مجتمع

مسيرة الغضب: ساكنة حامة مولاي يعقوب تقطع 25 كلم مشيًا لرفض الترحيل نحو المجهول

في مشهد احتجاجي غير مألوف يعكس عمق الأزمة الاجتماعية والإنسانية، نظّمت ساكنة مركز حامة مولاي يعقوب، صباح اليوم الثلاثاء 17 يونيو الجاري، مسيرة احتجاجية شعبية مشيًا على الأقدام نحو مقر عمالة إقليم مولاي يعقوب، احتجاجًا على قرار ترحيلهم القسري نحو منطقة “أزليلك رأس الماء” التابعة لجماعة عين الشقف، في سكن مهجور يرجّح أنه تابع لمشاريع سابقة لشركة “العمران” فشلت في تسويقه وبيعه.

ورغم قطعهم لأكثر من 25 كيلومترًا في مسيرتهم، فقد وُوجه المحتجون برفض الاستقبال من طرف عمالة الإقليم، ما دفعهم إلى تحويل وجهتهم صوب ولاية جهة فاس مكناس، في محاولة لإيصال صوتهم إلى المسؤولين الجهويين بعد أن خاب أملهم في السلطات الإقليمية.

غضب واحتقان… وإصرار على البقاء

وتأتي هذه الخطوة التصعيدية بعد أيام قليلة فقط من مسيرة احتجاجية مماثلة، مما يعكس الاحتقان المتصاعد في صفوف الساكنة، خاصة في ظل ما اعتبروه قرارًا جائرًا بترحيلهم من مساكنهم الأصلية نحو بديل مجهول المصير، يفتقر لأدنى شروط الكرامة، ومفصول تمامًا عن مصدر عيشهم الوحيد المرتبط بالحامة.

الساكنة عبرت عن رفضها القاطع للترحيل إلى منطقة بعيدة تفصلها عن “الحامة” – مصدر رزقهم اليومي – مسافة لا تقل عن 30 كلم، معتبرين أن أي إبعاد قسري من منطقتهم الأصلية هو حكم بالإعدام الاقتصادي والاجتماعي على مئات الأسر التي تعيش من العمل الموسمي والأنشطة المرتبطة بالسياحة العلاجية في الحامة.

الترحيل من هبة ملكية إلى سكن مهجور؟

ما زاد من غضب المحتجين، هو أن الأرض التي يسكنونها تعود إلى هبة ملكية منحها لهم المغفور له الملك الحسن الثاني، معتبرين أن قرار ترحيلهم يتنافى تمامًا مع هذه الهبة، ويُقصيهم من حقهم التاريخي والأخلاقي في الإقامة بها.

وأضاف عدد من المحتجين أن مساكنهم، ورغم تضرر بعضها بفعل التقادم والبناء العشوائي، لم تحظ بأي عملية تأهيل أو إعادة هيكلة من طرف الجهات المسؤولة، و انه من الأجدر التدخل  من طرف وزارة السكنى والمجالس الجهوية والمحلية لإعادة الترميم أو البحث لهم عن بديل قريب من الحامة التي هي مصدر قوت عيشهم.

إنذارات بالإفراغ… ومناشدة لجلالة الملك

ورغم توصّل العشرات من السكان بإنذارات بالإفراغ من سلطات عمالة مولاي يعقوب، فإنهم عبّروا عن تشبثهم بالبقاء في منطقتهم، مفضّلين مواجهة التشريد على التهجير القسري. وقد رفع المحتجون الأعلام الوطنية وصور جلالة الملك محمد السادس، مردّدين شعارات الولاء للعرش العلوي، ومطالبين بتدخّله لإنصافهم وإنقاذهم من مصير مجهول.

صرخة في وجه الإهمال… ومطلب بالكرامة

رسالة المحتجين كانت واضحة: “نرفض أن نُرحَّل إلى مساكن مهجورة تُركت لسنوات في طيّ النسيان، ولا نقبل أن نُنتزع من أرض أجدادنا التي منحها لنا الملك.” وطالبوا بإعادة تأهيل منازلهم المهددة بالانهيار بدل ترحيلهم، وتفعيل البرامج التنموية التي ظلت حبرًا على ورق.

ويبقى السؤال المطروح: هل ستتحرك الجهات المختصة لإنهاء هذا الوضع قبل أن يتحوّل إلى أزمة إنسانية شاملة في قلب جهة فاس مكناس؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى