، تظل حقوقها مهضومة ومكانتها في المجتمع غالبًا ما تكون مهددة.
فاطمة: نموذج من آلاف القصص
في إحدى القرى النائية بجنوب المغرب، تعيش فاطمة (42 سنة)، التي تربت في ظروف صعبة بعد وفاة والدها، وتربية إخوانها من قبل والدتها. توقفت عن دراستها في مرحلة مبكرة بسبب الضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي فرضتها تقاليد المجتمع المحلي. ورغم أنها لم تتزوج، فقد تحملت أعباء تربية أبناء شقيقها الراحل.
قررت فاطمة تأسيس جمعية محلية لتدعيم حقوق المرأة القروية، لكن محاولتها لم تمر دون معارضة شديدة من المجتمع الذكوري الذي حاول إغلاق كل نافذة تفتحها النساء للحديث عن حقوقهن. تقول فاطمة: “نحن النساء القرويات نعمل من الفجر حتى المساء، لكن عندما يأتي الحديث عن حقوقنا في القوانين، نُنسى. لا أحد يسأل عن حالنا أو يضمن لنا الأمان الاجتماعي”.
شهادات من الواقع
المرأة القروية ليست وحدها في هذا النضال، ففي منطقة أخرى، تواجه نجوى (45 سنة) تحديات مماثلة. بعد أن تركها زوجها دون طلاق رسمي، واجهت صعوبات كبيرة في تأمين لقمة العيش لأطفالها. تقول نجوى “لفاس 24”: “عندما كنت أحتاج لإثبات شيء قانوني لأطفالي، كان يطلب مني الرجوع إلى زوجي رغم أنه تركنا”. واضطرت للعمل في أعمال موسمية، لكنها كانت دائمًا تشعر بالتهميش. “كل ما أريده هو أن يشعر المجتمع بأنني امرأة قادرة على رعاية أولادي بمفردي دون الحاجة للاعتماد على شخص آخر”.
النساء في القرى: تحديات وقصص لا تنتهي
في قرية بعيدة عن مركز المدينة، تنقل فاطمة، امرأة أمازيغية في السبعين من عمرها، قصتها عن معاناتها اليومية، حيث تقول: “نحن هنا نعيش حياة صعبة للغاية. نتنقل بين العمل في الأرض ورعاية الأطفال. لا وقت لدينا للراحة، وكأننا خلقنا فقط لخدمة الآخرين”.
وفي القرى القريبة من الحسيمة، تحكي فاطمة (60 سنة) عن معركة المرأة القروية ضد العادات التي تقيدها. “الطلاق هنا ليس فقط محظورًا اجتماعيًا، بل يُعتبر وصمة عار. المرأة المطلقة تعيش حياة قاسية”.
المجتمع والتقاليد: قيود لا تنتهي
بالرغم من تحسن الوضع إلى حد ما، ما زالت القرى تعاني من نقص الفرص الاقتصادية والتحديات الاجتماعية التي تلاحق النساء. ويؤكد أحمد بن سعيد، رئيس جمعية محلية تدعم حقوق المرأة القروية، أن الوضع بدأ يتحسن ولكن بشكل بطيء جدًا. “نحتاج إلى المزيد من التعاونيات لتوفير فرص عمل دائمة للنساء، وإلى تثقيفهن حول حقوقهن القانونية”، يقول بن سعيد.
التحديات القانونية والمجتمعية: المرأة القروية في مواجهة العرف
من جهتها، تؤكد نورة المنعم في تصريح خصت به الجريدة الإلكترونية “فاس24″، ناشطة حقوقية، أن النساء القرويات يواجهن “ثقافة تهميش” تجعل من الصعب عليهن التعرف على حقوقهن، خاصة في قضايا الطلاق والعنف الأسري. وتضيف: “رغم وجود نساء في المجالس المحلية، إلا أنهن لا يتمتعن بأي تأثير حقيقي، إذ تظل القرارات بيد الرجال”.
وتدعو المنعم إلى ضرورة تعزيز التوعية القانونية في المناطق القروية وتوفير الدعم الاقتصادي للمساهمة في تغيير واقع المرأة القروية. كما تشدد على أن التعديلات القانونية يجب أن تراعي التحديات الخاصة بالنساء في القرى لضمان عدالة حقيقية.
النساء القرويات في المغرب يواجهون صراعًا دائمًا من أجل حقوقهن في ظل واقع صعب مليء بالتحديات. مع ذلك، هناك بصيص من الأمل في ظل الجهود المستمرة يقودها عاهل البلاد جلالة الملك محمد السادس و يبقى السؤال: هل سيتحقق التغيير المنتظر؟ وهل ستجد المرأة القروية مكانها في مجتمع يعترف بحقوقها ويضمن لها حياة كريمة خالية من التهميش؟