جثة تُستخرج بعد أربع سنوات… وابن الستيني يُعيد فتح قبر الغموض لوجود شبهات جريمة قتل

في واقعة استثنائية وغير مألوفة، اهتز إقليم خنيفرة، وتحديداً قرية “كروشن”، على وقع حادث أعاد فتح جراح دفنت قبل أربع سنوات، حين أمر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ببني ملال، باستخراج جثة رجل مسن توفي سنة 2020 إبان ذروة جائحة كورونا، وذلك بعد طلب رسمي من نجله المقيم في فرنسا، والذي فجر مفاجأة مدوية: شكوك جدية تحوم حول ظروف الوفاة.
المعطى الصادم لم يكن فقط في توقيت إعادة فتح الملف بعد أربع سنوات، بل في خلفيات القضية التي لم تُطو بعد، والتي بدأت تأخذ طابعاً جنائياً محتملاً، خصوصاً بعد أن تداولت الأوساط المحلية تورط أسماء سياسية وازنة في المنطقة، من بينها مستشار جماعي، في ملابسات الوفاة التي وُصفت بأنها “غامضة”.
التحرك القضائي، السريع والحاسم، يعكس يقظة مؤسسة النيابة العامة في تتبع الشكايات الفردية مهما كان الزمن الذي يفصلها عن الواقعة الأصلية، ويؤكد أن العدالة في المغرب باتت أكثر استعداداً لنبش الملفات القديمة إذا ما توفرت المعطيات والشبهات المعقولة.
فبناء على أوامر الوكيل العام، انتقلت لجنة مشتركة تضم السلطات المحلية، عناصر الدرك الملكي، وأطباء شرعيين إلى مكان الدفن، حيث تم استخراج الجثة وسط استنفار أمني وشعبي، تمهيداً لإخضاعها لتشريح دقيق قد يحسم في مصير القضية، ويضع النقاط على حروف ظلت باهتة منذ 2020.
الأهمية الجنائية للملف لا تقل عن دلالته السياسية والاجتماعية؛ فأن تثار شبهة توريط منتخب محلي في وفاة رجل ستيني، خلال واحدة من أحلك الفترات التي عرفها المغرب والعالم، أي زمن الجائحة، يُلقي بظلال ثقيلة على مناخ الثقة في بعض النخب المحلية، ويطرح أسئلة محرجة حول السلطة التي تمارس في الظل، وكيفية استخدام النفوذ في التستر أو طمس معالم الحقيقة.
وإذا ثبت فعلاً أن هناك “خيطاً سياسياً” في هذا الملف، فإننا أمام ما يشبه “زلزال أخلاقي” محلي، يستدعي إعادة النظر في طريقة اختيار ممثلي السكان، وتوسيع التحقيقات لتشمل جميع من راكموا سلطة زمن الأزمة دون رقابة.
من جهة أخرى، يسلط هذا الملف الضوء على أهمية أفراد الجالية المغربية بالخارج في تتبع ملفات ذويهم، وحرصهم على كشف الحقيقة، مهما طال الزمن أو كثُرت العراقيل. إذ لم يتردد الابن، من محل إقامته في فرنسا، في طرق أبواب القضاء وإحياء ملف قد يكون دفن تحت غبار الوباء والصمت والتواطؤ.
التحقيقات التي تُباشرها عناصر الدرك الملكي، تحت إشراف مباشر من النيابة العامة، مرشحة للكشف عن معطيات مثيرة في قادم الأيام، في وقت يتصاعد فيه الترقب محلياً وإعلامياً، لمعرفة ما إذا كنا أمام مجرد وفاة طبيعية أُعيد تأويلها بعد فوات الأوان، أم أمام جريمة مقنّعة دفنت مع جثة لم تُسأل بما يكفي.
في الانتظار، يبقى عنوان المرحلة: لا جريمة تسقط بالتقادم… ولا قبر يُغلق دون مساءلة.