مجتمع

تحليل إخباري: كيف حرك المغرب جبالا لإنقاذ الشهيد “ريان”؟و كيف كسبت المملكة تعاطف شعوب العالم ؟

“الموت واحدة و الأسباب متعددة”،هكذا كانت نهاية الطفل و الشهيد “ريان”،الذي كانت سقطته في البئر بمثابة الشرارة التي أوقفت الحروب الباردة في العالم،و أنست الجميع جائحة فيروس كورونا،و كانت الخمس أيام التي قضاها في الجب ما هي إلا قدرة ربانية ليألف بين الشعوب ،و يجعل قلوب المغاربة تحترق و العيون تدمع و هي تتابع عمليات الإنقاذ التي ساهمت فيها سواعد المغاربة قاطبة،و أظهرت علو كعب الدولة في تحريك الجبال من أجل إنقاذه من “الجب” و محاولة إخراجه حيا، لكن القدرة الإلهية أبت أن تأخذ روحه ،و تجعل وفاته يسجلها تاريخ البشرية بمداد الأسى و بدموع كل الايجال بمختلف دياناتهم و مذاهبهم.
كان يوم الثلاثاء المنصرم،هو بداية قصة الشهيد،و كانت ليلة السبت/ الأحد هي نهاية الأمل الذي كانت كاميرات المنقذين تنقل “الشهيد” وهو يتحرك داخل الجب و في عمق 30 متر و وجهه نور من نور السموات.
و مع تناسل خبر حادثة سقوط الشهيد” ريان” داخل الجب الذي حفرته العائلة البسيطة أملا في قطرة ماء بأعالي جبال الريف و بقمم إقليم “الشاون” أو شفشاون المنارة الزرقاء للمغرب،دون أن تعلم الأم المكلومة و لا الأب القروي المناضل انه كان يحفر قبر فلذة كبده،و لكن للأقدار أن تفعل ما تشاء.
خمسة أيام متتالية و ليالي بيضاء عاشها الشعب المغربي قاطبة ،و شاركتها الأمم و الشعوب بمختلف اللغات و الديانات،وهي تراقب و تنتظر بحرارة إخراج “ريان” من الجب،بعد أن قررت السلطات و الدولة و بمواكبة لكل صغيرة و كبيرة من عاهل البلاد،الذي لم ينم له جفنه و هو يتابع عن قرب و كثب وضعية فرق الإنقاذ و هي تسخر كل الإمكانيات المتاحة في محاولة للوصول إلى ريان بعد أن حركت الجبال.
و بينما كانت السلطات و القوات العمومية تجاهد في سبيل إنقاذ الشهيد”ريان”،كانت كل الأمم تعلن التضامن،من رؤساء دول و من فرق رياضية عالمية و من مسؤولين كبار حول العالم،و الكل كان يشارك” الهتشكاك” كلنا ريان”.
تحركت حرارة منصات التواصل الاجتماعي،و تجندت القنوات العالمية لمواكبة فرق الإنقاذ و ذلك عبر تقنية المباشر،بالمقابل كانت سواعد الأهالي بمنطقة شمال المغرب تطلق صرخة التضامن و التأزر،و بالمقابل تجمدت الصراعات في ظرف وجيز بين مختلف الشعوب ليعلن التضامن العالمي مع حادثة الفقيد “ريان”.
و كان أمس السبت هو نهاية البداية،نهاية وقف الأشغال و الحفر من طرف فرق الإنقاذ التي أعلنت عن علو كعبها،و كذلك نهاية ريان الذي لقي حتفه داخل الجب،و نهاية بريق الأمل الذي نقلته كاميرا فرق الإنقاذ و هي تتعقب الشهيد بالكاميرات و هو يتحرك و يحاول النهوض.
و في سابقة من نوعها،قرر عاهل البلاد أن يكون هو أول من يعلن وفاة الشهيد” ريان” في بلاغ رسمي من القصر الملكي ببوزنيقة،و يبرق التعزية إلى والدي الفقيد و يربط بهم الاتصال مباشرة داخل النفق الذي تم حفره للوصول الى مكان “ريان”.
ليلة السبت/ الأحد ،الشعب المغربي كافة يشيد ببرقية عاهل البلاد،و هنا تحركت همم الأمة ،و أشادت بالقرار الملكي في التعزية و بكشف جلالته انه كان يتابع عمليات الإنقاذ بكل تفاصيلها طيلة خمسة ايام،و ان تعليمات سامية أعطيت للسلطات ان تسخر كل الإمكانيات لإنقاذ “ريان” ،لكن شاء ربك فعل.
و مع توارد خبر وفاة الشهيد “ريان داخل البئر،و كان جلالته قد أعطى تعليماته لتسخير طائرة هيلكوبتر التي ظلت مرابطة في عين المكان بجماعة تمورت،في انتظار إخراج “ريان” و نقله إلى المستشفى العسكري بالرباط.
و مع إعلان جلالته خبر وفاة الفقيد” ريان”،حتى أطلق رؤساء العالم رسائل التضامن و التعاطف و إبراق التعزيات،فكيف لبابا الفاتيكان يستلهم قصة وفاة ريان الذي حرك ضمير الشعوب،و كيف لرئيس فرنسا ماكرون ابى أن يتقاسم الحزن مع الشعب المغربي و كيف لملوك و رؤساء عرب يعلنون التضامن،و كيف لأندية عالمية تطلق صرخة التضامن،و كيف لكبار الفنانين العالميين و خاصة الأمريكيين يتقاسمون الحزن مع المغاربة،و أبى الأفارقة قاطبة أن يقفوا دقيقة صمت على وفاة الشهيد خلال نهاية كأس إفريقيا للامم و التي جمعت بين مصر و السنغال،شأن ذلك شأن باقي الفرق العالمية عبر القارات الخمس.
اعتراف دولي بمجهودات فرق الإنقاذ و بالطريقة الإنسانية التي كانت تتعامل بها السلطات مع المتجمهرين وهم ينتظرون خروج “الشهيد “حيا،و كيف كانت أمهات الأهالي بقرية الشهيد يطبخن ما لديهن لتقديمه لفرق الإنقاذ و للجميع،هي قيم التضامن و التآخي عادت في زمن كورونا و حركت الضمير العربي و الإنساني،ليعلن الجميع أن قصة ريان سيكتبها التاريخ ،و ان وفاته حركت القلوب الميتة و ألهمت الإنسانية و أن العالم بكى من أجل الشهيد “ريان”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى