سياسة

“حرب الطائرات المسيرة” تشعل فتيل أزمة دبلوماسية حادة: ثلاث دول تستدعي سفراءها من الجزائر!

في تطور ينذر بتصعيد خطير للتوترات الإقليمية، أعلنت كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر، في بيان مشترك صدر امس الأحد، عن قرارها استدعاء سفرائها من الجزائر “للتشاور الفوري”. هذه الخطوة التصعيدية تأتي كرد فعل مباشر على إسقاط الجزائر لطائرة مسيرة تابعة لمالي، وهو الحادث الذي وصفته الدول الثلاث بـ “التصرف غير المسؤول” و “العدواني” من جانب النظام الجزائري.

هذا القرار المفاجئ يأتي بعد ساعات من اتهام مالي الصريح لجارتها الجزائر بإسقاط إحدى طائراتها المسيرة المخصصة للمراقبة بالقرب من حدودهما المشتركة. وفي تصريح تلفزيوني رسمي، اتهم وزير الأمن المالي الجزائر بأنها تحولت إلى “قاعدة خلفية للجماعات الإرهابية”، بل وتورطت في “عمل مسلح لشن اعتداءات ضد دولة مجاورة لحماية أتباعها الإرهابيين”، وفق تعبيره الحاد.

لم تكتفِ مالي بهذا الاتهام الخطير، بل قررت أيضاً استدعاء السفير الجزائري لديها لتقديم احتجاج رسمي وشديد اللهجة. كما أعلنت عن انسحابها الفوري من لجنة الأركان المشتركة، وهي آلية تعاون أمني إقليمي، ولوحت بتقديم شكوى رسمية ضد الجزائر أمام الهيئات الدولية، معتبرة أن “هذا العدوان يتناقض بشكل صارخ مع المشاركة الفعلية لمالي في دعم كفاح الشعب الجزائري لنيل استقلاله عن فرنسا”.

في المقابل، كانت الجزائر قد أعلنت في وقت سابق، وتحديداً يوم فاتح أبريل الجاري، عن إسقاط طائرة استطلاع مسلحة بدون طيار زعمت أنها “اخترقت” مجالها الجوي بالقرب من مدينة تنزواتين الحدودية، الواقعة ضمن الناحية العسكرية السادسة على الحدود الجنوبية مع مالي، وذلك بحسب بيان صادر عن وزارة الدفاع الجزائرية.

إلا أن القوات المسلحة المالية (FAMa) سارعت إلى نفي هذه الادعاءات الجزائرية بشكل قاطع، مؤكدة أن الطائرة المسيرة التابعة لها لم تسقط بفعل أي تدخل خارجي، بل نتيجة خلل فني مفاجئ أثناء مهمة مراقبة روتينية كانت تقوم بها بالقرب من منطقة تين-زواتين في إقليم كيدال.

وأوضحت القوات المسلحة المالية في بيان رسمي صدر قبل أيام أن الطائرة سقطت في منطقة غير مأهولة، وأن البروتوكولات الأمنية المتبعة حالت دون وقوع أي انفجارات أو خسائر بشرية أو مادية. كما أكدت فتح تحقيق فوري للوقوف على الأسباب الحقيقية وراء الحادث، مع التعهد بالشفافية الكاملة في مشاركة نتائج التحقيق مع الرأي العام.

وشددت قيادة FAMa على أن هذا الحادث المؤسف لن يؤثر على عزم الجيش المالي الراسخ في حماية أراضيه وسيادته ومواصلة عملياته ضد التهديدات الأمنية التي تواجه البلاد، مجددة امتنانها للشعب المالي على دعمه المستمر للقوات المسلحة في مواجهة التحديات المختلفة.

يبقى أن قرار مالي وبوركينا فاسو والنيجر باستدعاء سفرائها من الجزائر يمثل تصعيداً دبلوماسياً خطيراً، وينذر بتأزيم العلاقات المتوترة أصلاً بين دول المنطقة. هذا التطور يطرح تساؤلات جدية حول مستقبل التعاون الأمني والإقليمي في منطقة الساحل، التي تواجه تحديات أمنية معقدة تتطلب تضافر الجهود وتنسيق المواقف بدلاً من التصعيد والاتهامات المتبادلة. فهل ستنجح جهود الوساطة في احتواء هذه الأزمة الدبلوماسية قبل أن تتفاقم وتؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة؟ الأيام القادمة ستكشف عن طبيعة الرد الجزائري ومآل هذه “الحرب الباردة” التي اندلعت شرارتها في سماء الحدود الجنوبية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى