تصعيد نقابي جديد في التعليم.. تأجيل محاضر الخروج يفجّر الغضب والوزارة تتجه نحو المجهول

في خطوة مفاجئة أعادت أجواء التوتر والاحتقان إلى قطاع التعليم، أصدرت وزارة التربية الوطنية مذكرة تطالب الأكاديميات الجهوية بتأجيل توقيع محاضر الخروج بالنسبة لهيئة التدريس المشاركة في التكوينات المتعلقة ببرنامج “إعداديات الريادة”، إلى حين انتهاء هذه الدورات، التي قد تمتد لما بعد الخامس من يوليوز، متجاوزة بذلك التاريخ الرسمي لاختتام السنة الدراسية.
هذا القرار الذي وصفته النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية بـ”التعسفي والارتجالي”، فجّر موجة غضب عارمة وسط الأطر التربوية، التي اعتبرت أن الوزارة تتعامل بمنطق فرض الأمر الواقع، دون أي اعتبار للحقوق الإدارية والمهنية أو التزامات الأطر التعليمية.
وفي بيان ناري مشترك، أعلنت النقابات رفضها التام لما أسمته “أسلوب التدبير الأحادي والمرتبك”، مؤكدة أن ما يحدث لا يمت بصلة لأي مقاربة تشاركية حقيقية، بل يعمّق الأزمة المتفاقمة داخل المنظومة، داعية نساء ورجال التعليم إلى مقاطعة هذه التكوينات “العشوائية”، محمّلة الوزارة كامل المسؤولية عن تداعيات هذا القرار غير المحسوب العواقب.
الغضب النقابي لم يتوقف عند هذه النقطة، بل أعاد إلى الواجهة قائمة طويلة من المطالب العالقة التي تجاهلتها الحكومة منذ شهور، في مقدمتها صرف التعويضات التكميلية لأساتذة الابتدائي والإعدادي وأطر الدعم، والتعويضات عن العمل بالمناطق النائية والصعبة بأثر رجعي يعود إلى شتنبر 2024، إلى جانب تسوية وضعية الأساتذة الموقوفين على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات، وفتح ملف الترقية من السلم 10 إلى السلم 11 لمن استوفوا 14 سنة أقدمية، مع احتساب الأثرين الإداري والمالي.
كما دعت النقابات إلى تصفية متأخرات الترقية لسنوات 2021 و2022 و2023، واسترجاع المبالغ المقتطعة من أجور المتصرفين التربويين، وتسوية ملفات الأساتذة العرضيين ومنشطي برامج التربية غير النظامية، وحاملي قرارات التعيين المجمدة. وأكدت أن استمرار الوزارة في تجاهل هذه الملفات يعمّق مناخ التهميش ويهدد بتفكك المنظومة.
وفي ظل ارتفاع كلفة المعيشة وتفاقم الغلاء، عبّرت النقابات عن قلقها الشديد من تدهور الأوضاع الاجتماعية والمهنية للأطر التعليمية، محذّرة من أن تجاهل الحكومة لتفعيل مقتضيات اتفاق يناير 2023 – خاصة ما يتعلق بإصدار النظام الأساسي الجديد – سيدفع الأسرة التعليمية إلى أشكال تصعيدية غير مسبوقة.
البيان المشترك شدد أيضاً على ضرورة احترام المذكرة الوزارية رقم 077.24 المتعلقة بمحاضر الدخول والخروج، وخاصة لفئة المفتشين، مع التعجيل بصرف مستحقات الأساتذة المنتقلين بين الجهات ضمن حركة 2024.
وفي لهجة إنذار واضحة، ختمت النقابات بيانها بالتأكيد أن “صبر الشغيلة التعليمية بلغ حدوده القصوى”، وأنه “لا يمكن الحديث عن بداية موسم دراسي جديد في ظل هذه الأوضاع المتأزمة دون استجابة فعلية للمطالب العادلة والمشروعة”.