سياسة

حرب كورونا: كرونولوجيا الجائحة في إحاطة لمنظمة الصحة العالمية

يصادف غدًا مرور 100 يوم على إبلاغ الصين منظمة الصحة العالمية عن أولى حالات “الالتهاب الرئوي مجهول السبب السبب”.

إنه لمن المذهل التفكير في الكيفية التي تغيّر بها العالم تغيرا جذريا خلال هذه الفترة الزمنية الوجيزة.

وأود أن أقدم إليكم اليوم نظرة عامة على ما اضطلعت به المنظمة خلال المائة يوم الماضية، وما سنضطلع به في المستقبل القريب من أجل التخفيف من معاناة الناس وإنقاذ الأرواح.

في الأول من كانون الثاني/ يناير، بعد ساعات فقط من إبلاغنا عن أولى حالات المرض، قامت منظمة الصحة العالمية بتفعيل فريق دعم إدارة الحوادث التابع لها لغرض تنسيق استجابتنا في المقر الرئيسي وعلى المستويين الإقليمي والقُطري.

وفي 5 كانون الثاني/ يناير، أخطرت المنظمة رسميًا جميع الدول الأعضاء بهذه الفاشية الجديدة، ونشرت أخبار فاشية المرض على موقعنا الإلكتروني.

وفي العاشر من كانون الثاني/ يناير، أصدرنا مجموعة شاملة من الإرشادات الموجهة إلى البلدان بشأن كيفية الكشف عن حالات الإصابة المحتملة واختبارها وتدبيرها علاجيا، وحماية العاملين الصحيين.

وفي اليوم ذاته، دعونا إلى عقد اجتماع لفريقنا الاستشاري الاستراتيجي والتقني المعني بالأخطار المعدية لاستعراض الوضع.

وتعاوننا مع الصحفيين منذ البداية، وأجبنا على استفسارات وسائل الإعلام على مدار الساعة.

وفي 22 كانون الثاني/ يناير، دعونا إلى عقد اجتماع للجنة الطوارئ، وبعد ذلك بأسبوع إثر الإبلاغ عن أولى حالات انتقال المرض بين البشر خارج الصين، أعلننا أن الوضع يشكّل طارئة من طوارئ الصحة العمومية التي تثير قلقا دوليا، باعتبارها أعلى مستوى إنذار في المنظمة. وبلغ عدد الحالات المسجلة خارج الصين آنذاك 98 حالة، دون تسجيل أي وفيات.

وفي شباط/ فبراير، أجرى فريق دولي من الخبراء من كل من كندا والصين وألمانيا واليابان وجمهورية كوريا ونيجيريا والاتحاد الروسي وسنغافورة والولايات المتحدة الأمريكية زيارة إلى المقاطعات المتضررة في الصين لمعرفة المزيد عن الفيروس والفاشية والاستجابة، واستخلاص دروس تستفيد منها بقية بلدان العالم.

وفي مطلع شباط/ فبراير، تم تنشيط فريق إدارة الأزمات التابع للأمم المتحدة ليتولى تنسيق جميع آليات الأمم المتحدة من أجل دعم البلدان بأكبر قدر ممكن من الفعالية.

ومنذ ذلك الحين، ما زلنا نعمل ليلًا ونهارًا في خمسة مجالات رئيسية.

أولاً، عمِلنا من أجل دعم البلدان في بناء قدراتها على التأهب والاستجابة.

وبفضل شبكة منظمة الصحة العالمية المؤلفة من 6 مكاتب إقليمية و150 مكتبًا قُطريًا، تعاوننا بشكل وثيق مع الحكومات في مختلف أنحاء العالم من أجل تحضير نظمها الصحية لمواجهة فاشية كوفيد-19 والاستجابة لها بمجرد تسجيل حالات في بلدانها.

وأصدرنا خطة استراتيجية للتأهب والاستجابة، حُدّدت من خلالها الإجراءات الرئيسية التي يتعين على البلدان اتخاذها، فضلا عن الموارد اللازمة لتنفيذها.

وقد ارتقى كل من الحكومات والشركاء إلى مستوى التحدي المطروح، حيث بلغت قيمة التبرعات المتعهد بها أو المقدمة لأغراض الاستجابة أكثر من 800 مليون دولار أمريكي.

ويشمل ذلك مبلغا يزيد على 140 مليون دولار أمريكي تبرّع به أكثر من 229 ألف فرد ومنظمة في إطار الصندوق التضامني للاستجابة، وهو أمر فاق كل توقعاتنا ويبرز تضامنًا عالميًا حقيقيًا.

وأود أن أشكر جميع المانحين على دعمهم، بما فيهم شركة أبل التي قدمت مساهمة قدرها 10 ملايين دولار أمريكي.

ولضمان توظيف هذه الأموال في المجالات التي تشتد الحاجة إليها، أنشأنا بوابة إلكترونية لمساعدة الشركاء على التوفيق بين الاحتياجات والأموال.

ثانيًا، عملنا مع العديد من الشركاء في سبيل توفير معلومات دقيقة ومواجهة السيل الجارف من المعلومات المضللة المتداولة بشأن الفاشية.

ولقد أصدرنا 50 وثيقة إرشادات تقنية موجهة إلى الجمهور والعاملين الصحيين والبلدان، تتضمن نصائح مسندة بالبيّنات بشأن كل عنصر من عناصر الاستجابة.

كما قمنا بتنشيط شبكات الخبراء العالمية التابعة للمنظمة بهدف الاستفادة من معارف كبار أخصائيي الوبائيات والأطباء السريريين وعلماء الاجتماع والإحصائيين واختصاصيي الفيروسات والمبلغين عن المخاطر وغيرهم في العالم، من أجل إضفاء طابع عالمي حقيقي على استجابتنا والحصول على الدعم الذي نحتاج إليه من العالم أجمع، سواء من خبراء المنظمة أو غيرهم من الخبراء العاملين في العديد من المؤسسات الأخرى حول العالم.

وعكف الفريق المعني بشبكة معلومات الأوبئة التابعة للمنظمة على تكييف نصائحنا مع مختلف سياقات الأفراد والمجتمعات المحلية، والعاملين الصحيين، وأرباب العمل والعمال، والمنظمات الدينية، إلخ، فيما يتعلق بكيفية حماية أنفسهم والآخرين.

ودأبنا على إطلاع العالم باستمرار على آخر البيانات والمعلومات والأدلة من خلال تقاريرنا اليومية عن الوضع التي نصدرها وهذه الإحاطات الإعلامية التي نعقدها بانتظام.

كما عقدنا إحاطات منتظمة مع دولنا الأعضاء للإجابة على استفساراتها والتعلم من تجاربها.

وعملنا مع العديد من شركات الإعلام والتكنولوجيا، ومن بينها فيسبوك وغوغل وإنستغرام ولينكدين ومسينجر وبينتريست وسنابشات وتينسينت وتيك توك وتويتر وفايبر وواتساب ويوتيوب وغيرها، من أجل التصدي للمفاهيم المغلوطة والمعلومات المضللة بنصائح موثوقة ومسندة بالبيّنات.

ويضمّ برنامج التنبيهات الذي أطلقناه على تطبيق واتساب حاليا أكثر من 12 مليون متابع وهو متاح بـسبع لغات، بما فيها اللغتان الهندية والبرتغالية اللتان بدأ العمل بهما اليوم. أما برنامج التنبيهات على تطبيق فايبر، فيضمّ أكثر من مليونيْ متابع، وهو متاح حاليا بثلاث لغات في انتظار بدء العمل بأربع لغات أخرى اعتبارا من الأسبوع المقبل، ويهدف إلى التواصل مع مواطني العالم والجمهور عامة لإطلاعهم على أحدث المعلومات المتاحة لدينا.

وخلال اليومين الماضيين، عقدنا حلقة عمل إلكترونية لتبادل أفكار ما يزيد على 600 من الخبراء والمؤسسات والأفراد بشأن سبل مكافحة السيل الجارف من المعلومات المغلوطة المتداولة بشأن الفاشية.

كما عملنا مع الاتحاد الدولي لكرة القدم وعدد من كبار نجوم الرياضة في العالم من أجل تعزيز ممارسات نظافة اليدين والنشاط البدني.

ومنذ أن أعلننا يوم الاثنين الماضي عن حفل “عالم واحد: معاً في المنزل” الذي ستنظمه الفنانة ليدي غاغا وحركة المواطن العالمي، اتصل بنا المزيد من الشبكات التلفزيونية والمنصات الإلكترونية من مختلف أنحاء العالم بغرض بث الحفل. وأبلغتنا ليدي غاغا أنها تمكّنت من جمع مبلغ 35 مليون دولار أمريكي.

ثالثًا، إننا نبذل قصارى جهدنا لضمان توفير المعدات الطبية الأساسية للعاملين الصحيين المتواجدين في الخطوط الأمامية.

وقد تمكّننا حتى الآن من إرسال أكثر من مليونيْ وحدة من معدات الحماية الشخصية إلى 133 بلدا، كما نستعد لإرسال مليونيْ وحدة إضافية في الأسابيع القادمة.

وأرسلنا أكثر من مليون وحدة من اختبارات التشخيص إلى 126 بلدا في جميع الأقاليم، ونعمل على توفير المزيد منها.

ولكننا ندرك أن ذلك غير كاف وأنه لابد من توفير المزيد.

لذا، فإننا نعمل مع غرفة التجارة الدولية والمنتدى الاقتصادي العالمي وغيرهما من مؤسسات القطاع الخاص على زيادة إنتاج وتوزيع المستلزمات الطبية الأساسية.

ونطلق اليوم فرقة العمل المعنية بسلسلة الإمداد بمعدات مكافحة مرض كوفيد-19 التابعة للأمم المتحدة بهدف زيادة توريد الأدوات المنقذة للأرواح بكميات معتبرة والمواءمة بين العرض والطلب. وأود أن أغتنم هذه الفرصة لأشكر الأمين العام أنطونيو غوتيريش على جمعه وكالات الأمم المتحدة جميعا من أجل المساهمة في فرقة العمل المذكورة.

رابعاً، ما زلنا نعمل على تدريب وتعبئة العاملين الصحيين.

فقد التحق أكثر من 1.2 مليون شخص بـست دورات تدريبية متاحة بثلاثة وأربعين لغة على منصة OpenWHO.org. ونصبو إلى تدريب عشرات الملايين، ونحن مستعدون كل الاستعداد لتدريب عشرات بل حتى مئات الملايين.

ونُشر الخبراء في جميع أنحاء العالم في إطار الشبكة العالمية للإنذار بحدوث الفاشيات والاستجابة لها التابعة لمنظمة الصحة العالمية ومنصتنا المخصصة للفرق الطبية في حالات الطوارئ.

خامسًا، قمنا بتسريع وتيرة أنشطة البحث والتطوير.

ففي شباط/ فبراير، تمكّننا من الجمع بين ما يزيد على 400 من كبار الباحثين في العالم بهدف تحديد أولويات البحوث وتسريع وتيرتها.

كما أطلقنا “تجربة التضامن” التي يعمل في إطارها أكثر من 90 بلدا على استحداث علاجات فعالة في أسرع وقت ممكن.

ولتحسين فهمنا لكيفية انتقال الفيروس وخصائصه الوبائية وسماته السريرية، قمنا بإعداد بروتوكولات بحثية يجري استخدامها في أكثر من 40 بلدا في إطار جهود منسقة.

ونعمل حاليا مع مؤسسة وسائل التشخيص الجديدة المبتكرة (FIND) على تسريع وتيرة استحداث وسائل التشخيص وإتاحتها.

وقد وقّع اليوم 130 عالما وممولا ومصنعاً من جميع أنحاء العالم على بيان يلتزمون فيه بالعمل مع منظمة الصحة العالمية للإسراع في استحداث لقاح مضاد لكوفيد-19.

وبطبيعة الحال، فإن منظمة الصحة العالمية لا تعمل بمعزل عن غيرها، وكذلك الأمم المتحدة. إننا نعمل يوميا مع آلاف الشركاء من الحكومات والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص والمجتمع المدني وغيرهم.

وهناك الكثير من الأعمال الأخرى التي قامت بها منظمة الصحة العالمية في الأيام المائة الأخيرة والتي لم يتسن لي التطرق إليها.

وستظل الركائز الخمس المذكورة أساس عملنا.

في الأيام المقبلة، ستصدر المنظمة استراتيجية محدّثة وخطة استراتيجية منقحة بشأن التأهب والاستجابة، مشفوعتين بتقديرات الاحتياجات المالية اللازمة للمرحلة التالية من الاستجابة.

وقد انصبّ تركيزنا دوما على العمل مع البلدان والشركاء في سبيل توحيد جهود العالم لمواجهة هذا التهديد المشترك سوياً.

ونظل نولي اهتماما خاصا لحماية أشد الفئات فقراً وضعفاً في جميع بلدان العالم وليس في أفقرها فحسب.

وطوال الأيام المائة الأخيرة، كان التزامنا الراسخ هو خدمة جميع سكان العالم بإنصاف وموضوعية وحياد.

وسيظل ذلك محور تركيزنا الوحيد في الأيام والأسابيع والأشهر القادمة.

ختاما، إن هذه الفترة من العام تكتسي طابعا خاصا للمسيحيين واليهود والمسلمين في أنحاء العالم.

وفي هذا الصدد، نشرت منظمة الصحة العالمية اليوم اعتبارات وتوصيات عملية موجهة إلى الجماعات الدينية.

إننا ندرك أن مليارات المؤمنين لم يعد بإمكانهم ممارسة شعائرهم الدينية على النحو المعتاد بسبب جائحة كوفيد-19.

ولكننا نتمنى للجميع أعياد فصح وبيساح ورمضان هنيئة وآمنة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى