مجتمع

حادثة إنحراف الطائرة تكشف هشاشة “مطار فاس سايس”… هل من حلول قبل المواعيد الكبرى؟

حادثة إنحراف الطائرة التي وقعت مؤخراً في مطار فاس سايس، كانت بمثابة الشرارة التي أشعلت الجدل حول وضعية هذا المطار الحيوي، الذي لا يزال يعاني من اختلالات بنيوية وخدمية رغم المبالغ الطائلة التي تم تخصيصها لتطويره. الحادثة، التي هزت الأوساط المحلية والدولية، كشفت عن القصور الفادح في صيانة البنية التحتية للمطار، مما يضع مستقبل هذا المرفق الحيوي على المحك، خاصة مع اقتراب تظاهرات رياضية قارية وعالمية، مثل كأس العالم 2030.

الاختلالات البنيوية: “إهمال” يكشفه حادث الطائرة

إن حادثة إنحراف الطائرة في المطار، التي فاجأت الجميع، لم تكن سوى الحدث الأبرز في سلسلة من المشاكل التي لطالما تم التغاضي عنها من قبل المسؤولين. الصور المتداولة من موقع الحادث أظهرت جدارًا محيطًا بالمطار في حالة مهترئة ومهدد بالسقوط، وهو ما يسلط الضوء على الإهمال المستمر في صيانة المنشأة. فالمطار الذي يفترض أن يكون في أتم استعداداته لاستقبال التظاهرات الكبرى، يعاني من تدهور في بنيته التي تتطلب عمليات تجديد عاجلة.

مرافق المتدهورة: المطار يئن من نقص الصيانة

ما أثار القلق هو  الحديث عن غياب قنوات صرف صحي رئيسية متصلة بالقناة الكبرى،فيما يتم  صرف مياه المطار الغير الصحية صوب  الأراضي فلاحية او من خلال دوريات تدخل فرق التطهير لإخراج الحمولة من المطار، وهو ما جعل الروائح الكريهة تتسرب في محيط المطار، ما يُعد أمرًا غير مقبول في أي مطار دولي. هذا التدهور في البنية التحتية يشمل أيضًا الخراب داخل المرافق، حيث تم إقتلاع أحجار الرخام في بعض الأماكن في ساحة الاستقبال و تعرضت للصاينة مرارا   و التي يرجح ان يكون بسبب المياه المتسربة و التي يشهدها المطار مع كل تساقطات مطرية ، وهو ما يعطي انطباعًا سلبيًا للزوار. بالإضافة إلى ذلك، تراجع مستوى النظافة ، خاصة عند مدخل المطار و المراحيض و موقف السيارات، حيث تظهر أوضاع غير مريحة للمسافرين الذين يطالبون بتحسين الخدمة.

الاختلالات في خدمات المطار: الأزمات تتفاقم مع تصاعد الشكاوى

إن كان الجانب البنيوي يعاني من التأجيل المستمر للإصلاحات، فإن الخدمات اللوجستية داخل المطار لا تقل سوءًا. الشركة التي تدير موقف السيارات تفرض رسومًا مبالغًا فيها على الزوار، وهو ما يُعزز صورة المطار كمرفق لا يُلبي احتياجات المسافرين. أما المقاهي والمطاعم التي يقدمها المطار، فقد فقدت جودتها أيضًا، بعد أن استحوذت شركة واحدة على المرافق التجارية وأصبحت تفرض أسعارًا مرتفعة، وهو ما يجعل المسافرين يتساءلون عن غياب الرقابة على هذه الخدمات.

من جهة أخرى، تسيطر مقاولة واحدة على أغلب الإصلاحات داخل المطار، مما يثير تساؤلات حول شروط الصفقات وهل تتم وفق آلية شفافة أم عن طريق سندات طلب تُعطى للمقربين. كما تعاني شركات المناولة من نقص الالتزام بمعايير دفتر التحملات، مع ارتفاع الأسعار وتدهور الخدمات.

من بين الإشكاليات البارزة هي غياب الرقابة المستمرة على خدمات المناولة، ، تجعل الزوار و المسافرين  يشعرون بعدم الرضا تجاه الخدمات المقدمة و الذي كان قد تم تداوله على نطاق واسع في منصات الشبكات الإجتماعية وخاصة أمتعة المسافرين.  وتولي شركات جديدة تقديم هذه الخدمات يطرح علامات استفهام حول مستوى الالتزام من طرف الشركات بالمعايير المحددة في دفاتر التحملات.

التشغيل الداخلي: العاملون في المطار يعيشون واقعًا مريرًا

إن تسريح العشرات  من العاملين في شركات المناولة  بمطار فاس سايس يمثل إجراءً مروعًا يؤثر بشكل كبير على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة. هؤلاء العمال، الذين تم تسريحهم بعد 15 عامًا من العمل المتواصل، يمثلون نموذجًا للأوضاع المعيشية الصعبة التي يعاني منها العمال غير الرسميين في المرافق الكبرى مثل المطارات. واللافت في هذا الأمر هو غياب التعويضات أو حتى الأسباب المنطقية التي تبرر هذا الإجراء القاسي، مما يخلق أزمة اجتماعية إضافية في وقت تحتاج فيه البلاد إلى استقرار عمالي لتأمين المرافق الحيوية كالمطارات.

إن الإجراء الذي اتخذته إدارة المطار يعد انتهاكًا لحقوق العاملين، حيث أن هؤلاء كانوا قد أمضوا سنوات طويلة في خدمة المرفق دون أن يلقوا أي تقدير أو دعم بعد فترة عمل طويلة. الطرد المفاجئ دون تعويضات قانونية يسلط الضوء على ضعف التنظيم الداخلي في المطار و عدم الاهتمام بحقوق العاملين، وهو ما يعكس انعدام التوازن بين الجانب الاقتصادي و الجانب الاجتماعي في إدارة المطار،وما يورط إدارة المطار هو الإنتقائية في إعدام عائلات معظمها تنحدر من الدواوير المجاورة و تعيش وضع الهشاشة و الفقر المذقع لتجد نفسها خارج الخدمة بجرة قلم قاسية.

هل من حلول قبل كأس العالم 2030؟

مطار فاس سايس يواجه تحديات كبيرة لا تتعلق فقط بصيانة منشآته، بل أيضًا بتوفير خدمات تناسب حجم التظاهرات العالمية القادمة. مع اقتراب كأس العالم 2030 و كأس إفريقيا 2025، لا بد من تحرك للمكتب الوطني للمطارات و على وجه السرعة من أجل الوقوف على الإختلالات و تحسين البنية التحتية و خدمات المطار. من الضروري أن تُعطى الأولوية لتحسين أوضاع المرافق النظافة، وتوفير خدمات مريحة للمسافرين، لضمان سمعة جيدة للمغرب على المستوى القاري و الدولي،فحتى توسيع المطار في أفق تنزيل دفتر تحملات كأس العالم يجب ان تواكبه لجنة مركزية بعيدة عن إدارة المطار الحالية.

إن فشل المطار في تلبية هذه الاحتياجات قد يضع مستقبل تنظيم التظاهرات الكبرى في مطار فاس سايس على المحك، ويتطلب مراجعة عاجلة من الجهات المسؤولة لتفادي أي صعوبات قد تعرقل الجهود المبذولة لجعل المغرب وجهة متميزة على الساحة الدولية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى