سياسة

“جيتكس إفريقيا”: احتفال بالرقمنة أم فضيحة في قلب الاختراقات السيبرانية التي هزت المغرب؟

مراكش:فاس24

بينما تستضيف مدينة النخيل فعاليات الدورة الثالثة لمعرض “جيتكس إفريقيا”، البوابة الرقمية التي تزعم الحكومة من خلالها قيادة القارة نحو المستقبل التكنولوجي، يخيّم شبح “أكبر” عملية اختراق سيبراني شهدتها البلاد على هذا التجمع “الضخم”. ففي الوقت الذي تتدفق فيه الملايير على استضافة هذا الحدث الدولي، تتهاوى تباعاً حصون المغرب الرقمية أمام هجمات قراصنة مجهولين، مخلفةً وراءها منصات معطلة وبيانات مسربة وفوضى عارمة.

التزامن الصادم بين هذا “البذخ” التكنولوجي وبين سقوط مؤسسات رسمية وخاصة في براثن الهجمات السيبرانية، يطرح تساؤلات حارقة حول جدوى هذا الإنفاق الهائل. فبينما تحتفي المملكة باستقطاب شركات عالمية وخبراء في الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، تعجز مؤسساتها عن إبرام شراكات حقيقية تحمي بيانات مواطنيها من عبث قراصنة قد يكونون مجرد هواة.

كيف يعقل أن تحتضن دولة ما أكبر منتدى رقمي في إفريقيا والعالم، بينما مواقعها الرسمية تصبح لقمة سائغة أمام هجمات سيبرانية مفاجئة؟ وكيف يتم رصد الملايير لاستعراض القوة الرقمية واستقطاب الخبرات الدولية، في حين تُنشر بيانات المغاربة على الملأ بسبب ثغرات أمنية فاضحة؟

الإجابة عن هذه التساؤلات لا تحمل سوى احتمالين مريرين: إما أن معرض “جيتكس إفريقيا” لا يعدو كونه فقاعة إعلامية لا تعود بالنفع الحقيقي على أرض الواقع، رغم الملايير التي تُنفق عليه سنوياً، وإما أن الحكومة ووزاراتها تولي مجال الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي اهتماماً سطحياً، وتستخدم هذه المنتديات الدولية كغطاء دعائي لترويج صورة زائفة عن ريادة رقمية مغربية لا وجود لها إلا في التصريحات الرسمية.

فيا للعجب! حكومة تزعم أمام العالم أنها تقود إفريقيا نحو التحول الرقمي والأمن المعلوماتي، تجد نفسها عاجزة عن حماية معطيات مواطنيها، بل وتلجأ إلى تهديدهم بالمتابعة القضائية بدل الاعتذار عن هذا التقصير المهين.

في المحصلة، يبدو أن معرض “جيتكس إفريقيا” في نسخته الحالية، ليس سوى فرصة سانحة لتوزيع صفقات “سمينة” على شركات محظوظة في مجالات “الويفي” والإيواء والإطعام والنقل والأمن الخاص والإشهار، دون أن ينعكس ذلك إيجاباً على صلابة وقدرة المؤسسات والمنصات الحكومية التي تدعي قيادة القارة رقمياً. فهل هذا المعرض هو قمة الطموح الرقمي للمغرب، أم أنه مجرد “بالون” إعلامي سرعان ما سينفجر في وجه الحقائق المرة للاختراقات السيبرانية المتكررة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى