قضايا

54 ملفا أمام القضاء يتعلق بغسل الأموال بطرق خطيرة

استشعرت مصالح المراقبة التابعة للهيئة الوطنية للمعلومات المالية شبهات تبييض أموال بواسطة ديون وهمية، انطلاقا من عمليات نقل وتحويل للملكية في إطار عقود موثقة لتسوية المديونية، وذلك بعد التوصل بإخباريات حول استغلال شركات للأشغال المختلفة société travaux divers، لا تتوفر على نشاط فعلي على أرض الواقع، في نسج معاملات تجارية تترتب عليها ديون مستحقة، ليجري بموجبها تحويل ملكية عقارات ومنقولات من الجهات المدينة إلى الشركات المذكورة.

و كشفت مصادر متطابقة، أن شبهات تبييض الأموال تعززت لدى مصالح المراقبة المالية المذكورة بعد تثبتها من هوية المساهمين والمسيرين للشركات المدينة، إذ يتوفر عدد منهم على جنسيات مزدوجة، ويقيمون بصفة غير دائمة بالمملكة، ويستثمرون في مشاريع عقارية وسياحية، خاصة في المطاعم والمقاهي، موضحة أن الأبحاث الأولية المنجزة من قبل المراقبين كشفت تورط محاسبين في هندسة المعاملات التجارية المفترضة، وتوضيب الوثائق والمستندات الموظفة لإثبات الديون؛ إذ تم الاعتماد بشكل أساسي على “الكمبيالات”، التي حملت مبالغ دين مهمة، مقسمة على دفعات، مستحقة الأداء وفق تواريخ محددة.

وأفادت المصادر ذاتها بأن الأبحاث ركزت بالأساس على مصادر تمويل شراء العقارات المملوكة للجهات المدينة، خصوصا أن عملية التدقيق في التصريحات الجبائية، استنادا إلى اتفاقيات التبادل الإلكتروني للمعلومات مع المديرية العامة للضرائب، أظهرت تضخيما لبند الأصول الثابتة Immobilisations corporelles ضمن الحصيلة المحاسبية للشركات، بما يتناقض مع قدراتها المالية والاستثمارية، وبالنظر إلى المحيط الجغرافي الذي تنشط فيه، مشددة على توطين هذه الشركات في مناطق خارج المدن الكبرى، تحديدا بالجهة الشرقية وضواحي الدار البيضاء.

وتلقت الهيئة الوطنية للمعلومات المالية ما مجموعه 5171 تصريحا بالاشتباه بغسل الأموال خلال سنة واحدة فقط، فيما أحالت على وكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية بالرباط والدار البيضاء وفاس ومراكش ما مجموعه 54 ملفا، وكذا على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، تتعلق جميعها بأفعال يشتبه في ارتباطها بغسل الأموال أو بالجرائم الأصلية، وبتمويل الإرهاب.

واستعانت مصالح المراقبة بمعلومات، حصلت عليها تحت الطلب، من مكتب الصرف، حول الوضعية المالية لملاك الشركات المدينة، المستغلة في تبييض أموال من خلال شراء ممتلكات عقارية واستخدامها في عمليات تسوية ديون مع شركات مدينة، كشفت توفرهم على ممتلكات خارج المملكة، عبارة عن حسابات بنكية وعقارات مسجلة بأسمائهم وبهويات زوجاتهم وأبنائهم، وغير مصرح بها في إطار عملية التسوية التلقائية برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج، المفتوحة من قبل سلطة الصرف.

ورصد مراقبو الهيئة الوطنية للمعلومات المالية اعتماد المحاسبين في عملية نقل ملكية العقارات على عقود تسوية ديون قانونية وموثقة بين الشركات، مصاغة بدقة، ومعززة بالوثائق التي تثبت المعاملات التجارية بين الطرفين، و”الكمبيالات” المؤكدة للدين، وكذا محاضر تفاوض على المديونية، تؤكد عسر أداء الشركة المدينة، بعد رفض صرف الكمبيالة بمجرد حلول تاريخ استحقاقها، إضافة إلى جميع الإجراءات الخاصة بالإشعار بأداء الدين، بما يعزز موثوقية وقائع المديونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى