الزليج الفاسي بين “بوز” كاتب الدولة و رئيس غرفة الصناعة التقليدية وصرخة الصناع: حينما تُهدد آليات “الشينوا” هوية المغرب التاريخية!

في زمن كثرت فيه الخرجات الإعلامية “الخاوية على عروشها”، يواصل كاتب الدولة لحسن السعدي تقديم عروض إعلامية براقة بلا مضمون، مكرراً مشاهد توقيع الاتفاقيات التي تذروها الرياح فور انتهاء عدسات الكاميرا من التقاط الصور. فكما هي عادة الناجي الفخاري رئيس الغرفة الجهوية للصناعة التقليدية، أصبح الهمّ الأكبر هو الركض وراء “البوز”، والسفريات لاعضاء الغرفة، واللقاءات البروتوكولية، فيما تُترك مشاكل الصانع التقليدي في زاوية منسية لا يزورها إلا من اكتوى بجمرها.
فاس… موطن الزليج المهدد
مدينة فاس، عاصمة الحضارة المغربية، تعيش اليوم انتفاضة حقيقية يقودها الاتحاد العام للشغالين دفاعاً عن قطاع الزليج التقليدي، الذي بات على شفا الانقراض. ولم يعد التهديد فقط من الداخل بفعل سوء التسيير، بل امتدت الأيادي إلى محاولة تحويل الصناعة إلى نسخة “شينوا”، تقطع مع الهوية وتفرغ الزليج الفاسي من روحه الإبداعية.
الاجتماع الأخير الذي نظمه المكتب الإقليمي لاتحاد العام للشغالين بفاس كشف عن عدة اختلالات خطيرة، من بينها:
أزمة المواد الأولية، خصوصاً الطين، ما يهدد استمرار الصناعة التقليدية.
دخول الآلات القادمة من الصين في قطع الزليج، ما يشوه جمالية القطعة اليدوية ويقضي على الحرفة الأصلية.
فوضى فتح محلات الزليج دون مراقبة.
تراجع جودة الصباغة المستعملة في الطلاء.
عزوف الشباب عن تعلم المهنة، بسبب غياب مراكز تكوين متخصصة.
تهميش صناع النقش وحرمانهم من أحياء حرفية تليق بمكانتهم.
اتفاقيات… إلى متى؟
رغم توقيع مجموعة من الاتفاقيات بغلاف مالي ضخم تجاوز 250 مليون درهم، شملت تأهيل مناطق الصناعة التقليدية وبناء أفرنة غازية بيئية وبرامج دعم وتكوين، إلا أن التنفيذ لا يزال يسير بسرعة الحلزون. وكأن هذه الاتفاقيات لم تكن سوى أوراق تزين رفوف المكاتب وتُعرض عند الحاجة إلى التبرير أو التجميل الإعلامي.
التوصيات الصادرة عن الفاعلين المهنيين لم تخلُ من الواقعية:
تسريع تفعيل الاتفاقيات المدرجة في برنامج التنمية الجهوية.
ضبط الورشات المستعملة للآلات التي تسيء للزليج التقليدي.
إحداث علامات جودة لحماية الرسومات من التقليد.
إنشاء مراكز تكوين مهني تحفز الشباب على الانخراط في هذا القطاع.
تفعيل دور الحسبة والأمين وفق القوانين المنظمة لضبط القطاع.
الإسراع في تجهيز حي الصناعة التقليدية بعين البيضا.
الصرخة وصلت البرلمان:
الاتحاد العام للشغالين لم يكتف بالاحتجاج، بل أوصل صوته إلى قبة البرلمان، مطالباً كاتب الدولة بتحمل مسؤوليته إزاء واقع الحرفيين الذين يعانون من:
شروط تعجيزية للاستفادة من الدعم.
صعوبات في استيراد المعدات.
ضعف التغطية الصحية.
حرمان من الطلبيات العمومية.
وختموا السؤال البرلماني بسؤالٍ مباشر:
“أين أنتم من حماية هذا التراث الوطني المهدد؟ ومتى تعود الصناعة التقليدية إلى أهلها الحقيقيين؟”
في الختام، لا مستقبل للزليج الفاسي ما دام البريق الإعلامي هو شاغل المسؤولين، والصناع غارقون في المعاناة. آن الأوان أن يُعاد الاعتبار لهذا الموروث الحضاري، قبل أن نقرأ عليه الفاتحة… باسم التنمية.