اقتصاد

من قلب الصحراء والي بنك المغرب ينشد التكامل الاقتصادي للافريقيا إنطلاقا من المغرب

أبرز والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، امس الأربعاء بالداخلة، أهمية إرساء تكامل اقتصادي شامل في إفريقيا من أجل تحقيق الازدهار المنشود.

وفي كلمة له، خلال افتتاح أشغال الدورة الخامسة لـ“الأيام الدولية للاقتصاد الكلي والمالية”، المنظمة على مدى ثلاثة أيام تحت شعار “التكامل الاقتصادي في إفريقيا: الطريق إلى مستقبل أكثر ازدهارا”، أوضح الجواهري، أن هذا التكامل الاقتصادي ينبغي أن يكون مفيدا للطرفين وألا يكون على حساب البلدان والسكان الأكثر هشاشة، مؤكدا أن البلدان الإفريقية على وعي تام بمنافع الاندماج، مشيرا في نفس السياق إلى أنه تم إطلاق العديد من المبادرات في هذا الصدد، والتي ساهمت على وجه الخصوص في إنشاء مجموعة من التكتلات الاقتصادية الإقليمية.

وسجل الجواهري أن البلدان الإفريقية أطلقت، في الآونة الأخيرة، منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، التي تشكل بارقة أمل بالنظر إلى منافعها المحتملة. وفي هذا الصدد، وبالرغم من كونها تقريبية، فإن مختلف التقييمات المنجزة بخصوص تأثيراتها تشير إلى مكاسب هامة.

وحسب والي بنك المغرب، فعمليات المحاكاة التي أجراها صندوق النقد الدولي تبين أن إنشاء هذه المنطقة، إذا ما صاحبته إصلاحات لتسهيل المبادلات، يمكن أن يرفع متوسط المبادلات التجارية لإفريقيا مع بقية العالم بنسبة 15 في المئة ومع البلدان الإفريقية بنسبة 53 في المئة، مما سيساهم في زيادة الناتج الداخلي الخام الوسيط للفرد الواحد بأكثر من 10 في المئة.

في سياق متصل، أكد الجواهري، أنه ما يزال أمام إفريقيا طريق طويل، بالنظر إلى أنها بحاجة إلى تثمين رأسمالها البشري للاستفادة من عائدها الديمغرافي، وتنفيذ إصلاح عميق لاقتصاداتها من أجل استغلال ثرواتها على نحو أفضل، وسد العجز الكبير في بنيتها التحتية، مشيرا إلى أن ذلك يتطلب موارد هامة في سياق يتسم بتقلص هوامش الميزانية وتشديد شروط التمويل، حيث يبلغ حجم الاحتياجات التمويلية غير الملباة في مجال البنية التحتية، حسب البنك الإفريقي للتنمية، ما بين 68 مليار و108 مليار دولار سنويا.

وإضافة للموارد المالية، أكد الجواهري، أن إنجاح تنفيذ هذه الإصلاحات يتطلب في المقام الأول توفير بيئة من الاستقرار السياسي والأمني، وهو ما تفتقر إليه اليوم بعض مناطق القارة الإفريقية، مشيرا إلى أن إفريقيا تتمتع، مع ذلك، بإمكانات تنموية هائلة، مبرزا أن ثروتها الأولى ليست سوى ساكنتها الشابة وسريعة النمو.

وحسب نفس المسؤول المالي، فرغم السياق الدولي الصعب، فإن إفريقيا مطالبة بالنهوض والظفر بمكانها داخل الساحة الدولية، مضيفا أن حصول الاتحاد الإفريقي على صفة العضو الدائم في مجموعة العشرين في سنة 2023، وكذا القرار الأخير بمنح مقعد ثالث للقارة في مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، ماهي إلا مؤشرات أولية تبشر بأن إفريقيا ستحظى لامحالة بالمكانة اللائقة بها على المستوى الدولي.

وأكد الجواهري أن الملك محمد السادس دعا، غير ما مرة، إلى تنمية مشتركة على أساس رابح-رابح، وأطلق مشاريع كبرى مثل خط أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا الذي من شأنه أن يساهم في تنويع الإمدادات الطاقية للعديد من البلدان، والمساهمة في ضمان الأمن الغذائي بالقارة، وكذا المبادرة الأطلسية الرامية إلى تسهيل الاندماج التجاري للعديد من البلدان غير الساحلية، مبرزا في نفس الإطار أن القارة الإفريقية لطالما تبوأت مكانة مركزية في التوجهات الاستراتيجية للمملكة.

في نفس السياق أكد والي بنك المغرب، أن السياسات العمومية المتعلقة بالمبادلات التجارية والاستثمار تحظى عموما بمكانة متفردة مع باقي بلدان القارة، مما يسهل استقرار العديد من المجموعات المغربية التي تعمل في مجال الخدمات المالية، وقطاعات التعدين، والاتصالات اللاسلكية، والعقار، وغيرها، مشيرا إلى أن بنك المغرب، انخرط، طبقا للرؤية الملكية، في تحفيز ومواكبة القطاع البنكي في نموه الخارجي في إفريقيا، مضيفا أن البنوك المغربية حاضرة اليوم في أكثر من ثلاثين بلدا في القارة، حيث تحقق حوالي 23 في المئة من نشاطها.

وأضاف الجواهري قائلا ضمن نفس المداخلة “بصفتنا بنكا مركزيا، فقد طورنا علاقات وثيقة لتبادل التجارب والخبرات مع العديد من الهيئات التنظيمية في القارة، سواء على المستوى الثنائي أو في إطار منتديات مثل جمعية البنوك المركزية الإفريقية أو اللجنة الاقتصادية لإفريقيا أو الاتحاد الإفريقي”.

يذكر أن النسخة الخامسة من هذا الملتقى الاقتصادي، المنظم من طرف بنك المغرب ومختبر الأبحاث حول الابتكار والمسؤوليات والتنمية المستدامة بجامعة القاضي عياض بمراكش، ومركز برنولي للعلوم الاقتصادية في جامعة بازل (سويسرا)، بتعاون مع مجلس جهة الداخلة – الذهب، تندرج في إطار المبادرات الرامية إلى تعزيز التبادل البنّاء بين الباحثين والأكاديميين وصناع القرار، بهدف تقديم توصيات بشأن القضايا الأساسية في مجال السياسات الاقتصادية.

وقد عرف هذا الملتقى الاقتصادي أيضا مشاركة عدد من سفراء بلدان الساحل، ورؤساء مجموعة من المجالس الاقتصادية والاجتماعية في إفريقيا، وفاعلين محليين يمثلون مدنا وجهات من القارة الإفريقية، بالإضافة إلى رؤساء جامعات إفريقية مرموقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى