الحكومة مهددة بمواجهة الأزمات و الفشل بسبب مشروع قانون المالية

جاءت الحكومة بمشروع قانون المالية لسنة 2025، المطروح على البرلمان، مرفقا بمجموعة من الفرضيات والاحتمالات البعيدة كليا عن الواقع الذي يعيشه المغاربة، والتحديات الإقليمية والدولية والإنتاج الفلاحي، بحيث يبرز عدم استحضارها لهذه التأثيرات على مشروع المالية، وتبرر دائما عدم وصولها للأهداف بهذه العوامل، الشيء الذي يكشف عدم مصداقية الحكومة أمام الرأي العام الوطني.
تواصل الحكومة للعام الرابع على التوالي تقديم قوانين مالية بعيدة في تطلعاتها وفرضياتها ونتائجها عن معطيات الواقع، حيث جاءت الحكومة بمشروع قانونها المالي ما قبل الأخير من ولايتها الذي يهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي يقدر بـ 4.6 في المائة بناء على فرضيات تحدد معدل التضخم في 2 في المائة، والمحصول الزراعي من الحبوب في 70 مليون قنطار، ومتوسط سعر غاز البوتان في 500 دولار أمريكي للطن.
فالحكومة لديها رؤية خاصة للواقع الاقتصادي والاجتماعي، لكنها لا تعترف بالاختلال الحاصل في التوازن على مستوى تدبير النفقات وتوزيع الميزانيات بين القطاعات، سواء المدنية أو العسكرية أو الاجتماعية أو الاقتصادية الكبرى، الشيء الذي يبرز ضعف التدبير الحكومي في تحقيق التوازن بين معدل الإنفاق العام، سواء الاجتماعي أو الاقتصادي والاستثماري، مما يجعل من الصعب عليها تحقيق الأهداف التي رسمتها في برنامجها الأول، بحيث قد تسقط هذه الحكومة في أزمة اقتصادية صعبة قبل مغادرتها.
يبدو أن الحكومة تجد تحديات وصعوبات كبيرة تتطلب إعادة تقييم السياسة المالية والاقتصادية، خاصة في ظل الثغرات التي لم يعالجها قانون المالية الجديد، والتوقعات المخالفة للواقع الاقتصادي البعيد عن النموذج التنموي الذي وعدت الحكومة بالالتزام به وتنزيله على أرض الواقع، في ظل المنهجية المعتمدة على الاقتراض وتتبع سياسة البنك الدولي، بالإضافة إلى ارتفاع الدين العام وصعوبة تحقيق التوازن بين الميزانيات القطاعية وتحقيق المطالب الاجتماعية.
في هذا الإطار، يرى المحلل الاقتصادي محمد جدري، أن مشروع قانون مالية 2025 يأتي في سياق تنزيل البرنامج الحكومي 2021-2026، الذي يتضمن عشر التزامات أساسية، ويتضمن مجموعة من الفرضيات، لكن تحقيقها على أرض الواقع سيواجه مجموعة من الإكراهات، أولا الوصول إلى نسبة نمو 4.6 في المائة، لكن عند مقارنتها بالسنوات الماضية هناك فرق شاسع، حيث حققنا في سنة 2022 نسبة 1.5 في المائة، وسنة 2023 حققنا 3.4 في المائة، وفي سنة 2024 لم نتعد 2.8 في المائة، وبالتالي، يصعب الانتقال إلى نسبة النمو المتوقعة، لأن الحكومة لا تتحكم فيها لكونها مرتبطة بأمرين أساسيين: القيمة الفلاحية، والتساقطات المطرية، وتحقيق إنتاج فلاحي بـ 70 مليون قنطار من الحبوب، ثم سعر برميل النفط في السوق الدولية، ثم مسألة التضخم التي تبقى متأثرة بعاملي الجفاف وسعر الطاقة.
وأكد نفس المحلل، أن الاستثمار العمومي رغم المجهود المخصص له والذي سيصل إلى 340 مليار درهم، إلا أن مردودية الاستثمارات العمومية ضعيفة جدا مقارنة مع المؤشر العالمي “إيكور”، حيث أنه بالرغم من 9 نقاط للناتج الداخلي الخام نحصل فقط على نقطة واحدة من النمو حسب المؤشر العالمي، بينما دول إقليمية مثل مصر تحقق 4 نقاط من النمو، وبالتالي، يتطلب الاستثمار العمومي المزيد من الفعالية والحزم، ومكافحة الفساد الذي ينخر البلاد ويستنزف أكثر من 50 مليار درهم سنويا، معتبرا أن الحكومة مطالبة بإصلاحات حارقة يجب أن تقوم بها في إصلاح مشروع قانون المالية، لكن الملاحظ هو غياب الإرادة الحقيقية لتنزيلها على أرض الواقع، مثل مدونة الشغل وتأخير إصلاح أنظمة التقاعد الذي نهدر فيه ملايين الدراهم، وقانون الإضراب، إلى جانب محاربة الريع والفساد، والوسطاء والمضاربين والمحتكرين الذين يغتنون من أزمات المغاربة.