تفكيك محاولة تهريب 53.63 كلغ من الكوكايين : عملية نوعية ودلالات أمنية واستراتيجية

أفادت مصادر أمنية بأن عملية مشتركة بين عناصر الأمن الوطني والجمارك بمعبر الكركارات الحدودي جنوب مدينة الداخلة، أسفرت عن إحباط محاولة تهريب دولي لمخدر الكوكايين، وحجز 53 كيلوغراماً و630 غراماً منه (أي ما يقارب 53.63 كلغ). العملية، التي اعتمدت على مراقبة دقيقة وإجراءات تفتيش ميدانية شاركت فيها الكلاب المدربة، كشفت مخابئ محكمة داخل هيكل معدني لشاحنة للنقل الدولي حملت لوحات ترقيم أجنبية، وكان مصدرها حسب المعطيات الواردة إحدى دول أفريقيا جنوب الصحراء، قبل أن يتخلى سائقها عنها داخل المعبر.
فتحت المصالح المعنية بحثاً تمهيدياً بإشراف النيابة العامة المختصة للكشف عن ظرف وملابسات هذه العملية وتحديد هوية جميع المتورطين، ورصد امتدادات الفعل الإجرامي داخلياً وإقليمياً ودولياً. وتخللت العملية استعمال تقنيات التفتيش التقليدية (تفتيش هيكلي ووقوف فحوص البوليسية) والاعتماد على كلاب مدرّبة للكشف عن آثار المواد المخدرة، ما ساهم في ضبط الشحنة المخفية بعناية داخل تجاويف الشاحنة.
كمية ضبطت — ما يزيد عن 53 كلغ — تجعل من هذه المحاولة محاولة ذات طابع منظّم وغير عابرة؛ فهي تتجاوز حجم الاستعمال الفردي أو التوزيع المحلي العادي، ما يدفع إلى افتراض ارتباطها بشبكات إجرامية متخصِّصة في التهريب الدولي. كما أن طريقة الإخفاء داخل هيكل الشاحنة ونوع النقل الدولي المستخدم يشيران إلى مستوى من المهنية في أساليب التمويه، ما يعكس أن تلك الشبكات تستثمر في وسائل لوجيستية معقدة لتفادي التفتيش.
وقوع العملية في معبر الكركارات، جنوب الداخلة، يضعها ضمن سياق نقاط عبور استراتيجية قد تستخدم لربط طرق التهريب القادمة من دول أفريقيا جنوب الصحراء نحو شمال القارة أو إلى شواطئ تصديرية. هذه المعابر الحدودية تصبح، وفق المعطيات، مسرحاً لصراع دائم بين محاولات تهريب متطورة وجهود المصالح الأمنية الرامية إلى قطع طريق هذه الشبكات.
التعاون بين الأمن الوطني والجمارك، مع توظيف الوحدات الكلبية والتفتيش الفني، يعكس نَضجاً في آليات العمل الميداني والاعتماد على مقاربة مخاطر مبنية على المعلومة. ضبط مثل هذه الشحنات يتطلب تنسيقاً استخبارياً وسرعة في الاستجابة الميدانية، وهذا ما أظهرته العملية، وهي إشارة إلى أن التصدي للتهريب يمرّ حتماً عبر تعزيز شراكات بين مصالح تنفيذية مختلفة داخل الدولة ومع شركاء خارجيين عند الاقتضاء.
من المتوقع أن تشتمل المراحل التالية للتحقيق على: تحاليل مخبرية لتحديد نقاوة ومصدر المادة المخدرة، تتبع سجلات الشاحنة ولوحات ترقيمها لتحديد هوية صاحبها ومسارها، استدعاء والتحقيق مع أي مشتبه بهم، وربما تفعيل قنوات تعاون دولية لتتبع جذور الشبكة في بلد الانطلاق أو عبر مسارات التهريب. كما قد يُفتح ملف للتحري الاقتصادي والمالي لشلّ آليات الدعم اللوجستي لهذه العمليات.
تعزيز آليات الفحص التقني: نشر أجهزة مسح مسرّعة وفحوص هيكلية متطورة في المعابر الحساسة لتقليص الاعتماد على التفتيش اليدوي فقط.
-
تقوية المعلومة الاستخباراتية: توسيع تبادل المعلومات بين الأمن والجمارك والدرك والجهات الدولية والإقليمية.
-
مراقبة الشركات اللوجستية: فتح تحقيق إداري حول شبكات النقل الدولي المستخدمة وتدقيق في تراخيصها ومساراتها.
-
بناء قدرات ميدانية: تدريب إضافي لوحدات الكلاب والتنقيبات الفنية وتعميم ممارسات التفتيش الرشيد الذي يوازن بين الأمن وحرية النقل التجاري المشروع.
تأتي هذه العملية كمؤشر ملموس على قدرة الأجهزة الأمنية المختصة على كشف محاولات تهريب محكمة التنظيم، وتؤكد على أهمية الاستمرار في نهج تكاملي بين الجمارك والأمن والهيئات القضائية للتصدّي لشبكات الجريمة العابرة للحدود. ومع فتح التحقيق، يبقى الأهم هو متابعة امتدادات هذه القضية وتفكيك كل حلقات السلسلة اللوجيستية والمالية التي تسمح بتمرير مثل هذه الشحنات، لضمان أن تظل المعابر الوطنية آمنة وحصينة أمام محاولات الإجرام الدولي.






