قضايا

تقرير:رمضان شهر الفتوحات الاسلامية يتحول الى شهر الانتكاسة و إستباحة الدم العربي

يعتبر شهر رمضان المبارك، بحق، شهر الأحداث المفصلية في تاريخ الإسلام والمسلمين، حيث شهد أحداثا بالغة الأهمية على مر التاريخ الإسلامي، كتبت بسببها تفاصيل كثيرة، وترسخت بنتائجها مفاهيم عميقة، لا تزال تبعاتها تلقي بظلالها على مسيرة الأمة وعلاقاتها ببقية الأقوام والأمم الأخرى إلى يوم الناس هذا.

الحدث الفاصل الأول في تاريخ الأمة الإسلامية هو بدء نزول القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك على رسول الله صلى الله عليه وسلم إيذانا ببزوغ فجر جديد على الإنسانية وميلاد “خير أمة أخرجت للناس”؛ لتبدأ بعد ذلك مسيرة تصحيح التصورات وتطهير النفوس وصفائها وسموها وتحرير العقول من الوثنيات، فكانت تجلياتها فتوحات عظيمة، أسست لوقائع وأحداث امتدت حتى رأى العالم عمران الحضارة الإسلامية ومنجزاتها العلمية وثقافتها الروحية، وصولا لحكم العالم ردحا من الزمن.

وبحسب تواريخ تلك الأحداث من زمن النبوة إلى وقتنا الحاضر، سنورد أهم تلك الأحداث في تاريخ الأمة المسلمة.

لا شك أن غزوة بدر الكبرى، في السابع عشر من شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة، كانت أولها، وقد سماها القرآن الكريم يوم الفرقان؛ لأن الله تعالى فرق فيه بين الحق وقيمه وبين الباطل وغروره، وهي أولى المعارك المهمة في التاريخ الإسلامي، وكان عدد المسلمين فيها ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا، على أرجح الأقوال، وعدد المشركين تسعمائة وخمسين رجلا، ونزل فيها قوله تعالى:  ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون “آل عمران: 123”.

وفي السنة الثامنة للهجرة، كان الفتح الأعظم، فتح مكة في العشرين من شهر رمضان المبارك، فكتب نهاية لحقبة وبداية لأخرى في تاريخ مكة وأهلها، وقد تم به القضاء على فلول الوثنية، وتحطيم الأصنام حول الكعبة.

وكان الفتح إيذانا بهدم أصنام المشركين، حيث أمر رسول الله عليه الصلاة والسلام بإزالتها، فهدم خالد بن الوليد بعد فتح مكة بخمسة أيام البيت الذي كانت تعبد فيه العزى في منطقة نخلة، كما وجه الرسول صلى الله عليه وسلم السرايا لهدم الأصنام، وما هو إلا عام واحد، حتى قدم في العام التالي في السنة التاسعة في رمضان وفد ثقيف من الطائف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يريدون الإسلام، فهدم فيها صنم اللات الذي كانت تعبده ثقيف.

وفي عام 91 هـ في شهر رمضان، أرسل القائد موسى بن نصير سرية بقيادة طريف بن مالك إلى جنوبي الأندلس، بعد موافقة الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك، وكانت مؤلفة من خمسمائة مجاهد، منهم مئة فارس، والباقي من المشاة، ونزل في جزيرة /بالوما/ في الجانب الإسباني، وعرفت هذه الجزيرة فيما بعد باسم “جزيرة طريف” على اسم هذا القائد، وأغار على الجزيرة الخضراء، فأصاب غنيمة كبيرة، ورجع سالما، فلما رأى الناس ذلك تسارعوا إلى الغزو، وتشجعوا على فتح الأندلس، وكان استطلاعه تمهيدا لوضع خطة فتح الأندلس موضع التنفيذ العملي في ميادين القتال.

وبعدما فعلته سرية طريف، بدأ فتح الأندلس بقيادة طارق بن زياد في الثامن والعشرين من رمضان في سنة 92 هـ، بهزيمة لذريق ملك القوط في موقعة حاسمة تعرف بـ “موقعة البحيرة”، بعد أن استولى على مضيق جبل طارق وأحرق سفنه، وقال كلمته المشهورة: “البحر من ورائكم والعدو من أمامكم”، ثم تم بعدها فتح قرطبة وغرناطة وطليطلة العاصمة السياسية للأندلس.

في اليوم الثاني من رمضان عام 114 هـ كانت نهاية معركة “بلاط الشهداء” الشهيرة، التي أوقفت تقدم الفتح الإسلامي في أوروبا.

