تغييرات شاملة في نظام الإجازة والماستر.. وزارة التعليم العالي تعيد هيكلة التكوين الجامعي بالمغرب

في خطوة إصلاحية كبرى تستهدف الرفع من جودة التكوين الجامعي وملاءمته مع متطلبات سوق الشغل، اعتمدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار هندسة بيداغوجية جديدة لأسلاكي الإجازة والماستر، من المنتظر تفعيلها ابتداء من الموسم الجامعي المقبل 2025–2026. التعديلات التي تمت بلورتها على ضوء سلسلة من الاجتماعات والاقتراحات المقدّمة من شبكات العمداء وندوة رؤساء الجامعات، تمثل منعطفاً مهماً في مسار إصلاح التعليم العالي بالمغرب
التعديلات الجوهرية التي كشفت عنها وثيقة رسمية صادرة عن الوزارة، تهم أساساً إعادة هيكلة الوحدات البيداغوجية وتقليص عدد وحدات المهارات واللغات، مع ضبط معايير التسجيل والتنسيق البيداغوجي، وهي تغييرات جاءت لتكسر نمطية التكوين الجامعي التقليدي وتعيد ترتيب الأولويات بما يواكب التحولات التكنولوجية والعلمية الراهنة
ففي ما يخص وحدات المهارات، سيتم تقليص عددها وتكييفها حسب طبيعة كل مسلك، مع إمكانية برمجة وحدة “المقاولاتية” في سلك الماستر بدل الإجازة. أما وحدات اللغات الأجنبية، فستعرف تقليصاً واضحاً، مع إلغاء الاستثناء الذي كان يفرض استيفاءها، كما سيُسمح بإعفاء الطلبة المتفوقين في اختبارات تحديد المستوى من هذه الوحدات. ويُرتقب اعتماد التكوين الحضوري في اللغات، مع إحداث مراكز لغوية متخصصة لدعم اللغات التطبيقية المرتبطة بمجالات التخصص
على مستوى هيكلة التكوين، سيتم تسجيل الطلبة الجدد في “الجذوع الوطنية المشتركة” بدل التوجيه المباشر نحو المسارات، خاصة في تخصصات كالكيمياء والبيولوجيا والمعلوميات، وهو تعديل يهدف إلى تعزيز مرونة التكوين وتيسير الانتقال بين المسالك. أما في سلك الماستر، فسيُبرمج مشروع نهاية الدراسة بعد إتمام الفصول الثلاثة الأولى، ما يمنح الطالب وقتاً كافياً لإنجاز مشروعه التطبيقي أو البحثي بشكل أعمق
أما بخصوص التنسيق البيداغوجي، فقد تقرر أن يشرف رئيس الشعبة على فصول الإجازة، بينما يتولى أستاذ من الفريق البيداغوجي مسؤولية تنسيق مسالك الماستر، في خطوة تهدف إلى ضبط أكبر لجودة التأطير البيداغوجي والرفع من مستوى المواكبة الأكاديمية
الوزارة باشرت فعلياً تنزيل هذه التعديلات، حيث جرى عقد اجتماعات حاسمة مع شبكات العمداء وندوة رؤساء الجامعات خلال أواخر يونيو، ويجري حالياً إعداد دفاتر الضوابط البيداغوجية الوطنية، مع مراجعة مضامين الجذوع المشتركة ووحدات المهارات واللغات. كما تقرر إصدار مذكرة تسجيل الطلبة الجدد في الجذوع المشتركة يوم 9 يوليوز الجاري
ويُنتظر أن تتم المصادقة النهائية على هذه التعديلات من طرف اللجنة الوطنية لتنسيق التعليم العالي بين 7 و11 يوليوز، على أن تنطلق عملية تقديم الجامعات لطلبات تعديل المسالك عبر المنصة الوطنية ابتداء من 15 يوليوز وحتى 12 شتنبر، على أن يبدأ العمل فعلياً بالهندسة الجديدة يوم الاثنين 15 شتنبر
هذا التحول يأتي في وقت يشهد فيه قطاع التعليم العالي تحديات متسارعة، تفرض إعادة نظر شاملة في طرق التدريس، وتفتح الباب أمام دينامية جديدة للتكوين الجامعي، قوامها التخصص والكفاءة والملاءمة مع تحولات الاقتصاد وسوق العمل. فهل تنجح هذه الإصلاحات في تحقيق النقلة النوعية المنشودة؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة