إدارة داخلية تشدد الخناق على نفقات الجماعات الترابية بفاس وبجهات مغربية أخرى

في إطار حزمة توجيهات صارمة وجهتها الإدارة المركزية لوزارة الداخلية إلى عمال عمالات وأقاليم بجهات الدار البيضاء- سطات، مراكش- آسفي، الشرق، وفاس- مكناس، تتخذ الحكومة خطوات جادة لضبط نفقات الجماعات الترابية وحماية المال العام من سوء التدبير والهدر.
وقد أكدت مصادر موثوقة أن هذه التوجيهات جاءت استناداً إلى تقارير ميدانية رصدتها أقسام “الشؤون الداخلية” في مختلف العمالات، أبرزت وجود تلاعبات واضحة في أولويات الإنفاق داخل بعض الجماعات، خصوصاً في ملف تدبير المياه، الذي بات يفرض معالجة مستعجلة في عدة مناطق، بينها فاس.
وشددت التعليمات على ضرورة ضبط نفقات التسيير والاقتصار على الحاجات الضرورية، مع إعطاء الأولوية للإنفاق الإجباري مثل أجور الموظفين، الإنارة العمومية، الماء والكهرباء، فوائد الديون، مصاريف الأحكام القضائية، بالإضافة إلى خدمات النظافة والنقل العمومي. كما دعت إلى تعزيز الاستثمار في مشاريع معالجة المياه العادمة وترشيد استهلاك الموارد.
وفي سياق ترشيد النفقات، طالبت الإدارة بتقليل ميزانيات صيانة المناطق الخضراء والمساحات العمومية، وتشجيع اعتماد الطاقات البديلة لتقليص استهلاك الطاقة في المباني الجماعية. كما وضعت نفقات الوقود والزيوت تحت مراقبة دقيقة، مشددة على منع استعمال سيارات المصلحة في الأغراض الشخصية، وتقليص مصاريف التنقل داخل وخارج المغرب، بالإضافة إلى الحد من نفقات الاستقبال، الحفلات، المؤتمرات، الدراسات، والدعم الموجه إلى الجمعيات.
وتبقى مالية الجماعات الترابية خاضعة لمراقبة دقيقة بموجب المادة 214 من القانون التنظيمي 113/14، التي تخضعها لمراقبة المجالس الجهوية للحسابات وفق التشريع المتعلق بالمحاكم المالية. كما تخضع العمليات المالية والمحاسباتية لتدقيق سنوي من قبل المفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة للإدارة الترابية، أو هيئة تدقيق منتدبة، يتم رفع تقاريرها إلى المسؤولين المعنيين لاتخاذ الإجراءات المناسبة.
وفي إطار تعزيز الحوكمة ومحاربة استغلال الموارد العمومية لأغراض حزبية، أشارت مصادر هسبريس إلى أن التوجيهات حظرت الاستعمال الانتخابي للموارد داخل نفوذ بعض العمالات والأقاليم، خصوصاً بجهة الدار البيضاء- سطات. كما ألزمَت الجماعات بإجراء التسويات القانونية الخاصة بالعقارات قبل تنفيذ مشاريع جديدة، واحترام قوانين نزع الملكية للمنفعة العامة، بعد تسجيل تأخيرات ملحوظة في أداء مستحقات اقتناء عقارات الدولة والجماعات السلالية.
تأتي هذه الإجراءات ضمن مساعي وزارة الداخلية للحد من الفوضى المالية والاختلالات التي تهدد استقرار الجماعات الترابية، وتحديداً في مدن مهمة كفاس، التي شهدت تحديات متزايدة في تدبير الموارد الأساسية مثل الماء والطاقة. ويبدو أن سنة 2025 ستشهد تصعيداً في مراقبة ومساءلة المسؤولين المحليين، بهدف ضمان صرف عمومي مسؤول وموجه نحو تنمية مستدامة تخدم المواطنين قبل كل شيء.