سياسة

زلزال سياسي يهز جماعة مكناس.. عزل مستشارين واستقالات تُشعل فتيل البلوكاج

تعيش جماعة مكناس واحدة من أسوأ لحظاتها السياسية، بعدما اهتزت أركانها على وقع زلزال داخلي مدوٍ، إثر عزل 3 مستشارين بقرار قضائي نافذ، من بينهم نائبان للرئيس وكاتب المجلس. الوضع ازداد قتامة باستقالة عضوين من الأغلبية، في مشهد يعيد سيناريو الانقسام والشلل الذي خيّم على عهد العمدة السابق جواد باحجي.

وها هو التاريخ يعيد نفسه، لكن هذه المرة في عهد العمدة عباس المغاري، المنتمي لحزب الاتحاد الدستوري، حيث تفكّك التحالف الحاكم وتحوّل إلى أشلاء سياسية لا تقوى على إدارة شؤون المدينة. فالأغلبية الحالية، المتهالكة، لا تضم سوى 26 عضواً من أصل 61، جلهم ينتمون إلى أحزاب صغرى فاقدة للسند الحزبي المركزي، ما يُنذر بانفجار داخلي وشيك وسط مشهد سياسي مشحون بالصراعات والتجاذبات.

الاحتقان بلغ ذروته، وأصوات من داخل المجلس بدأت تطالب صراحةً بتدخل السلطات الإقليمية لإنقاذ العاصمة الإسماعيلية من الغرق في المزيد من التخبط والاختلالات. فالوضع لم يعد يحتمل مزيداً من الانتظار أو المجاملات السياسية، بعدما تحوّل المجلس إلى ساحة تصفية حسابات بين الأغلبية والمعارضة، وسط حالة من التراخي والفراغ في اتخاذ القرار.

وتُجمع فعاليات مدنية ومتابعون للشأن المحلي، على أن جذور الأزمة تعود إلى انتخابات 2021، التي أفرزت مجلساً مشلولاً منذ ولادته، طبعته الفوضى وغياب الرؤية. لا مشاريع كبرى أنجزت، لا بنية تحتية تحسنت، لا أوراش فتحت… فقط خُطب وشعارات. فلا إنارة عمومية تؤمن كرامة الليل، ولا طرقات صالحة، ولا حدائق تحفظ بيئة السكان، بل وحتى المحطة الطرقية وشارع محمد السادس وغيرهما من المشاريع، ظلت رهينة رفوف المجالس المتعاقبة.

نظافة غائبة، نقل عمومي متهالك، جبايات متدهورة، وملك عام منهوب… كلها عناوين فرعية لحالة العبث التي تغمر مكناس.

مقربون من دوائر القرار يرون أن المكتب المسير للمجلس سقط في فخ “الترضيات السياسية”، بتوزيع التفويضات والمسؤوليات بمنطق الولاء لا الكفاءة، ما جعل قطاعات حيوية تُدار بارتجال قاتل، بدل التخطيط والالتزام بالبرنامج التنموي.

ولعل أبرز الأصوات التي فجّرت هذه الفوضى، كانت المستشارة آمال بنيعيش، النائبة التاسعة للرئيس المكلفة بقطاعي الثقافة والرياضة، التي اتهمت حزبها التجمع الوطني للأحرار بالتخلي عن مسؤولية القيادة، مشيرةً إلى أن الرئاسة سُحبت من الحزب في احترام تام للمساطر القانونية وبفارق كبير في الأصوات داخل المجلس، خلال ثلاث دورات متتالية.

مكناس اليوم أمام مفترق طرق خطير. إما إنقاذ عاجل بقيادة مسؤولة وإرادة سياسية صادقة، أو استمرار في الانهيار المؤسساتي والجمود الإداري… إلى أجل غير مسمّى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى