سياسة

مطالب زيادة المقاعد في البرلمان المغربي: ريع سياسي على حساب المواطن

في ظل النقاش الوطني حول تحديث المنظومة الانتخابية وتجويد العمل البرلماني، تعود بعض الأحزاب للمطالبة بزيادة عدد مقاعد مجلس النواب، تحت ذرائع ديمغرافية أو شعارات تمثيلية، في خطوة تكشف حقيقة النوايا الحزبية: الريع السياسي والتموقع الانتخابي على حساب المواطن.

هذه المطالب، وإن بدت تقنية وتنظيمية على السطح، هي في جوهرها محاولة لتوسيع دائرة النفوذ الحزبي، وضمان حصص أكبر من الريع السياسي من خلال أرقام إضافية، بينما يعاني البرلمان بالفعل من غياب الضمير التمثيلي، ضعف المبادرة التشريعية، وانتشار الغياب بين النواب.

الحديث عن مقاعد إضافية لمغاربة العالم، أو للكفاءات، أو للجهات، ليس سوى ستار لتجميل إعادة توزيع المكاسب الحزبية، وليس لزيادة التمثيلية الفعلية. فتمكين النساء والشباب لا يتحقق بعدد المقاعد، بل بمسارات حزبية سليمة وصعود نخب كفوءة عبر الكفاءة والجدارة، لا عبر لوائح معدة على المقاس لترضية التوازنات الحزبية.

الأدهى أن هذه المطالب تأتي في وقت يزداد فيه وعي الرأي العام بغلاء المعيشة والحاجة إلى ترشيد النفقات العمومية، ليجد المواطن نفسه محرّكاً لدفع المزيد من الأموال لدعم تعويضات النواب ومرافق البرلمان، في خدمة مصالح حزبية ضيقة، لا لمصلحة عامة.

الدروس المستخلصة من التجارب الدولية واضحة: عدد المقاعد لا يخلق التمثيلية، ولا يحقق الأداء السياسي الفعال. المطلوب هو جرأة المواقف، جودة النصوص، استنهاض المبادرات، ومحاسبة النواب المتقاعسين. البرلمان المغربي بحاجة اليوم إلى ضمائر حية ومصداقية سياسية، وليس إلى ريع جديد عبر مقاعد إضافية.

في نهاية المطاف، ما تحتاجه المؤسسة التشريعية ليس زيادة في الأرقام، بل إعادة ضبط الأولويات، وضخ روح المسؤولية، وقطع الطريق على من يحاول تحويل البرلمان إلى أداة للتقاسم الحزبي والريع السياسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى