سياسة

تحليل إخباري :انتكاسة المشهد السياسي بالمغرب مع بروز حزب “الوزيعة”

بعد أن نجح الملك محمد السادس في التجاوب مع احتجاجات الربيع العربي ،و فتح المجال لصعود حزب إسلامي ليكون رئيسا للحكومة في ظل الدستور الجديد و الذي منح للحكومة صلاحيات واسعة.
صلاحيات واسعة حصل عليها حزب العدالة و التنمية الذي يتبنى الاديولويجة الإسلامية بهتا وزورا،إذ تبين أن الحزب استعمل وروج لمصطلح الإسلام من اجل عمل سياسي و انتزاع المقاعد البرلمانية في زمن كان المغاربة يتخوفون من زحف الربيع العربي ووصول أتباع إخوان المسلمين إلى البلاد،بعد أن تبين أن الإسلاميين المغاربة يكنون الولاء لجماعة الاخوان المسلمين من خلال حركة التوحيد و الإصلاح،و الاستعداد في تنفيذ مخطط قطر الاخواني و كذلك إيديولوجية أردوغان تركيا من اجل التوسع في شمال إفريقيا،و الذي ظهر جليا و بالملموس ما يقع في ليبيا.
النظام المغربي،و منذ صعود الملك محمد السادس إلى الحكم لم يسجل عليه أن تدخل في الانتخابات أو غلب كفة حزب على حزب،بل ترك الديموقراطية ان تبرز في أوجها في دولة هي الأولى في شمال إفريقيا و العالم العربي تبنت الابتعاد عن الأحزاب و ترك مسافة الأمان للمنافسة الحرة و الديموقراطية.
و بعد ان كان بعض الموالين لحزب العدالة و التنمية و الغاضبون من الأحزاب التقليدية و التي كانت متخندقة في ما يسمى بالكتلة الديموقراطية،أو الاحزاب التي كان يطلق عليها أحزاب المخزن،و كذلك حزب “البام” الذي كان يحاول ان يبرز كبديل سياسي في المغرب غير أن هبوب رياح الربيع العربي عام 2011 قزمت من قوته و قصت أجنحة صقوره.
تقلد حزب العدالة و التنمية رئاسة الحكومة وسيطر على مختلف الوزارات في عز “الغفلة” و “دوخة” الربيع العربي،و كان بنكيران يقدم نفسه انه هو المنقذ و المهدئ للاحتجاجات الشعبية،غير أن واقع الحال حزب العدالة و التنمية كان يشكل اقل من 1 في المائة من التيارات التي فظلت النضال الحقيقي من اجل مصالح الشعب،بالمقابل الإسلاميين المتمثلين في أتباع بنكيران كانوا يناورون من اجل مصالحهم و الوصول إلى الحكم للبس جلباب المخزن الذي كانوا يحاربونه في الأمس القريب.
ومع صعود نجم بنكيران إلى رئاسة الحكومة،حتى تحول إلى كف عفريت و متسلط على هموم المواطن،فبعد أن ذاق حلاوة السلطة هو و إخوانه الذين جاءوا حفاة عراة،حتى دخلوا في تغيير ملامحهم من خلال وصفات التجميل و كذلك تغيير البيوت و الزوجات إلى محاولة السيطرة على الدولة، بعد أن قاد بنكيران اكبر عملية إنزال و اختراق لدهاليز الدولة فيما يخص التوظيفات و التي كانت تقتصر على الموالين،فحتى التعيينات الحكومية في المناصب السامية عادت إلى أبناء العدالة و التنمية.
بالمقابل سلط رئيس الحكومة بنكيران سيفه على القدرة الشرائية للمواطن،من خلال الإنهاء مع صندوق الماقصة،و الرفع من تسعيرة المحروقات ،إلى خلق ضرائب جديدة و إطلاق العنان لمحاصرة المواطن في الماء و الهواء،و الاشتغال بعقلية دولة حزب العدالة و التنمية داخل الدولة المغربية،مع تنزيل مخطط ممارسة “التقية” مع النظام و السلطة،من اجل إنجاح التوغل داخل الدولة التي كانت تستجمع قواها بعد رياح الربيع العربي.
و مع مرور الوقت و إبعاد بنكيران و استقدام العثماني و التصدع الذي كان أن يفجر حزب العدالة و التنمية بسبب الكعكة الوزارية و المناصب السامية،و بعد الفشل الحكومي الذي ظهر مع بروز جائحة فيروس كروونا المستجد و التي نالت من المغاربة و أرهقت قوتهم اليومي و الاجتماعي،و صار الجميع يفكر في كيفية الخروج بأقل خسارة و هو يواجه فيروس قاتل،كان وزراء حزب العدالة و التنمية ينعمون بالأجرة الشهرية و التعويضات السمينة و كان زعيمهم بنكيران يتوصل بالملايين و هو يحتسي الكؤوس بفيلا الليمون،فيما الشعب كان يصعد الى الجبال للبحث عن “الريزو” لتصل رسالة قصيرة تدعوهم إلى وصول دعم الدولة للمواطنين الذين نالت من قوتهم جائحة فيروس كورونا.
و مع بداية الموسم السياسي في زمن كورونا،و دعوة الجهات العليا ووزارة الداخلية إلى احترام وقت الانتخابات التشريعية رغم الجائحة و الوباء،لان الديموقراطية لا يمكن لعجلتها أن تتوقف،و بعد ذلك دخلت الأحزاب في المشاورات حول الكيفية الانتخابية.
الكيفية الانتخابية كانت كافية لحزب العدالة و التنمية أن يكشر مرة أخرى على أنيابه و يدفع بقياداته الحزبية إلى مهاجمة الدولة و الدخول في الوعد و الوعيد،و ذلك بعد أن كان الحزب الإسلامي تحول الى حزب “وزيعة المناصب الحكومية و السامية و اختراق دهاليز الدولة،و دون ان يعرفوا ان قواعدهم الانتخابية أنها فطنت لخططهم المصلحية و ان العثماني و بنكيران ووزراء العدالة و التنمية ورؤساء الجماعات نجوا بجلدهم و تركوا المواطن يواجه الموت المحقق.
القاسم الانتخابي كان كافيا،ان يظهر ان حزب العدالة و التنمية ذات المرجعية الإسلامية بهتا وزورا،انه حزب ديكتاتوري قمعي إقصائي،و الذي يرفض تغيير القاسم الانتخابي للإبقاء على مصالحه رغم أن المغاربة لا يصوتون منهم إلا 20 في المائة،إلا أن “البيجيدين” رفعوا شعار العصيان و الدخول في حرب مع الأحزاب و في مواجهات حارقة مع وزارة الداخلية التي تسهر على التهييئ للانتخابات .
و يدفع حزب العدالة و التنمية في عز أزمة كوورنا التي تضرب المغرب،و في عز الازمة الاقتصادية و الاجتماعية التي تمر بها البلاد و التي لن تخرج منها متعافية،الى المزيد من “الوزيعة” و ذلك من خلال الضغط لإضافة 30 مقعدا جديدا بالبرلمان، و كذلك الرفع من معاش البرلمانيين ،و كأن واقع الحال أن هؤلاء هم من سيخرجون البلاد و العباد من تداعيات فاشية كورونا.

فاس 24: عبدالله مشواحي الريفي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى