قضاة المجلس الاعلى للحسابات يتعقبون “الصفقات” و “سندات الطلب ” المشبوهة

شرع قضاة المجلس الأعلى للحسابات في إجراء افتحاص شامل لسجلات صفقات جماعات ترابية ومؤسسات عمومية ذات استقلالية مالية وشركات ومكاتب وطنية، إثر رصد مفتشيات قطاعية آلاف الخروقات، المتعلقة بآلية طلبات الشراء “بون دو كوموند”.
وأطلق المجلس خطة موسعة لافتحاص هذا النوع من الصفقات ستستمر لعدة أسابيع، على أن تنشر نتائجه قبل دخول الصيغة الجديدة لطلبات الشراء على المنصة الرسمية للصفقات العمومية، خاصة في ما يتعلق بالصفقات غير المكتملة التنفيذ رغم أداء كل مستحقات الشركات الفائزة بالطلبيات، التي أصبحت تشكل ملاذا للهروب من صرامة المراقبة الرقمية لطلبات العروض وسندات الطلب.
وينتظر أن يتم الإعلان عن تفاصيل الرصد المتعلق بهذا النوع من الصفقات العمومية على منصة تتبع تنفيذ التوصيات، الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات، والموضوعة رهن إشارة رئاسة الحكومة ومختلف القطاعات الوزارية المعنية، قصد تيسير عمليات التواصل وتبادل المعلومات مع المجلس.
وتستحوذ الجماعات الترابية على أكثر من 80 في المائة من صفقات طلبات الشراء، إذ رصدت تقارير تدقيق مالي ومحاسباتي للمفتشية العامة للداخلية وجود اختلالات في مالية جماعة ترابية تتخللها خروقات ومخالفات مالية وإدارية تورط رؤساء جماعات محلية ومجالس عمالات وأقاليم.
واشتملت التقارير المذكورة على استفسارات لولاة وعمال عن صفقات بالملايين، تم تمريرها خرقا للمقتضيات المطبقة على الصفقات العمومية، خاصة في تلك المتعلقة بالمحروقات.
وتوصلت المصالح المركزية للداخلية بأجوبة من الآمرين بالصرف في جماعات ترابية، تبرر صرف مئات الملايين تحت خانة اقتناء المحروقات بالحصول على تأشيرات السلطات الوصية.
وكشفت افتحاصات المفتشية تلاعبات في تمرير ريع المحروقات، وشراء وقود وزيوت ضمن بنود تشغيل الآليات والشاحنات العاملة في إعادة تهيئة مسالك وطرق قروية، في إطار شراكة بين جماعات محلية ومجالس إقليمية ومديريات إقليمية للتجهيز.
وسجلت تقارير مختلفة، أن مبالغ مالية مهمة تم تمريرها تحت تنزيلات خاطئة، عوض تبويبها في خانة الوقود، على اعتبار أن إصلاح المسالك والطرق القروية يجب أن يتم بإبرام صفقات أشغال وليس بطلبات شراء، إضافة إلى تمديد تنفيذ صفقات إلى أكثر من أربع سنوات، خرقا للمادة 7 من دفتر التحملات، التي تحدد مدة قصوى في ستة أشهر، وعدم تضمين الملفات الحسابية للمحروقات أي وثيقة تفيد الإشهاد الفعلي على الخدمة.
ولاحظ المفتشون غياب سندات التسليم، وكذلك الحال بالنسبة إلى محاضر تتبع إنجاز الأشغال، التي يجب إعدادها من قبل لجنة خاصة، كما هو منصوص عليه في الاتفاقيات الموقعة بين الجماعات الترابية والمديريات الإقليمية للتجهيز، إضافة إلى غياب المنافسة في صفقات المحروقات وعدم وجود أي سجلات محاسبة، إذ عادة ينفرد الرؤساء بالتصرف، مع الإشارة إلى أن جماعات تنفق الملايين شهريا على المحروقات، لا تتوفر مصالحها على أدنى وثيقة لتتبع استهلاك الوقود، من قبل العربات المحسوبة على حظيراتها.