تصاعد عنف المهاجرين جنوب الصحراء يثير القلق بالمغرب: تحذيرات من انفجار اجتماعي وضرورة تدخل عاجل

تشهد عدد من المدن المغربية في الآونة الأخيرة موجة غير مسبوقة من أعمال العنف المرتبطة بخلافات بين مجموعات من المهاجرين غير النظاميين المنحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، ما بات يُنذر بتحول الظاهرة إلى تحدٍّ أمني واجتماعي يتجاوز الطابع الفردي والمعزول.
ففي أحدث واقعة، اندلعت مواجهات عنيفة بين مهاجرين غير نظاميين في إحدى المناطق شبه الحضرية، بعدما تطور خلاف بسيط حول تقاسم أماكن الإيواء وفرص العمل الموسمي إلى صدامات دامية استُعملت فيها العصي والحجارة، مخلفة حالة من الذعر الشديد في صفوف السكان المحليين، خصوصًا الأطفال والنساء.
ورغم محاولات بعض الأهالي التدخل لاحتواء الموقف، فإن وتيرة الاشتباكات تصاعدت بشكل خطير، مما اضطر العديد من الأسر إلى الاحتماء داخل منازلها، مخافة انتقال أعمال العنف إلى الأزقة المجاورة. الحادث استدعى تدخلاً سريعًا للسلطات، حيث جرى تطويق المكان من طرف مصالح الدرك الملكي والقوات المساعدة، التي تمكنت من السيطرة على الوضع وتوقيف عدد من المتورطين.
ورغم أن الواقعة مرت دون تسجيل خسائر في الأرواح، إلا أنها تسلط الضوء على تنامي ظاهرة العنف داخل أوساط بعض المهاجرين غير النظاميين، والتي لم تعد تقتصر على مناطق الهامش، بل سُجلت في الأسابيع الماضية حالات مماثلة في كل من الدار البيضاء، المحمدية، الناظور، أكادير، واشتوكة، ما يكشف عن تطور مقلق يستدعي معالجة أمنية واجتماعية عاجلة.
يعتبر العديد من المتتبعين أن اشتداد حدة العنف بين المهاجرين يعكس هشاشة أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، سواء من حيث ظروف الإيواء العشوائي أو المنافسة على فرص العمل المحدودة، لا سيما في قطاعات مثل الفلاحة والبناء. وتتحول هذه التوترات اليومية إلى مواجهات عنيفة، خصوصًا في ظل غياب إطار قانوني ينظم وضعيتهم أو يضمن اندماجهم في النسيج الاجتماعي المغربي.
ومع تزايد تدفقات الهجرة جنوب الصحراء، أصبح من الملح إعادة النظر في المقاربة المعتمدة، من خلال تفعيل سياسات اندماج أكثر شمولاً، ومواكبة أمنية صارمة تضمن احترام النظام العام وحقوق السكان المحليين في الأمن والاستقرار.
في ظل هذا التصاعد المقلق، ترتفع الأصوات المطالبة بتدخل حازم من طرف السلطات لضمان السلم الاجتماعي، من دون المساس بحقوق الإنسان أو المعايير الدولية المرتبطة بحماية المهاجرين. ويؤكد مراقبون أن استمرار هذه الأوضاع، دون تدبير محكم ومقاربة وقائية، قد يؤدي إلى توترات مجتمعية أكثر تعقيدًا، وربما يفتح الباب أمام استغلال الظاهرة لأغراض شعبوية أو عنصرية.
إن المغرب، الذي اختار منذ سنوات سياسة هجرة وإنسانية رائدة في محيطه الإقليمي، مطالب اليوم بإيجاد توازن دقيق بين احترام التزاماته الحقوقية، وضمان أمن المواطنين واستقرار الأحياء التي تعرف كثافة في تواجد المهاجرين، خاصة حين يتحول هذا التواجد إلى بؤر للتوتر والعنف.