سياسة

امين عام حزب الاستقلال يحاضر بجامعة فاس

حل الأمين العام لحزب الاستقلال، السيد نزار بركة، ضيفا على مختبر الدراسات السياسية والقانون العام، وذلك في سياق سلسلة حوارات الجامعة التي ينظمها المختبر لغاية انفتاح الجامعة على محيطها، ولهدف ربط جسور التواصل والحوار مع مختلف الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين، حيث نظم الحوار السادس يومه الأربعاء 19 ماي 2021 على الساعة الثالثة بمركز التكوين والندوات التابع للجامعة، فتمحور النقاش حول قضايا متعددة كمرجعية الحزب، النموذج التنموي، الانتخابات، القضايا التعليمية..

وقد افتتح هذا اللقاء، الذي حضره الدكتور رضوان مرابط، رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس؛ بكلمة لكل من، الدكتور محمد بوزلافة، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، والدكتور سعيد الصديقي، مدير مختبر الدراسات السياسية والقانون العام، كما أشرف على إدارة النقاش ومحاورة الأمين العام لحزب الاستقلال، كل من، الدكتورة صليحة بوعكاكة، أستاذة بكلية الحقوق بفاس، والدكتور جمال كدوري، أستاذ بكلية الحقوق بفاس.

في هذا الإطار، أكد الأمين العام بأن حزب الاستقلال عمره يتجاوز 80 سنة، حيث انطلق منذ بداية التأسيس برؤية شمولية عبر وضع الفكر وسط هذا المنظور، إذ لم يكتفي بالمطالبة باستقلال البلاد وفقط، بل وضع مشروع لنهضة البلاد عند مرحلة الاستقلال من خلال العديد من المبادرات والمساهمات الفكرية لمناضليه (كتاب “النقد الذاتي” للراحل علال الفاسي؛ التعادلية الاقتصادية والاجتماعية 11/11/1963؛ تقديم خيار ثالث منبثق من هوية وثوابت المملكة وبديل عن الليبرالية المتوحشة والاشتراكية العلمية..)، كما اعتبر بأن ما مكن الحزب من حضوره السياسي هو، أولا، أنه كان دائما مع التجديد الفكري وضد الجمود والجحود، ثانيا، ربط القول بالفعل من خلال أجرأة البعد الفكري على مستوى الواقع، ثالثا، التركيز على المرجعية الإسلامية مع الانفتاح على المرجعيات الدولية، حيث ألح بأن حزب الاستقلال تميز بعدم استيراده لمشروعه المجتمعي..

في ذات السياق، قال الأمين العام لحزب الميزان بأنه كان هناك انشقاق داخل حزب الاستقلال سنة 1959 من خلال خروج الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ونتيجة ذلك، أدى المغرب ثمنا كبيرا نتيجة الصراعات، إذ كان هناك وجهتي نظر، الأولى ذات بعد إصلاحي وهي التي تبناها الحزب منذ بداية الاستقلال، أما الثانية فكانت تطالب بالتغيير؛ بينما أرجأ عدم انشقاق الحزب بعد هذه المحطة إلى ثلاثة محددات رئيسية، تجديد النخب والبعد الفكري عبر الولاء للأفكار وليس الأشخاص، الديمقراطية الداخلية، ثم إرساء ميكانيزمات لتدبير الاختلاف داخل الحزب؛ وهذه المحددات الثلاثة ساهمت في تجاوز العديد من الأزمات الداخلية التي كانت تعصف بالحزب من حين لأخر..

من جانب أخر، أشار الأمين العام إلى أن نسبة مشاركة حزب الميزان منذ الاستقلال في الحكومات قاربت نسبة تموقعه في المعارضة (تقريبا نسبة 50 في المائة من المشاركة في الحكومات ونسبة 50 في المائة في المعارضة)، مبرزا بأن مدة ترأسه للحكومات وصلت إلى 8 أشهر في سنوات بداية الاستقلال، ثم أربع سنوات في عهد حكومة عباس الفاسي، كما عرج على مسيرة الحزب خلال كل مرحلة، موضحا بأن القيادة السابقة للحزب قررت أن تقوم بدعم الحكومة عبر المساندة النقدية، بينما حاليا الحزب يقوم بدور المعارضة الوطنية من خلال تقديم العديد من المقترحات مع انتقاد السياسات غير الإيجابية، فمثلا في 2018 (خلال فترة المقاطعة للمواد الغذائية) قدم الحزب مقترحات للحكومة من شأنها أن تحسن من عيش المواطنين /ت، كما قدم الحزب مقترحا خاصا بمخطط المناطق الحدودية تفاديا لما وقع خلال الأيام الأخيرة بمدينة الفنيدق، إضافة إلى تقديمه لبرنامج خاص للخروج من الجائحة بمنظور شمولي؛ لهذا فإن الحزب انخرط في المعارضة البناءة..

على غرار ذلك، اعتبر الأمين العام لحزب الاستقلال بأن النموذج التنموي الجديد هو ضرورة ملحة لاعتبارات كثيرة، أولا، أن السياسة المتبعة أثبتت بأنها أضحت متجاوزة، حيث صار لها انعكاسات سلبية على التماسك المجتمعي (الفوارق الطبقية)، ثم أنه هناك ما يقارب 53 في المائة من الدخل القومي تستفيد منه نسبة 20 في المائة من الساكنة، بينما 47 في المائة من الدخل القومي تكون من نصيب 80 في المائة، مما يعكس حقيقة أن نسبة قليلة هي التي تستفيد من الثروة الوطنية، أكثر من ذلك، ارتفعت الفوارق بالمدن والقرى، حيث تجاوزت حوالي 40 في المائة بالعالم القروي، لهذا اقترح الحزب بأن يتم إحداث القطيعة عبر: أولا: يجب أن يتم الانتقال من مجتمع الامتيازات واقتصاد الريع إلى مجتمع الحقوق..؛ ثانيا: الحكامة ولها صلة بالديمقراطية، بل لها علاقة بثلاثة نقط أساسية: الجمع بين الإدارات، لأن هناك تشتت في القطاعات الوزارية، فكل وزارة منفصلة عن الوزارة الأخرى بسبب غياب البعد المندمج، ثم لابد من ربط تقديم مشاريع القوانين بالمراسيم التطبيقية، وأخيرا، تغيير كيفية إعداد القوانين..؛ ثالثا: الانتقال من السياسات الليبرالية المفرطة إلى ما هو الليبرالية الاجتماعية بغية تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية..

علاوة على ذلك، أكد الأمين العام على ضرورة أن يكون النموذج التنموي محطة للحوار الحقيقي بغية تحديد الاختيارات الكبرى للبلاد، خصوصا في ما يتعلق بطبيعة السياسات الاقتصادية إن كانت ليبرالية اجتماعية أم ليبرالية متوحشة، وبالديمقراطية أم السلطوية، ثم بإقرار الجهوية المتقدمة واللاتمركز أم العكس.. إذ ينبغي للنموذج التنموي الجديد أن يركز على هذه الخيارات، أما في كيفية التطبيق للنموذج التنموي، فلكل حزب وسائله التي يراها مناسبة، كما أقر بأن هناك عدة اختلالات تقتضي معالجتها، على سبيل المثال، ثمة ما يقارب 10 مليار دهم من نفقات التغطية الصحية، حيث يأخذ منها المستشفى العمومي حوالي 6 في المائة بينما نسبة 94 في المائة تعود للقطاع الخاص، وهذا ما يؤكد بأن القطاع العام جد متدهور، لذا يجب النهوض بهذا القطاع..

تبعا لذلك، أقر الأمين العام بأن للمغرب ثلاثة مؤشرات إيجابية، أولا، المغرب بلد مستقر وينبغي استثمار هذا الاستقرار، ثانيا، المغرب له العديد من الفرص المتاحة (العديد من الدول تريد نقل صناعاتها إلى المغرب لتصديرها إلى دول أخرى نموذج الصين)، ثالثا، المغرب له إمكانيات لتحقيق أمور هائلة (مثلا خلال فترة الجائحة إنتاج الكمامات..)؛ وما يتطلع إليه الحزب هو حكومة لها تصور واضح بمنظور شمولي للاستثمار في هذه المؤشرات الإيجابية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى