اقتصاد

ملف الاحد: سياسة أخنوش تدخل الاقتصاد المغربي الى غرفة العناية المركزة :تزايد الفقر: تنامي غلاء الاسعار: التضخم

مع تولي عزيز أخنوش رئاسة الحكومة، و هو في نفس الوقت زعيم حزب التجمع الوطني للاحرار الذي فاز في إنتخابات 2021،، يسير الاقتصاد المغربي نحو معدلات نمو متواضعة خلال وسط سنة 2024، نتيجة أزمات داخلية وخارجية، وسط تفاقم عجز الميزانية ومعدلات التضخم والفقر و الجفاف و نذرة المياه و مخلفات الازمات الطبيعية و الصحية و دخول الحكومة مع إنهاء مهام صندوق المقاصة و البدأ في تنزيل الزيادة في المواد الاساسية بدءا من غاز الى البوتان مرورا الى الدقيق و السكر و غير ذلك .

وسجلت ميزانية المغرب عجزا بقيمة 30.4 مليار درهم (نحو 3 مليارات دولار) ، وفقا لوزارة الاقتصاد والمالية، ونجم ذلك بشكل أساسي عن سياسات حكومة أخنوش الفاشلة إزاء الأوضاع ما بعد جائحة كورونا وأزمة حرب أوكرانيا.

أسباب التراجع

ويأتي تراجع النمو في المغرب مدفوعا بعدة عوامل، في مقدمتها تراجع الإنتاج الزراعي نتيجة خسارة 30 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الزراعي منذ الموسم الزراعي لعام 2022 الى الموسم الاخير لعام 2024 الذي كان جد قاسيا، ما سيؤثر سلبا على نمو الاقتصاد إجمالا بنحو 2.7 نقطة، بعد انخفاض معدل هطول الأمطار بنسبة 53بالمئة.

وهو ما قلص معدلات ملء السدود إلى نحو 25 بالمئة فقط، بالإضافة إلى فقدان أكثر من 50 مليون ساعة عمل في المجال الزراعي، لتتراجع توقعات الحكومة لنمو المحصول من الحبوب خلال الخريف الماضي من 80 مليون قنطار إلى 25 مليون قنطار.

وتبلغ نسبة الصادرات الزراعية نحو 21 بالمئة من إجمالي الصادرات المغربية، وهي تعد ثاني أكبر مصدر للعملات الصعبة في البلد.

فمرور المغرب بمرحلة وباء كورونا وظروف الحرب الروسية الأوكرانية، وكل هذه الأمور تسببت في تراجع معدلات النمو لمستوى متواضع جدا، نتيجة معوقات متعددة.

و تعتبر المعوقات من أهمها غلاء المواد الأولية ووسائل الطاقة، سواء البترول أو الغاز، التي تعد من المداخيل المهمة في تكوين تكلفة الإنتاج في أي بلد كان وأي نوع من الإنتاج سواء كان إنتاجا صناعيا أو فلاحيا أو خدماتيا.

و تستمر حالة الركود التضخمي التي يعيشها العالم، نتيجة ارتفاع الأسعار وتراجع النمو العالمي، أكثر من عام آخر على أبعد تقدير حتى تتمكن البلاد من الانتقال إلى مرحلة الأفق التنموي الحقيقي مع نهاية عام 2024.

وحذر البنك الدولي من أن رفع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم خلال الفترة الماضية، بهدف خفض وتيرة ارتفاع أسعار السلع والمنتجات، قد يؤدي إلى ركود عالمي في عام 2024 ما يعني تباطؤ معدلات النمو مستقبلا.

وحول توقعات بنك المغرب بتراحع الاقتصاد في 2024، وتبين أن هذه النسبة مرجعيتها الأساسية ناتجة عن توقعات البنك بأن المغرب سيتدارك الرسوب والركود الحالي أو ما فقدناه خلال الثلاث سنوات الأخيرة.

الاقتصاد المغربي تراجعا كثيرا و ذلك منذ مستوى نمو 2019، وبالتالي لم نتدارك بعد تبعات الركود الاقتصادي التي عاشها المغرب والعالم بسبب وباء كورونا وغيرها من الأزمات الحالية.

و تعد أسباب تراجع النمو بالمغرب إلى تعددت الإكراهات والتحديات التي واجهت الاقتصاد المغربي، بعضها طبيعي كتوالي سنوات الجفاف والتغيرات المناخية، وبعضها ظرفي مرتبط بمخلفات الحالة الوبائية ككورونا  وموجة الغلاء و التضخم و زلزال الحوز و بحث المغرب عن السيولة و الاستثمارات إستعدادا لتنظيم كأس العالم الشمترك.

فالتدابير الاحترازية لمواجهة وباء كورونا و زلزال الحوز و الجفاف و التضخم أثرت سلبا على العرض والطلب، يضاف إلى ذلك تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية من ارتفاع الكلفة على مستوى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء ما كبد المملكة فواتير باهظة ليتفاقم عجز ميزانها التجاري إلى مستويات قياسية.

وارتفع العجز التجاري للمغرب  مع بداية النصف الاول من عام 2024  ذلك بفعل التضخم المتزايد و ازمة مرور عيد الاضحى و غلاء الاسعار المختلفة و التي لها علاقة بالقدرة الشرائية اليومية و كذلك أزمة نذرة الماء.

وتشير إحصاءات المكتب إلى أن فاتورة الطاقة زادت بأكثر من الضعف بـ89مليار درهم (8.09 مليارات دولار) ، مقابل 40 مليار درهم (3.55 مليارات دولار) لنفس الفترة ، ما يمثل زيادة بقيمة 49.4 مليار درهم.

بينما سجلت المنتجات غير البترولية و الغاز مثل القمح والشعير والسكر زيادة بـ52.8 بالمئة، حيث كلفت المغرب حوالي 54.3 مليار درهم (4.98 مليارات دولار)

تداعيات مؤلمة

وسط تلك الأسباب تأتي تداعيات هذا التراجع الملحوظ في الاقتصاد المحلي خلال عام 2024، لتفرز مجموعة من السلبيات على الواقع الاقتصادي، ما ينذر بمخاطر عديدة خلال الفترة القادمة.

و أن التأثير الأول لتراجع معدل النمو هو تزايد البطالة، الأمر الذي يعني اضمحلال القدرة الشرائية وتفاقم الفوارق الاجتماعية، نظرا لأن النمو هو المحرك الذي يدفع أي اقتصاد ويحافظ على مستوى معيشة سكانه ومستوى التشغيل وما إلى غير ذلك.

وارتفع معدل التضخم إلى 8  في المائة مع مارس 2024 أساس سنوي، وهو أعلى مستوى مسجل في المملكة منذ تسعينيات القرن العشرين، ما اضطر البنك المركزي لرفع سعر الفائدة 50 نقطة أساس إلى 2 بالمئة في خطوة لم يقدم عليها البنك منذ 14 عاما.

وبلغت نسبة البطالة في المغرب 13,5 بالمئة ليصل إجمالي عدد العاطلين عن العمل إلى 1.500.000 عاطل، وفقا لأرقام المندوبية السامية للتخطيط.

ويسائل تحفيز هذا النمو الضعيف من خلال سن سياسات وقوانين محفزة للاستثمار للتخلص من المعوقات المحيطة بالاستثمار في المغرب والتي يوجد منها الإداري والقانوني.

أي أنها ليست بالضرورة مالية، و”بالتالي في حال عالجنا تلك المعوقات من الممكن أن نخلق فضاءات تسمح بتقوية الاستثمار لتحفيز الاقتصاد”.

وبات  بضرورة استغلال “الاستقرار السياسي” الذي ينعم به المغرب مقارنة بدول الجوار أو بالمنطقة عموما، فضلا عن قربه من السوق الأوروبية ما يجعله في موقع المستفيد، متوقعة إعادة اتجاه الاستثمارات الدولية نحو المغرب، خاصة في مجال الصناعة.

وأصبح  في الآونة الأخيرة  أن شهد المغرب وجود الكثير من الاستثمارات الدولية التي تأخذ بعين الاعتبار إمكانية الاستثمار في البلاد بشكل جدي أكثر وأكثر في القطاعات التي لم يكن ينجذب إليها الاستثمار الأجنبي في الرباط وعلى رأسها قطاع الأدوية.

و يسعى المغرب الى  توسيع آفاق صناعة الدواء و اللقاحات وتشجيع الإنتاج المحلي من أجل تجاوز الأزمات الصحية القادمة وتحقيق الاكتفاء الذاتي، إلى جانب القيمة المضافة التي ستنعكس على سوق العمل مع التركيز على التصدير إلى أسواق إفريقيا،و  التباطؤ في النمو سيؤثر على نمو المداخيل والاستهلاك والادخار، وسيعرف الدخل الوطني الإجمالي تباطؤا.

وهو ما يزيد من تفاقم الديون الأسرية، حيث تقدر بأكثر من 34 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، فضلا عن تزايد ارتفاع الواردات وهو ما يزيد من حدة التضخم.

ويشار  إلى أن عنصر المفاجئة جعل المغرب يتأخر في تنفيذ إصلاحات اقتصادية وهيكلية تجنبه من هكذا أزمات عاصفة، إلا أنه وعلى الرغم من صعوبة ودقة المرحلة الراهن، يبقى لدى المملكة هوامش موضوعية غير موضوعية و خاصة أزمة نذرة المياه و توالي سنوات الجفاف و إنخفاض الانتاج الزراعي.

و تبقى العوائد الماليةال كبيرة من العملة الصعبة تستخلص من تصدير الفوسفات ومشتقاته، وهو اليوم ترتفع أثمانه إلى مستويات قياسية”.و كذلك إنتظار ما ستوج عليه تحويلات الجالية بالخارج

تزايد الفقر

في خضم تلك المعطيات يعاني المواطن المغربي من تفاقم معدلات الفقر وزيادة الأعباء المعيشية عليه، وذلك على الرغم من زيادة الحد الأدنى من الأجور.

وأظهرت دراسة نشرتها المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، ، أن 3.7 ملايين شخص إضافي انضموا إلى “لائحة الفقر أو الهشاشة” جراء تبعات الجفاف وآثار أزمة التضخم.

وتتوقع الهيئة الحكومية ارتفاع معدل الفقر في المغرب بفعل الانكماش في مستوى المعيشة والآثار السلبيةللاقتصاد الوطني الذي يعتمد على الفلاحة .

ومستوى الفقر بالبلاد  لم يتراجع إلى ما كان عليه في عام 2014، حيث توقعت الدراسة ارتفاع معدل الفقر المطلق من 4.9 بالمئة في 2022،الى 7 في المئة عام 2024.

و اصبح بضرورة العمل على توفير تغطية اجتماعية شاملة و غير مقصية  للأسر الفقيرة والمتوسطة سواء الإعانات المباشرة أو غير المباشرة، وذلك من خلال ضخ أموال في الميزانية لمواصلةدعم المواطن بشكل مباشر للحفاظ على ثمن معقول للغاز والمواد الأساسية في إطار محاولة تخفيف العبء على الفئات الفقيرة.

وبات من المفترض دعم صناديق التقاعد ورفع الحد الأدنى للمعاشات وتقوية كل ما هو اجتماعي داخل ميزانية الدولة، وكذلك تقديم الدعم بشكل مؤسساتي لتخفيف الأعباء في نهاية المطاف على المواطن المتوسط والفقير.

و توجد فئات تزداد فقرا أو تسقط فيه نتيجة فقدان العمل أو غيره، و أن من سقطوا في إطار الفقر قد يخرجون من تلك الدائرة خلال  سنوات ولكن هذا مرتهن باستعادة الاقتصاد لعافيته.

فرغم تطبيق زيادة على الحد الأدنى للأجور في القطاعين العام والخاص، بواقع 6 بالمئة و10 بالمئة على التوالي، بعد اتفاق وقع في مايو 2022 مع النقابات الكبرى واتحاد أصحاب العمل.

و اصبح من الطبيعي أن ترتفع معدلات الفقر، وأن تزداد الهشاشة والتهميش في المدن الداخلية والقرى والبوادي بعد توالي سنوات الجفاف، وما يطرح اليوم من إشكالات تتعلق بصعوبات توفير الماء الصالح للشرب للسكان،بعد أن نال الجفاف من الممكلة لسنوات متتالية تسبب في تراجع حقينة السدود و المياه الجوفية.

ومن المتوقع أن يرتفع الفقر من 2 إلى 5بالمئة بالمناطق الحضرية، ومن 8 بالمئة إلى 13 بالمئة في الوسط القروي، وفق دراسة المندوبية السامية للتخطيط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى