سياسة

مقال تحليلي :الإحتفال بالسنة الأمازيغية بين القرار الملكي السامي و تنطع بعض الساسة لأستغلال الحدث

إحتفال بالسنة الأمازيغية الذي إحتفل به المغاربة أمس الثلاثاء (14 يناير 2024)،و بعطلة رسمية هو قرار سيادي يجره الفظل فيه الى صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي أقر اللغة الأمازيغية كلغة رسمية في البلاد خلال دستور 2011،غير أن تنطع بعض الساسة في محاولة إستغلال الحدث أفسد الإحتفالات،فعوض تنظيم منتديات علمية و ثقافية و الإنكباب على تنزيل تصور شامل لكل المغاربة،و مدى دور الملكية في تفعيل عدة مقتضيات من خلال دستور جد متقدم،إلا أن الجميع و خاصة المسؤولين الحكوميين و رؤساء الأحزاب إختاروا اكل “العصيدة” و تمييع الإحتفالات من خلال نشر ثقافة “البوز” و عودة العام زين من خلال منصات لا تخدم اللغة الأمازيغية بقدر ما تذكرها بأنها مرتبطة بالأهازيج.

وتناولت هيئات حقوقية ملف تنزيل الطابع الرسمي للأمازيغية من خلال  بعض الجهود التي وصفتها بـ “المحدودة” و”الخجولة” في مجالات مختلفة لتنزيل الطابع الرسمي للأمازيغية وتفعيل مقتضيات الدستور والقانون التنظيمي ذي الصلة، مشيرة إلى أن ذلك “يعكس غياب رؤية استراتيجية واضحة وشاملة تضمن التفعيل الكامل للطابع الرسمي للأمازيغية في جميع مناحي الحياة العامة”.

وبمناسبة حلول رأس السنة الأمازيغية 2975، و التي غلب عليها البهرجة و الأهازيج و تناول العصيدة من طرف رئيس الحكومة الذي يحاول الركوب على الحدث الدستوري لخدمة أجندته السياسية و خاصة إنتاخابات 2026،و التي يراهن على القرى لإرجاعه الى رئاسة الحكومة،إلا أن   هناك جهودا خجولة لإدماج الأمازيغية في التعليم والإدارة العمومية، إضافة إلى دعم نسبي للإنتاج الثقافي والإعلامي الناطق بالأمازيغية”،مع تغييب التنمية الحكومية لمناطق الأمازيغ، وهو ما يؤكد أن هذه الخرجات لا تزال محدودة ودون مستوى التطلعات الشعبية والمؤسساتية.

و يمثل  التعليم أحد المحاور الأساسية لتفعيل الأمازيغية، حيث إن تعميم تدريسها في مختلف المستويات التعليمية لا يزال بعيد المنال، و أن “الأمازيغية تعاني من نقص كبير في الموارد البشرية المؤهلة وغياب كتب مدرسية كافية وتكوين مستمر للمدرسين، وهو ما يساهم في تعطيل توسيع نطاق استخدامها”.

وفيما يتعلق بالإدارة العمومية، تبقى المبادرات الرامية إلى إدماج الأمازيغية في الخدمات المقدمة للمواطنين ظلت محدودة وتفتقر إلى الانتشار اللازم، وخاصة “في المجال الثقافي والإعلامي، فإن الإنتاجات الناطقة بالأمازيغية تعاني من ضعف الدعم الكمي والنوعي، مما يؤثر على تعزيز حضورها في المشهد الثقافي الوطني”.

و تواجه الأمازيغية  ضعف الإرادة السياسية ونقص الموارد المالية والبشرية المخصصة لتفعيل مقتضيات الدستور والقانون التنظيمي المرتبط بها”، منبها إلى “أن التهميش الذي تعاني منه الثقافة الأمازيغية في بعض القطاعات يستدعي مراجعة شاملة لهذه السياسات لتصحيح الوضع”.

ولا تزال مجموعة من الإدارات الرسمية او شبه الرسمية تحتفظ بيافطات اسمية مكتوبة باللغتين العربية والفرنسية في حين يتم إقصاء اللغة الأمازيغية منها،مع العلم أن مختلف الأمازيغ لا يتقنون قراءة و كتابة الحروف الأمازيغية وهو ما قد يسقط الجميع في تناقض كبير،وهو الدفاع على كتابة حروف تيفناغ في جميع اليافطات و لكن من يقرأها يبقى جد محود بسبب غياب التنزيل الفعلي لتعليمها،وهو ما قد يدخل الدولة في إطلاق دروس محو الأمية الأمازيغية للكبار و كذلك تفعيل مستعجل لتدريسها بأقسام الإبتدائي على الصعيد الوطني.

وفي سياق الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، يبقى العمل الإيجابي هو الإشادة  بالقرار الملكي الداعي إلى إقرار هذا اليوم عيدًا وطنيًا وعطلة رسمية مدفوعة الأجر،  و ذلك لما من إرادة ملكية و ليس حكومية التي يحاول البعض سرقة أحذية المجاهدين في كل المجالات،و بات إحترام ما حققه جلالة الملك محمد السادس و الإشادة به في كل المحافل و ليس التنطع و الركوب عليه لخدمة مصالح سياسية ضيقة،فظلا على أن القرار الملكي يعتبر  خطوة رمزية ومهمة نحو الاعتراف الكامل بالهوية الأمازيغية ومكانتها في الهوية الوطنية الجامعة.

فالتعدد اللغوي والثقافي هو قيمة أساسية من قيم المواطنة، بالإضافة إلى أنها تعزز الحقوق الثقافية واللغوية الأمازيغية باعتبارها تشكل ضرورة لتحقيق العدالة الاجتماعية وترسيخ قيم التنوع والوحدة الوطنية.

فعندما زار جلالة الملك بلدة أجدير بإقليم خنيفرة عام 2001،و بحث قال جلالته في خطابه التاريخي،””كما أننا نريد التأكيد على أن الأمازيغية، التي تمتد جذورها في أعماق تاريخ الشعب المغربي، هي ملك لكل المغاربة بدون استثناء، وعلى أنه لا يمكن اتخاذ الأمازيغية مطية لخدمة أغراض سياسية، كيفما كانت طبيعتها.

فقد ظل المغرب، عَبْر العصور، متميزاً بالتحام سكانه، مَهمَا كانت أصولهم ولهجاتهم، متشبثين بمقدساتهم ووحدة وطنهم، ومُقاومتهم لكل غزو أجنبي أو محاولة للتفرقة.””

و جلالته ابى في فترات متعددة زيارة مختلف المناطق الأمازيغية لإطلاق بها مشاريع تنموية مهمة و جعله يصعد الى الدواوير و يصل الى المناطق الجبلية الوعرة للإطلاع على أحوال المواطنين،و ليس من أجل الوصول هناك لأكل “تاكلا” أو العصيدة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى