سياسة

سانشيز يسير نحو رئاسة الحكومة الاسبانية و خصوم المغرب يصابون بالصدمة

ضَمن رئيس الحكومة الإسبانية المؤقتة، بيدرو سانشيز الدعم الكافي ليصبح رئيسًا للحكومة لولاية ثانية، والتي ستعقد أطوارها في منتصف الأسبوع الجاري. لم تكن هذه عملية سهلة، ولكن في النهاية نجح الحزب الاشتراكي في التوصل إلى اتفاق مع الأحزاب الانفصالية والقومية للبقاء في «لا مونكلوا».

وبقليل من المتابعة للخطوات التي اتبعها سانشيز، للحصول على ولايته الثانية نجد أنه ركز على مسألتين الأولى؛ تتلخص في الاستراتيجية التواصلية التي انتهجها بعدَ خساراته الانتخابات المحلية والإقليمية. والثانية؛ في استنادهِ إلى محاولة لم شمل الأغلبية عن طريق أحزاب لم يكن إلى الأمس القريب مرغوبا فيها ضمن المشهد السياسي والرأي العام الإسبانيين.

أدرك سانشيز جيدًا أن المناظرات التلفزيونية، تؤثر في الجمهور وفي جوهر الفعل السياسي بحد ذاته، لذلكَ كانت استراتيجيته التواصلية مبنية على خطاب يبرزُ عناصر مألوفة لدى الإسبان، وفي مناظرته الوحيدة أمامَ منافسه اليميني نونيز فيخو، ركز سانشيز على إبراز ضعف خصمه في التواصل، لأنه يدرك أن ضعف التواصل يؤثر سلبًا على الفعل والفاعل السياسي معًا، وهو مانجحَ فيه الزعيم الاشتراكي بشكل كبير، بالإضافة إلى اعتماده بالأساس عناصرَ خطابية تنبني على سياسة القرب، فالإسبان يعرفونَ سانشيز جيدًا أكثر من خصمه اليميني.

وبالعودة إلى الأحزاب الانفصالية، التي راهنَ عليها سانشيز للحصول على أصوات الأغلبية، فهي لم تكن بالمهمة السهلة، ومنذ أن منحَ الملك الإسباني فيليبي السادس الثقة لسانشيز في 03 من أكتوبر الماضي. من ثم بدأ سانشيز في تجميع الأجزاء الصعبة للتحالفات البرلمانية التي ستجعله رئيسا للحكومة المقبلة، وكانت جلسات المفاوضات شاقة جدًا مع حزب خونتس في الأسبوع المنصرم من المفاوضات، والذي أصر على الحصول على العفو للمتهمين في «بروسيس» 2017، وهي النقطة الحاسمة في كل المفاوضات.

هكذا سيصبح سانشيز رئيسًا للحكومة المقبلة، بالأغلبية المطلقة بدعم من «سومار»، و«الجمهورية الكتالانية»، و«خونتس»، و«إي بيلدو»، و«الوطني الباسكي»، و«الحزب الوطني الغاليثي»، و«كانارياس»، حيث سيصوت 179 نائبًا بنعم لفائدة سانشيز، مقابل الأصوات الرافضة، المؤكدة من طرف الحزب الشعبي الإسباني، وفوكس، والاتحاد الشعبي النافاري.

بهذه الخطوة ستحظى إسبانيا بأربع سنوات إضافية من الحكومة التقدمية، أربع سنوات إضافية سيركز فيها سانشيز على التقدم الاجتماعي، من الاستقرار المؤسسي، والتعايش.

وعلى الرغم من هذه النتيجة، نظم اليمينيون احتجاجات ضد هذه الاتفاقية، وفي مؤتمر الديمقراطيين الاجتماعيين الأوروبيين بمالقا أول أمس السبت، أكد الزعيم الاشتراكي على أهمية أن تكون هذه الانتخابات قد نجحت في إيقاف «تصاعد الحكومة اليمينية» في إسبانيا، وفي كل أنحاء أوروبا التقدمية. هو في الحقيقة ذات الفعل السياسي، الذي ينبني على الوضوح في الاختيارات، بعيدًا عن المناطق الرمادية، الشيء الذي يبرهنُ على أن نجاحَ سانشيز الأول هو نجاح في سياسته التواصلية.

وفي هذا السياق أيضا، علينا أن استحضار خطاب سانشيز عقب فرز انتخابات 23 يوليوز، الذي قال إن الحكومة التي سيختارها المواطنون هي حكومة تعترف بالتعدد السياسي في البلاد وتنوعه الإقليمي، وهي رسالة واضحة لخصومه السياسيين، في أن المشهد السياسي الإسباني، في مسيس الحاجة إلى تنوعٍ إيديولوجي، وهو ما نجحَ فيه عندما توصل إلى اتفاق مع جميع القوى السياسية الأخرى.

وبما أن بعض التحليلات ذهبت صوب أن الاستقلاليين والانفصاليين، أحرزوا مطلبًا تاريخيا بالحصول على «العفو العام»، وهو صفح سياسي بالدرجة الأولى، ويشمل أيضا أولئكَ الذين لم يصدر في حقهم حكم قضائي، فإن سانشيز حقق لإسبانيا انتصارًا ديمقراطيًا جديدًا، بخطوتيه الأخلاقية والسياسية، نحو تهييئ المجتمع لفكرة أكبر وأعمق وهي الصفح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى