جهة فاس مكناس تندحر في نتائج البكالوريا 2025: تراجع مقلق يدعو للمراجعة العاجلة

كشفت نتائج البكالوريا لعام 2025 عن تباينات صارخة بين الجهات المغربية، حيث برزت أرقامٌ تدعو إلى وقفة تأمل وتحليل معمق، خاصة فيما يتعلق بجهة فاس مكناس التي تراجعت بشكل لافت إلى المرتبة التاسعة بمعدل 19.23. هذا التراجع الملحوظ يطرح تساؤلات جدية حول منظومة التعليم بالجهة وفعاليتها في تحقيق النتائج المرجوة.
في الوقت الذي تصدرت فيه جهتا الرباط سلا القنيطرة والدار البيضاء سطات المشهد بمعدلات مبهرة بلغت 19.61، مؤكدة ريادتهما الأكاديمية، جاءت أرقام جهة فاس مكناس لتدق ناقوس الخطر. فبالرغم من التألق الفردي الذي جسدته التلميذة كوثر أبو جلال، المنحدرة من منطقة رباط الخير بهرمومو التابعة لإقليم صفرو، بحصدها لمعدل متميز، إلا أن هذا الأداء الفردي لم يشفع للجهة ككل، حيث بدت نتائج بعض الأقاليم داخل جهة فاس مكناس “كارثية”، لتُلقي بظلالها على المعدل العام للجهة.
ولعل ما يزيد من حدة القلق هو تقدم جهة الداخلة وادي الذهب لأول مرة، على جهة فاس مكناس، محققةً معدلاً بلغ 19،51، وهو ما يعكس دينامية إيجابية في هذه الجهة الجنوبية ويشير إلى ضرورة مراجعة شاملة لآليات الدعم والتحفيز في الجهات الأخرى التي شهدت تراجعاً.
يفرض هذا التراجع في جهة فاس مكناس تحديات كبيرة أمام الفاعلين التربويين والمسؤولين الجهويين. بات من المستعجل الآن مراجعة منظومة التكوين والتأطير بالجهة، وتقييم مدى نجاعة البرامج والمبادرات التعليمية، ومنها على وجه الخصوص “مدارس الريادة” التي يُعقد عليها آمال كبيرة لتحسين جودة التعليم. فهل تواكب هذه المدارس تطلعات الأسرة التعليمية والتلاميذ؟ وهل تترجم استراتيجياتها إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع؟
إن تدني مستوى التحصيل في بعض الأقاليم التابعة للجهة يستدعي وقفة تحليلية معمقة لتحديد الأسباب الكامنة وراء هذا الضعف. هل يتعلق الأمر بنقص في البنيات التحتية، أو في تأهيل الأطر التربوية، أو في الدعم البيداغوجي الموجه للتلاميذ؟ أم أن هناك عوامل اجتماعية واقتصادية تساهم في تفاقم هذه الإشكالية؟
إن معالجة هذا التحدي تتطلب مقاربة تشاركية بين جميع الأطراف المعنية: وزارة التربية الوطنية، الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، السلطات المحلية، والقطاع العام و الخاص، وفعاليات المجتمع المدني. الهدف يجب أن يكون واحداً وواضحاً: إعادة الاعتبار لجهة فاس مكناس كقطب تعليمي رائد، وضمان تكافؤ الفرص لجميع أبنائها في التحصيل العلمي، واستشراف مستقبل تعليمي يضمن للجهة مكانتها المستحقة بين مصاف الجهات المغربية المتميزة.






