سياسة

حرب الأرقام حول البطالة و الشغل تشتعل بين أخنوش و بنموسى

حدث رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، خلال جلسة المساءلة الشهرية في مجلس المستشارين، أول أمس الثلاثاء، بكثير من الثقة عن حصيلة الحكومة في مجال التشغيل، معتبرا أن “مجهوداتها” أسهمت في تراجع أرقام البطالة مع متم سنة 2024 مقارنة مع سنة 2023، وهو الأمر الذي لا ينسجم مع ما أوردته مذكرة حديثة للمندوبية السامية للتخطيط، صدرت قبل 24 ساعة من كلامه.

أخنوش بدا وكأنه دخل في معركة أرقام مع المندوب السامي للتخطيط، شكيب بن موسى، بعد أشهر قليلة على تكليف هذا الأخير من طرف جلالة الملك محمد السادس بهذه المهمة خلفا لأحمد الحليمي، ليغادر حينها منصبه في الحكومة كوزير للتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، إلا أنه لم يتأخر كثيرا عن إماطة اللثام عن عدة معطيات غير مُريحة بالنسبة لزملائه السابقين.

    أخنوش، وفي حديثه أمام الغرفة الثانية للبرلمان، أورد أن معدلات البطالة تراجعت بنسبة 13 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من سنة 2024، مذكرا بتخصيص 14 مليار درهم في قانون مالية الخاص بسنة 2025 لتفعيل “خارطة الطريق الجديدة للتشغيل”، وهو ما اعتبره “دليلا على الأولوية القصوى التي يحظى بها هذا المجال في أفق 2026، والذي يعكس امتلاك الحكومة لاستراتيجية متكاملة الأبعاد في هذا الشأن”.

وفي حديثٍ بدا أنه موجهٌ رأسا للتقرير الأخير للمندوبية السامية للتخطيط، اعتبر أخنوش أن ارتفاع معدل البطالة مع متم العام الماضي بنسبة 0,3 في المائة، “لا يجب أن يُخفي المجهودات الحكومية المبذولة لتحسين وضعية التشغيل وضمان جودة مناصب الشغل الجديدة”، رابطا الأمر بـ”التطور المهم” الذي عرفته الشغل المؤدى عنها، وارتفاع عدد الأجراء المصرح بهم.

أخنوش تطرق أيضا إلى “مؤشرات أخرى نوعية لا تقل أهمية”، في إشارة إلى “نسب الشغل المؤهلة عبر الإدماج التدريجي لأصحاب الدبلومات، التي وصلت إلى 50 في المائة سنة 2023″، متحدثا عن رفع مناصب الشغل المنتظمة والمدفوعة الأجر بنسبة 5 في المائة بين 2018 و2023 والزيادة التدريجية في حصة عقود الشغل الدائمة، والمحددة المدة، بحصة 11 في المائة خلال الفترة ما بين 2017 و2023، ما يعني أن أرقامه هذه تشمل نحو أربع سنوات من خارج ولايته، التي انطلقت في أكتوبر 2021، وتهم حكومة سلفه سعد الدين العثماني التي سبق أن انتقدها كثيرا.

الملاحظة الأساسية في كلام أخنوش أمام أعضاء مجلس المستشارين، هي أنها بدت كنوع من “الدفاع” عن الحصيلة الحكومة في مجال التشغيل، بعد يوم واحد فقط من صدور المذكرة الإخبارية للمندوبية السامية للتخطيط حول وضع سوق الشغل، والتي أكدت أن معدل البطالة انتقل من 13 في المائة سنة 2023 إلى 13,3 من إجمالي السكان النشيطين في المائة سنة 2024.

المذكرة نفسها كشف أن عدد العاطلين ارتفع بـ 58 ألف شخص خلال عام واجد ما بين سنتي 2023 و2024، منتقلا من 1.580.000 إلى 1.638.000 عاطل عن العمل، وهو ما يعادل ارتفاعا قدره 4 في المائة، وذلك نتيجة ارتفاع عدد العاطلين بـ 42 ألف شخص بالوسط الحضري و بـ 15 ألف شخص بالوسط القروي، وفي هذا المعطى الأخيرة إشارة ضمنية إلى أن الأمر لا يرتبط فقط بفقدان الشغل في البوادي الناجم عن توالي سنوات الجفاف.

وهم هذا الارتفاع جميع الفئات العمرية، حيث انتقل معدل البطالة لدى الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 سنة من 35,8 في المائة إلى 36,7 في المائة هلال سنة واحدة، ومن 20,6 في المائة إلى 21 في المائة لدى الأشخاص المتراوحة أعمارهم بين 25 و34 سنة، ومن 7,4 في المائة إلى 7,6 في المائة لدى الأشخاص المتراوحة أعمارهم بين 35 و44 سنة، ومن 3,7 في المائة إلى 4 في المائة، لدى الأشخاص البالغين من العمر 45 سنة فما فوق، وفق الوثيقة ذاتها.

المذكرة الخاصة بوضعية سوق الشغل، ليست الأولى من نوعها التي يُحرج من خلالها بن موسى رئيسه السابق، فالرجل الذي سبق أن كان وزيرا للداخلية، ورئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ثم ترأس لجنة النموذج التنموي الجديد، بدأ مبكرا في استعمال لغة الأرقام والمقارنات، منذ خرجته الإعلامية الأولى في 17 دجنبر 2024.

ففي الندوة التي عقدها بالرباط لتقديم النتائج التفصيلية للإحصاء العام للسكان والسكنى، كشف أن وضعية سوق الشغل شهدت انخفاضا في معدل النشاط، مبرزا أن حوالي 4 أشخاص فقط من أصل كل 10 يبلغون من العمر العمر 15 سنة فأكثر، يمارسون نشاطاً اقتصادياً سنة 2024، بما نسبته 41,6 في المائة، مقارنة بـ 47,6 في المائة سنة 2014، أي بتراجع بلغ 6 نقط مائوية خلال 10 سنوات.

وأورد المسؤول نفسه أن معدل البطالة انتقل من 16,2 في المائة إلى 21,3 في المائة خلال 10 سنوات، كما سجل ارتفاعا من 19,3 في المائة إلى 21,2 في المائة بالوسط الحضري، ومن 10,5 في المائة إلى 21,4 في المائة بالوسط القروي، وهي الأرقام التي شكلت صفعة سريعة على خد أخنوش ووزيره المكلف بالإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، يونس السكوري، من زميل سابق لم يُغادر الحكومة إلا قبل شهرين فقط من ذلك التاريخ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى