الحكومة تهاجم تقرير لهيأة النزاهة و الوقاية من الرشوة و محاربتها
أحرجت أرقام ومعطيات التقرير الصادر عن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، الصادرة أول أمس الثلاثاء ضمن التقرير السنوي الخاص بسنة 2023، حكومة عزيز أخنوش، التي لجأت إلى مهاجمة هذه المؤسسة الدستورية، بعدما كشفت عن تدني المغرب في مؤشرات محاربة الفساد، وخصوصا الرشوة.
ووجد مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، نفسه، مطالبا بتقديم إجابات بخصوص جهود الحكومة لمحاربة مختلف مظاهر الفساد.
وأورد بايتاس أن محاربة الفساد تمثل انشغالا كبيرا لدى الحكومة” التي اشتغلت على هذا الموضوع منذ تنصيبها، مضيفا “يكفي أن نذكر على سبيل المثال بإجراءين كبيرين جدا، الأول حجم المتابعات (القضائية) التي ارتفعت، والتي تؤكد الحرص القوي للحكومة في متابع أي مس بالمال العام، أو أي مظهر من تمظهرات الفساد”.
والمسالة الثانية، وفق بايتاس، هي مرسوم الصفقات العمومية، “الذي أخضع الطلبيات كلها لمسطرة العروض”، مضيفا “هذا يؤكد الانخراط القوي للحكومة لمعالجة هذه الظاهرة والمساهمة في حصرها”.
وأورد بايتاس “أنا مندهش إن ل يتم الانتباه لكل هذه الإجراءات التي تقوم بها الحكومة، وأندهش أكثر إذا تعلق الأمر بمؤسسات أخرى تشتغل في نفس المجال، ونطالبها بأشياء غير موجودة في القوانين المنظم نفسها”، ضيفا “محاربة الفساد معركة نساهم فيها جميعا على قدم المساواة”.
واعتبر بايتاس أن مساهمة السلطة التنفيذية في مجال محاربة الفساد، مثله مل مساهمة المؤسسات الدستورية الأخرى، إلى جانب الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، متسائلا إن كان يغيب عن اختصاصات هذه الأخيرة “تخليق الحياة العامة وترسيخ مبادئ الحكامة وترسيخ المواطنة المسؤولة”.
وألم بايتاس إلى “غياب مجهود” الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها عن تنفيذ هذه المقتضيات العامة المنصوص عليها بنص الدستور، مضيفا “من يعرف ملفات الفساد يجب أن يذهب إلى القضاء لأنه المسؤول الوحيد عن زجر ومتابعة ومحاسبة من يقوم بالفساد”.
وكان تقرير الهيئة قد كشف أن 79 في المائة من المغاربة يعتبرون أن جهود الحكومة في محاربة الفساد داخل الإدارات العمومية “سيئة أو سيئة جدا”، وذلك في ظل استمرار تراجع المملكة على مستوى مؤشر مدركات الفساد منذ سنة 2018 لتصل إلى الرتبة 97 عالميا من أصل 180 دولة.
وأوضح التقرير أن المغرب بحصوله على درجة 38 من 100 في مؤشر مدركات الفساد برسم 2023، يكون قد تراجع بـ 5 نقط خلال السنوات الخمس الأخيرة، مكرسا مسلسل التراجع في هذا المؤشر، والذي انطلق منذ 2018 حين حصل على نقطة 43 من 100، وانعكس هذا التراجع أيضا على ترتيب المغرب، حيث انتقل من الرتبة 73 ضمن 180 دولة سنة 2018 إلى الرتبة 97 ضمن 180 دولة سنة 2023 متراجعا بـ 24 رتبة خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وعلى مستوى المقاولات، جاء في خلاصات نتائج البحث الوطني حول الفساد أن هذا الأخير يحتل المرتبة الثامنة ضمن انشغالات مسؤولي المقاولات التي شملتها الدراسة، وتعتبر الرشوة واستغلال النفوذ وتزوير الانتخابات الأكثر شهرة لدى مجمل مسؤولي المقاولات المشمولة.
واعتبرت 68 في المائة من المقاولات المشمولة أن الفساد منتشر أو منتشر جدا في المغرب، وأن الحصول على التراخيص، والمأذونيات والرخص الاستثنائية، والصفقات والمشتريات العمومية، والتوظيف والتعيين والترقية في القطاع الخاص، تعد بالنسبة للمقاولات المجالات الثلاثة الأكثر تضررا من الفساد.
وفيما يتعلق بالتجربة حول الفساد، صرح 23 في المائة من مسؤولي المقاولات المشمولة أنهم تعرضوا على الأقل لأحد أشكال الفساد خلال الـ 12 شهرا الماضية، وأن أغلب الحالات، بنسبة أزيد من 90 في المائة، تتعلق بطلبات مباشرة أو غير مباشرة من لدن الموظفين المعنيين.