ووقعت المعركة بين جيش المسلمين بقيادة عبد الرحمن الغافقي، والي الأمويين على الأندلس، وجيش الفرنجة بقيادة شارل مارتل، في منطقة “بواتييه” جنوبي فرنسا، وعلى بعد نحو 70 كيلومترا من العاصمة باريس، وكان ذلك في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، وأدت تلك الهزيمة إلى توقف آخر الحملات الإسلامية لفتح أوروبا الغربية.

في عام 138هـ وتحديدا في الخامس عشر من رمضان، عبر عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبدالملك المعروف بـ “صقر قريش” البحر إلى الأندلس، بعد أن فر من بطش العباسيين بالأمويين في رحلة شاقة؛ ليؤسس دولة إسلامية قوية في الأندلس وأجزاء من شمال إفريقيا، وكانت عاصمتها قرطبة، وتحولت إلى خلافة بإعلان عبدالرحمن الناصر لدين الله نفسه في ذي الحجة 316 هـ خليفة قرطبة، بدلا من لقبه السابق أمير قرطبة، وهو اللقب الذي حمله الأمراء الأمويون منذ أن استقل عبدالرحمن الداخل بالأندلس، وظلت الدولة الأندلسية زهاء ثلاثة قرون.

وفي السادس من شهر رمضان عام 223 هـ، جهز الخليفة العباسي المعتصم بالله بن هارون الرشيد جيشا لحرب الروم استجابة للصرخة الشهيرة لإحدى النساء المسلمات (وامعتصماه)، عقب هجوم الإمبراطور البيزنطي ثيوفيلوس على ثغري ملاطية وزبطرة في دولة تركيا الحالية، وقيام جيش الإمبراطور بتخريبهما وأسر الكثير من النساء، فسار جيش المعتصم إلى مدينة عمورية وحاصرها إلى أن سقطت ودخلها المسلمون في السابع عشر من رمضان.

وفي رمضان من سنة 479 هـ، وقعت معركة الزلاقة، التي أطالت عمر الإسلام في الأندلس 400 سنة، وانتصر فيها جيش المرابطين بقيادة أمير المسلمين يوسف بن تاشفين على جيش الفرنجة البالغ تعداده ثمانين ألف مقاتل بقيادة الفونسو السادس ملك قشتالة. وكان ابن تاشفين قد عبر إلى الأندلس بعد أن استنجد به ملوكها لإنقاذ البلاد من خطر الغزو الفرنجي.

وفي سنة 658 هـ وقعت معركة عين جالوت في الخامس والعشرين من رمضان، حينما خرج السلطان سيف الدين قطز من مصر لملاقاة جيش المغول الذي كان قد أسقط بغداد عاصمة الخلافة العباسية قبل ذلك بعامين ودمرها وسيطر على أجزاء واسعة من بلاد الشام ودخل دمشق، فكانت معركة عين جالوت، وهي قرية بين بيسان ونابلس في فلسطين حاليا، حدثا مفصليا، انتصر فيها المسلمون انتصارا ساحقا، وأدت المعركة لانحسار نفوذ المغول في بلاد الشام وخروجهم منها نهائيا وإيقاف المد المغولي، وتم فيها توحيد مصر وبلاد الشام، وإنقاذ الإسلام والمسلمين من همجية المغول.

في عام 666 هـ، فتح جيش المسلمين مدينة أنطاكية في الرابع من رمضان، بقيادة الملك الظاهر بيبرس البندقداري، وتم استردادها من يد الصليبيين بعد أن ظلت تحت سيطرتهم 170 عاما، وكان الانتصار على جيش الفرنجة، من أبرز نجاحات الظاهر بيبرس من بعد أن بسط سيطرته على الدولة المملوكية في مصر والشام.

في الخامس عشر من رمضان في سنة 1224هـ، انتصرت الدولة العثمانية على روسيا في معركة “تاتاريجه”، وقتل فيها 10 آلاف جندي من الروس.

وفي الحادي والعشرين من رمضان في سنة 1271هـ، خسر الروس 20 ألف جندي في هجوم الجيش العثماني على قلعة “سيفاستوبول” في أوكرانيا حاليا أثناء حرب القرم بين الدولة العثمانية وروسيا.

وفي العصر الحديث، وفي العاشر من رمضان في سنة 1393هـ / 1973م كانت معركة العبور، التي عبرت فيها القوات المصرية المسلحة قناة السويس من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية، بعد احتلال الكيان الإسرائيلي لها نحو سبع سنوات في الخامس من شهر يونيو سنة 1967م، ووصلت في العاشر من شهر رمضان القوات السورية إلى شواطئ بحيرة طبرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى