مجتمع

ملف الاحد:”تمظهرات” الميوعة على منصات التواصل الاجتماعي في المغرب

ظهور الميوعة على منصات التواصل الاجتماعي في المغرب

في السنوات الأخيرة، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي تشكل جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية للمغاربة، حيث أتاح الإنترنت وسيلة جديدة للتفاعل والتواصل مع العالم. ومع انتشار هذه المنصات، ظهرت ظاهرة جديدة في الساحة المغربية، وهي الميوعة، التي بدأت تتجلى في سلوكيات ومحتويات البعض على منصات مثل فيسبوك، إنستغرام، وتيك توك. الميوعة هنا تشير إلى التصرفات و المحتويات التي تتميز بالانفتاح الزائد، والخروج عن التقاليد الاجتماعية، مما يثير جدلاً واسعًا حول تأثير هذه الظاهرة على الثقافة والمجتمع المغربي.

1. تعريف الميوعة في السياق المغربي:

الميوعة تُعرف عمومًا بأنها الانحراف عن المعايير الاجتماعية السائدة في السلوكيات والأفعال، وقد تتخذ هذه الميوعة أشكالًا مختلفة مثل الظهور في ملابس غير لائقة، أو تصرفات مبالغ فيها، أو محتويات خادشة للحياء. في السياق المغربي، تتمثل هذه الميوعة بشكل كبير في العادات والتقاليد التي تعتبر صارمة إلى حد ما، حيث يُنتظر من الأفراد خصوصًا الشباب أن يتبعوا سلوكًا محافظًا يتماشى مع الثقافة المحلية.

2. أسباب ظهور الميوعة على منصات التواصل الاجتماعي:

هناك عدة عوامل قد تكون وراء انتشار ظاهرة الميوعة على منصات التواصل الاجتماعي في المغرب:

الانفتاح على ثقافات مختلفة: مع وصول الإنترنت إلى شريحة واسعة من الشباب المغربي، بدأوا يتعرضون لثقافات وأيديولوجيات مختلفة، بعضها يتسم بالتحرر والانفتاح، مما قد يساهم في تغيير بعض المواقف والسلوكيات التقليدية.

البحث عن الشهرة: منصات التواصل الاجتماعي تعتبر ساحة تنافسية للحصول على المتابعين والشهرة. من هنا، قد يلجأ البعض إلى نشر محتويات قد تكون مغايرة للأعراف الاجتماعية بهدف جذب الانتباه أو تحقيق المزيد من التفاعل مع متابعيهم.

تأثير المؤثرين: هناك فئة كبيرة من المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي، سواء من داخل المغرب أو خارجه، الذين يعرضون نمط حياة مغاير لما هو مألوف في المجتمع المغربي. تأثير هؤلاء المؤثرين قد يُحفز البعض على محاكاة هذه السلوكيات.

عدم وجود رقابة كافية: رغم الجهود المبذولة من السلطات، لا يزال من الصعب مراقبة المحتويات المنتشرة على الإنترنت بشكل فعال. مما يسمح ببقاء بعض السلوكيات المائعة دون تدخل أو توجيه.

3. أشكال الميوعة على منصات التواصل الاجتماعي:

تتنوع أشكال الميوعة التي تظهر في المحتوى المغربي على منصات التواصل الاجتماعي، ومنها:

الظهور في ملابس غير تقليدية: مثل ارتداء ملابس مبتذلة أو تكشف جزئي للجسد بما يتناقض مع الأعراف الثقافية والدينية في المغرب.

المحتويات المثيرة للجدل: قد يُنشر بعض الفيديوهات أو الصور التي تحتوي على ألفاظ نابية، أو تلميحات جنسية، أو سلوكيات تمردية قد تؤدي إلى إثارة استياء فئات كبيرة من المجتمع.

الرقصات والإيماءات الجسدية: على منصات مثل تيك توك، انتشرت بعض الرقصات المبالغ فيها التي تتسم بالإثارة أو الانفتاح المفرط على حساب القيم الاجتماعية.

محتوى يعبر عن التمرد على القيم التقليدية: يتمثل هذا في الآراء المثيرة للجدل حول الدين أو التقاليد أو المواضيع الاجتماعية الحساسة، مثل الزواج والعلاقات الأسرية.

4. التأثيرات السلبية للميوعة على المجتمع المغربي:

التأثير على الشباب: بما أن الشباب يشكلون جزءًا كبيرًا من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، فإن ظهور الميوعة قد يؤدي إلى تشويش أفكارهم حول الهوية الثقافية والدينية، وقد يضعف من قيمتهم الاجتماعية، خاصة عندما يتعرضون لتضارب بين ما هو تقليدي وما هو معاصر.

الإضرار بالصورة الثقافية للمغرب: المغرب له هوية ثقافية غنية وتقاليد تمتد لآلاف السنين، وبعض هذه التصرفات قد تضر بصورة المجتمع المغربي في عيون الآخرين، خاصة من خلال ما يتم نشره على منصات عالمية.

التأثير على العلاقات الأسرية: بعض التصرفات المائعة قد تؤدي إلى حدوث توترات داخل الأسر، حيث تشعر العائلات بالحيرة والقلق حول تأثير هذه السلوكيات على القيم الأسرية، خصوصًا عندما تصبح هذه التصرفات جزءًا من الحياة اليومية.

5. دور السلطات والمجتمع في مواجهة الميوعة:

من أجل الحد من انتشار الميوعة، هناك عدة خطوات يمكن اتخاذها:

التوعية المجتمعية: يجب تعزيز التوعية الدينية والثقافية بين الشباب من خلال المؤسسات التعليمية والمنظمات الاجتماعية لتوضيح مخاطر الميوعة وتأثيرها على المجتمع.

التوجيه والإرشاد: يمكن تقديم الدورات التدريبية أو الورشات التي تعزز من فهم الشباب للقيم المجتمعية والأخلاقية في السياق العصري.

تشديد الرقابة على المحتوى: رغم التحديات في الرقابة على الإنترنت، يمكن اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لضبط المحتوى الموجه إلى الجمهور، خاصة عبر منصات التواصل الاجتماعي، مع الحفاظ على حرية التعبير.

دور الأسرة: الأسرة تعتبر العامل الرئيسي في توجيه السلوكيات وتعليم الأطفال والشباب القيم المجتمعية والدينية. ومن خلال الحوار والرقابة المعتدلة، يمكن تقليل تأثير الميوعة.

6. خاتمة:

في الختام، يعد ظهور الميوعة على منصات التواصل الاجتماعي في المغرب ظاهرة متزايدة ومعقدة، تتداخل فيها عوامل ثقافية، اجتماعية، وتقنية. بينما يمكن اعتبار هذه الظاهرة جزءًا من تطور المجتمع المغربي في عصر العولمة والانفتاح، يجب أن يتم التعامل معها بحذر من خلال التوازن بين التقاليد والانفتاح على العالم، مع الحفاظ على الهوية الثقافية والدينية للمجتمع المغربي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى