سياسة

صعود اليمين المتطرف و التوجس المغربي من قرارات ماكرون

تمكن حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف وحلفاؤه من حسم نتائج الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية المبكرة في فرنسا لصالحه، حاصدًا أكثر من 33 في المائة من الأصوات وسط مشاركة قياسية في الاقتراع منذ عقود، جعلته قريبًا من الوصول إلى الحكومة لأول مرة في تاريخ البلاد. هذا السيناريو ينذر بقرب حدوث تحولات كبيرة في المشهد السياسي الفرنسي، ويترقب تطوراته المغرب بالنظر للتأثير المحتمل على العلاقات الثنائية بين البلدين.

و قرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في التاسع من يونيو الماضي، حل البرلمان إثر صعود اليمين المتطرف للمرتبة الأولى في الانتخابات الأوروبية، مما عبّد الطريق لانتخابات سابقة لأوانها. شكل ذلك خيبة سياسية للرئيس الذي لم يحصل معسكره سوى على 22 في المائة من الأصوات حسب النتائج الأولية للاقتراع. بينما تصدر أقصى اليمين في فرنسا، ممثلا في حزب التجمع الوطني، النتيجة الأولية في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية، وحصل الحزب على 33% من الأصوات، متبوعا بالجبهة الشعبية الجديدة الممثلة لتيار اليسار التي حصلت على 28% من نسبة المشاركة المسجلة، وهي النسبة الأعلى منذ الدورة الأولى من انتخابات 1978 التشريعية في فرنسا، باستثناء اقتراع 1986 الذي جرى وفق النظام النسبي وعلى دورة واحدة.

هذه النتائج جعلت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يخرج عن صمته ويدعو الناخبين في بلاده إلى تحالف كبير في مواجهة التطرف، في حين دعا رئيس الوزراء غابرييل أتال إلى منع أقصى اليمين من الهيمنة على البرلمان وعدم منحهم ولو صوتًا واحدًا في الجولة الثانية من الانتخابات العامة، المقررة الأحد المقبل. مردفًا: “اليمين المتطرف على أبواب السلطة، وقد يحقق غالبية مطلقة. هدفنا واضح: منع حزب التجمع الوطني من الفوز في الجولة الثانية، ويجب ألا يذهب أي صوت إلى حزب التجمع الوطني”.

على الضفة الجنوبية للمتوسط، يترقب المغرب النتائج النهائية للانتخابات الفرنسية، سيما وأنها تأتي في سياق مسلسل إعادة الدفء للعلاقات الثنائية، عقب أزمة دبلوماسية صاخبة، في ظل عدم خروج المستعمر القديم من خانة الضبابية والرمادية فيما يتعلق بملف الصحراء، الذي بات “النظارة التي تقيّم وترى من خلالها المملكة صدق شركائها التقليديين والجدد”، وفق خطاب للملك محمد السادس. فيما ما تزال باريس منتظرة من جانبها، تحديد الرباط لموعد الزيارة التي من المفترض أن يقوم بها رئيس الجمهورية الفرنسية للمغرب من أجل لقاء العاهل المغربي، بعد أن تنضج الشروط.

في سياق مرتبط، يرى مراقبون أن تصدر حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف وحلفاؤه، من ضمنهم حزب “الجمهوريون” الذي يقوده إريك سيوتي، نتائج الانتخابات سيكون لصالح المغرب وسيكون مصدر إزعاج كبير للجزائر، خاصة وأن أحزاب اليمين الفرنسي تميل إلى تعزيز العلاقات مع المملكة. وفقًا لسيوتي، الذي أعلن عند زيارته للمملكة العام الماضي، عن موقف صريح مساند للرباط في قضية الصحراء، عندما أكد أن “سيادة المغرب على الصحراء أمر لا جدال فيه”. في وقت لم تعلن باريس بقيادة الرئيس إيمانويل ماكرون رسميًا اعترافها بسيادة المغرب على صحرائه مكتفيةً بدعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية لحل هذا النزاع.

من المهم الإشارة إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي ما تزال أمامه ثلاث سنوات من عمر ولايته، لا شك وأنها ستكون عسيرة في حالة صعود اليمين المتطرف. وبموجب الدستور الفرنسي فهو يحتكر قرار السياسة الدفاعية والخارجية، وهذا يعني أنها لن تتأثر بحصول أحزاب اليمين على الأغلبية البرلمانية، رغم أنه سيمكنها من صلاحية إصدار تشريعات (والتي هي ليست من اختصاص رئيس الدولة) وقرارات قد تؤثر على وضعية المهاجرين، سيما ارتباطًا بالتأشيرة والجنسية وغيرها، وهو ما كان قد تسبب في أزمات عصيبة مع الدول المغاربية الثلاث، وما يزال مخاضها مستمرًا حتى الآن.

وكان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، قد أكد على هامش اللقاء الذي جمعه بنظيره الفرنسي ستيفان سيجورنيه، في فبراير الماضي، أن “العلاقات بين البلدين هي علاقات تجمع دولة بدولة، والأساس فيها هو المتابعة والإشراف من رئيسي البلدين”، مضيفًا: “فرنسا شريك مميز للمغرب، سواء سياسيًا أو اقتصاديًا أو إنسانيًا.. لنا أسس متينة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى