ثقافة

“أزمة الأخلاق” تهز ضمير المجتمع المغربي: صرخة مدوية لمولاي امحمد الخليفة تدق ناقوس الخطر!

في قاعة اكتظت بالمهتمين بالشأن العام  بالدارالبيضاء، أطلق القيادي الاستقلالي المخضرم، مولاي امحمد الخليفة، سهام النقد اللاذع تجاه واقع المغرب الراهن، واضعًا إصبعه على الجرح العميق الذي ينخر ضمير المجتمع: “أزمة الأخلاق”. وخلال تقديمه لإصداره الجديد “صوت الشعب القوي في البرلمان”، لم يتردد “صوت الحكمة” كما يحلو للبعض تسميته، في التعبير عن قلقه العميق إزاء ما وصفه بـ “الغابة” التي قد يتحول إليها المجتمع المغربي جراء التدهور القيمي.

بصوته الوقور ونبرته الحازمة، أكد الخليفة أن تخليق الحياة العامة ليس مجرد مطلب ثانوي، بل هو “الأزمة الحقيقية التي يعيشها المغرب”، داعيًا كافة المغاربة، دون استثناء، إلى تحمل مسؤوليتهم التاريخية في مواجهة هذا التحدي الوجودي. كلمات الرجل العارف بخبايا السياسة ودهاليز الحكم، جاءت كصفعة أيقظت ضمائر الحاضرين، مذكرة إياهم بالرسالة الملكية السامية التي وجهها الملك محمد السادس للبرلمانيين، مؤكدًا فيها على أن “لا شيء يمكن أن يتم في هذا الوطن بدون تخليق”.

لم يكتفِ الخليفة بتشخيص الداء، بل تجاوز ذلك إلى رسم معالم الدواء، مشددًا على ضرورة أن يكون البرلمانيون أنفسهم القدوة والمثال في التخليق، ليقتدي بهم المجتمع برمته. وفي لفتة ذات دلالة عميقة، أكد أن “قضايا الشعب لا تنتظر من الإنسان أن يكون في الأغلبية أو المعارضة، بل تنتظر منه أن يكون صادقا مع نفسه”، مستحضرًا تجربته البرلمانية الطويلة في كلا الموقعين دون تغيير في جوهر خطابه.

بأسلوب المؤرخ المتأمل، استحضر الخليفة محطات مفصلية في تاريخ المغرب السياسي، مشيدًا بجهود برلمانيي التسعينيات الذين دافعوا بشراسة عما اعتبروه إصلاحًا، مؤكدًا على أن بناء الأوطان لا يقوم على ادعاء امتلاك الحقيقة المطلقة، بل على “النقد الذاتي البناء والاعتراف بالآخر”.

وفي سياق حديثه عن مسيرة النضال من أجل ترسيخ الديمقراطية، استرجع الخليفة الجهود المضنية التي بذلت من أجل ضمان انتخابات نزيهة تعكس الإرادة الحقيقية للشعب المغربي الراشد، مؤكدًا أن الديمقراطية ليست مجرد شعار، بل هي “لا تدرك إلا بالممارسة” وكفاح الأجيال.

كما استعرض بإسهاب معركة تأسيس مؤسسات حقوق الإنسان في المغرب، التي تحققت بفضل إصرار ونضال فعالين، ليخلص إلى أن “خطاب وتفكير المغاربة تغير في التسعينات منذ حكومة اليوسفي”، وأن الشعب استطاع أن يغير أسلوبه في التعبير عن تطلعاته نحو الحرية.

إن صرخة مولاي امحمد الخليفة، التي وصلت إلى اصحاب العقول الراقية، ليست مجرد كلمات عابرة، بل هي نداء استغاثة من رجل خبر دهاليز السياسة وأدرك خطورة “أزمة الأخلاق” على مستقبل الوطن. فهل ستجد هذه الصرخة آذانًا صاغية وقلوبًا واعية قادرة على ترجمة هذه المخاوف إلى خطوات عملية نحو تخليق حقيقي للحياة العامة في المغرب؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى