بعد سقوط الميزانية وشبح السجن.. هل يشتد الخناق على عمدة فاس؟ لائحة “الأعوان الأشباح” قد تعجل بمحاكمة البقالي و”تطهير” الجماعة!

شهدت جماعة فاس مؤخراً تطورات دراماتيكية تنذر بأزمة حقيقية وتفكك غير مسبوق في الأغلبية المسيرة، مما يضع عمدة المدينة عبد السلام البقالي على حافة المساءلة، تحت ضغط المعارضة وأعضاء من أغلبية تائهة. فبعد إسقاط مشروع ميزانية 2026 في دورة أكتوبر، تتجه الأنظار الآن نحو ملف “الأعوان العرضيين”، الذي بات يمثل قنبلة موقوتة تهدد بكشف شبكة فساد واسعة.
بات واضحاً أن الأغلبية التي يترأسها البقالي تعاني من تفكك داخلي عميق. وقد تجلى ذلك بوضوح في الجلسة الثانية لدورة أكتوبر، حيث سُجل غياب واضح لأعضاء الأغلبية، مما أسفر عن إسقاط مشروع ميزانية سنة 2026. حيث صوت 15 عضواً معارضاً ضد المشروع، مقابل 12 صوتاً فقط مؤيداً. هذا التصويت، الذي يُعتبر سابقة قوية، يؤكد أن العمدة فقد السيطرة على مجلسه، وأن الخناق بدأ يشتد حول عنقه.
تصاعدت حدة المطالب بالكشف الفوري عن لائحة الأعوان العرضيين التي تضم حوالي 1000 اسم. المثير هو أن هذه المطالب لم تعد مقتصرة على فرق المعارضة، بل انضم إليها أعضاء من الأغلبية المنهارة. ويأتي هذا الضغط نتيجة اتهامات مباشرة بـ”إقحام أشخاص لهم ارتباطات مهنية أخرى” و”محسوبين على حزب الأحرار”، وذلك لاستغلالهم في خدمة أغراض انتخابية على حساب المال العام.
المطالبة بالكشف عن اللائحة، والتي أكد رئيس المجلس استعداده للقيام بها، هي إجراء ضروري “حتى تُنهي كل الاتهامات والتأويلات، ويُعرف من هم الأعوان الفعليون ومن هم الأشباح”، كما قال أحد أعضاء التحالف. الهدف واضح: تحديد نصيب كل مقاطعة للكشف عن عملية توظيف مُسيَّسة وفاسدة.
هذا الضغط الداخلي والخارجي يتزامن مع تحذيرات ومخاوف جدية بشأن الوضع القانوني لعمدة فاس. فبعد إسقاط الميزانية وتحول ملف الأعوان العرضيين إلى فضيحة محتملة، باتت التكهنات تدور حول ما إذا كانت ساعة ملاحقة عبد السلام البقالي قد حانت مرة أخرى في ملفات فساد خطيرة. فالسجن الذي ينتظر العمدة، والمُقدَّر بستة أشهر بسبب شبكة الفساد في الجماعة، يُضيّق الخناق حوله أكثر.
إذا كُشفت لائحة الأعوان العرضيين وثبت وجود أعوان أشباح أو محسوبين، فستكون هذه بداية النهاية. هذا الكشف سيُنهي حقبة البقالي وشركائه، ويفتح الباب أمام ملاحقة قضائية لكل من العمدة والمستفيدين من هذه التوظيفات المشبوهة.
في ظل هذه الأجواء، وبعد انهيار الأغلبية وإسقاط الميزانية، يصبح التدخل العاجل لمصالح وزارة الداخلية أمراً لا مفر منه. يجب على الوزارة إيفاد لجنة مركزية للتحقيق الواسع في ملف العمال العرضيين، وكذلك في الاختلالات التي أدت إلى احتجاجات الأعوان أنفسهم للمطالبة بمستحقاتهم.
إن جماعة فاس، العاصمة العلمية للمملكة، لا يمكن أن تستمر تحت وطأة هذه الاتهامات والتدبير العشوائي. والمطلوب اليوم هو عملية “تطهير” شاملة تبدأ بكشف لائحة “الأعوان الأشباح” وتنتهي بمساءلة كل المتورطين في هدر المال العام واستغلال الوظيفة لأغراض انتخابية. الخناق يشتد، وساعة الحسم قد تكون وشيكة.






