تقرير يكشف إستنزاف مقالع الرمال و غياب المراقبة
سجل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تنامي الاستغلال المفرط وغير القانوني لمقالع الرمال، في ظل الضعف الكبير في المراقبة، وهو ما يفوت مداخيل مهمة على الخزينة العامة، ويؤدي إلى مشاكل بيئية وصحية، ويؤثر سلبا على الأمن الغذائي.
ونبه المجلس في تقرير له حول الموضوع إلى هيمنة القطاع غير المنظم، من خلال مقالع غير مصرح بها، أو مرخص لها لكنها تقوم بممارسات من قبيل الغش وعدم التصريح الكامل بالمداخيل، مما يؤدي إلى خلق منافسة غير مشروعة، ويفوت مداخيل ضريبية إضافية، في ظل ما يواجهه القانون المتعلق بالمقالع من عراقيل في التنفيذ.
وسجل التقرير أن عددا لا يستهان به من المقالع منفلت من المراقبة، في ظل نقص الموارد البشرية والإمكانيات التشغيلية، فضلا عما تعرفه هذه المقالع من علاقات عمــل غيــر منظمــة بالشــكل الكافــي، وأجــور متدنيـة، وعـدم التصريـح الكامـل أو التصريـح الجزئـي بالعامليـن، بالإضافـة إلـى ارتفـاع مخاطـر حـوادث الشـغل والأمـراض المهنيـة.
وتوقف ذات المصدر على ما يترتـب علـى الاستغلال غيـر المقيـد والمفـرط لبعـض أنـواع المقالـع، من تهديد كبير لاسـتدامة هذه الموارد، ولحق الأجيال المسـتقبلية في الاسـتفادة من مسـتويات مماثلة للموارد التـي تنعـم بهـا الأجيـال الحاليـة. وقد حذر تقرير لبرنامج الأمم المتحـدة للبيئـة الصـادر سـنة 2019 إلى أن نصـف الرمـال المسـتخدمة فـي المغـرب، أي مـا يناهـز 10 ملاييـن متـر مكعـب سـنويا، تأتـي مـن اسـتخراج الرمـال السـاحلية بشـكل غيـر قانونـي، وهو ما يحول الشواطئ لمجـرد منطقـة صخريـة عاريـة.
وأضاف التقرير أنه يتـم غالبـا اسـتخراج الرمـال مـن الشـواطئ لبنـاء الفنـادق والطـرق وغيرهـا مـن البنـى التحتيـة المتعلقـة بالسـياحة، وقـد يـؤدي اسـتمرار أعمــال البنــاء فــي بعــض الأماكــن إلــى وضــع غيــر مســتدام وإلــى فقــدان الميــزة الطبيعيــة الرئيســية للمنطقـة أمـام الـزوار، وهـي الشـواطئ.
كما يؤدي الاستغلال الجائـر لبعـض أنـواع المقالـع إلـى تدميـر وتدهـور النظـم البيئيـة، وإحـداث تغييـرات فـي المناظـر الطبيعيـة، والإضـرار بالبنيـة التحتيـة الطرقيـة، كما قد تؤثر بعض المقالع على الصحـة، وتسبب الضوضــاء، وانخفــاض قيمــة العقــار، والتأثيــر علــى خصوبــة الأراضــي المجــاورة، إلــى جانــب الآثــار غيــر المباشــرة علــى الأمــن الغذائــي والمائــي.
ولا تزال عمليـة إعـادة تأهيـل المقالـع القديمـة، حسب المجلس، تصطـدم بعقبـات جمـة، إذ يقـدم بعـض المسـتغلين علـى مغـادرة هـذه المواقـع بعـد الانتهـاء مـن اسـتغلالها دون القيـام بأشـغال إعـادة التهيئـة اللازمـة، أو القيـام بهـا بشـكل لا يتوافـق مـع المعاييـر المحـددة، ما ينجـم عـنه تشـويه المناظـر الطبيعيـة، وتحـول هـذه المواقـع ً إلـى بـؤر خطـرة أو مصـادر للتلـوث، خاصـة عنـد اسـتغلالها كمطـارح نفايـات عشـوائية، ممـا يؤثـر سـلبا علـى النظـم البيئيـة والميـاه الجوفيـة.
وللحــد مــن الممارســات المرتبطــة بالريــع والرشــوة والأنشــطة غيــر المنظمــة والتهــرب والغــش الضريبــي، أكد المجلــس الاقتصــادي والاجتماعــي والبيئــي علــى ضــرورة تفعيــل وتعزيــز الإطـار الحالـي لمقالع الرمال، خصوصـا فـيمـا يتعلـق بالمقتضيـات المتعلقـة بآليـات منـح التراخيـص ومراقبـة الاستغلال.
ولتحقيق هذه الغاية، أوصى المجلس بتعزيز وسائل وقدرات المتدخلين لمراقبة الاستغلال، وتعزيـز النجاعـة الاقتصاديـة والضريبيـة، وإرسـاء مزيـد مـن الشـفافية فـي هـذا المجـال، ولعمـل بشـتى الوسـائل المتاحـة على محاربة الأنشـطة غيـر المنظمة والتصدي للممارسـات الاحتياليـة وعـدم التصريـح الكامـل بالمداخيل.
كما أوصى المجلس بإخضاع جميـع المـواد المسـتَخرجة مـن المقالـع، وبـدون اسـتثناء، للضرائـب ذات الصلـة، وإعـادة اسـتثمار نســبة مــن هــذه المــوارد فــي التدبيــر المســتدام للمقالــع خــلال مختلــف مراحــل الاستغلال.