اقتصاد

تقرير: مجلس المنافسة يكشف عن سوق المحروقات الذي تحول الى “غول” يهدد السلم الاجتماعي

بلغت الطاقة التخزينية لشركات المحروقات الوطنية التسع، حوالي 80٪ من القدرات التخزينية الوطنية وفق ما كشفه تقرير حديث لمجلس المنافسة، أكد أيضا أن تغيرات الأسعار الدولية للغازوال والبنزين المكررين وتكاليف شرائهما مقارنة بتغيرات أسعار تفويتهما المطبقة من قبل الشركات المعنية، عرفت اتجاهات معاكسة خلال الربع الأول من سنة 2024، وهو ما اعتبرته الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول ”سامير”، تبخيسا لأدوار هذه الأخيرة ومحاولة لشرعنة الأرباح الفاحشة التي تراكمها شركات المحروقات بما فيها “أفريقيا” التي يمتلكها رئيس الحكومة عزيز أخنوش.

وأفاد تقرير مجلس المنافسة الخاص بتتبع تنفيذ التعهدات المتخذة من لدن شركات توزيع الغازوال والبنزين بالجملة في إطار اتفاقات الصلح المبرمة مع المجلس برسم الربع الأول من العام الجاري 2024، أن سعر التفويت بالنسبة للغازوال، خلال الفترة الممتدة من فاتح فبراير إلى نهاية مارس 2024، ظل مستقرًا في 0 درهم، في حين ارتفع السعر الدولي بزيادة 0.72 درهم للتر وتكلفة الشراء بزيادة 0.34 درهم للتر، وبالنسبة للبنزين، اتسمت ذات الفترة بارتفاع كبير في السعر الدولي للبنزين المكرر بمقدار 1.19 درهم للتر وتكلفة الشراء بواقع 0.55 درهم للتر من جهة، وجمود سعر التفويت من جهة ثانية.

وأكد التقرير ذاته، أن الشركات التسع المعنية حققت، طيلة الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجارية، هامش ربح متوسط ومرجح بمقدار 1.46 درهم للتر بالنسبة للغازوال و2.07 درهم للتر بالنسبة للبنزين، فيما سجل تذبذبا على مستوى هوامش الربح الخام المتوسطة والمحققة من مبيعات الغازوال خلال نفس الفترة، ما بين حد أدنى بمقدار 1.24 درهم للتر وحد أقصى بمقدار 1.69 درهم للتر، فيما البنزين، ظل في مستويات هوامش الربح الخام أعلى نسبيًا مقارنة بالغازوال، حيث تراوح بين حد أدنى قدره 1.76 درهم للتر وحد أقصى قدره 2.36 درهم للتر.

وشهدت هوامش الربح الخام المتوسطة والمرجحة، المحققة من مبيعات الغازوال، وفق التقرير ذاته اتجاهًا منخفضًا بالنسبة لكافة شركات التوزيع المعنية تقريبًا، منتقلة من 1.69 درهم للتر مع مطلع السنة إلى 1.24 درهم للتر عند متم مارس، مما يعكس انخفاضًا قدره 0.45 درهم للتر.

وتطور هوامش الربح الخام يتطابق، في مجمله، حسب مجلس المنافسة مع خلاصات تحليل العلاقة الارتباطية بين سعر التفويت وتكلفة الشراء، إذ أن المنحى التنازلي لمستويات هوامش الربح الخام، المرصود اعتبارًا من فبراير، يتزامن والفترة التي سجلت ارتفاعًا جزئيًا في تكلفة الشراء ولم يتغير فيها سعر التفويت.

وفي الربع الأول من 2024 سجل التقرير ارتفاعًا في واردات الغازوال والبنزين الإجمالية بنسبة 9.1 في المائة بالحجم، حيث بلغت حوالي 1.47 مليون طن، وبنسبة 0.9 في المائة بالقيمة، محققة 12.89 مليار درهم على أساس سنوي.

ولفت التقرير ذاته، إلى أن أسعار بيع الغازوال والبنزين في المغرب تتأثر بشكل مباشر بأسعار هاتين المادتين في السوق العالمية، مع الأخذ بعين الاعتبار تكلفة الشراء والنقل والتخزين، وهو ما يعني أن أسعار الوقود ترتفع محليًا عندما ترتفع الأسعار عالميًا، والعكس صحيح، وفق تقديرات المجلس، الذي أشار إلى أن شركات التوزيع سجلت زيادة طفيفة لتكلفة الشراء، بلغت زائد 0.17 درهم للتر بالنسبة للغازوال وزائد 0.32 درهم للتر بالنسبة للبنزين.

وفي وقت اعتبر المجلس، أن هذه الزيادة تظل أقل بكثير من ارتفاع الأسعار الدولية لمنتجات الوقود المكررة، التي وصلت إلى زائد 0.47 و1.15 درهم للتر على التوالي، أكد بالمقابل أن هذه الشركات لم تعمد إلى تطبيق هذه الزيادة على سعر التفويت، على العكس من ذلك، انخفض هذا الأخير بشكل طفيف بمقدار 0.31 درهم للتر.

وهذه المعطيات التي قدّمها مجلس المنافسة في تقريره، علق عليها الحسين اليماني الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز العضو في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ورئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول، الذي اعتبر أنها تصبو مهاجمة شركة “سامير” والتقليل من أدوارها في المعادلة الطاقية للمغرب ومحاولة شرعنة الأرباح الفاحشة في المحروقات، التي تجاوزت 64 مليار درهم حتى نهاية 2023 “ولم تنفع معها التقارير الإنشائية ولا الغرامات التصالحية” وفق تعبيره.

اليماني، ، اعتبر أن الإحالة الذاتية حول أسعار المحروقات، تستحق الوقوف عندها بحيث طلب مجلس المنافسة من الحكومة القيام بدراسة جدوى تكرير البترول في المغرب، “والغريب في هذا الموقف، أنه جاء في توقيت، عرفت فيه هوامش التكرير ارتفاعا مهما، ورجع التكرير من العوامل الأساسية في ارتفاع ثمن المحروقات وانفصال سوق النفط الخام عن سوق المواد الصافية”.

ويرى اليماني، أن هذا الوضع يتنافى تماما والموقف السابق لمجلس المنافسة عندما كان يرأسه ادريس الكراوي، الذي أوصى بمناسبة الإحالة حول تسقيف الأسعار من طرف حكومة العثماني، بضرورة عودة المغرب لامتلاك مفاتيح تكرير البترول وإحياء شركة سامير.، متسائلا حول الانقلاب في موقف المجلس، من الكراوي إلى رحو، رغم الاحتفاظ بنفس الأعضاء وتغيير الرئيس فقط تزامنا مع ازدهار أرباح التكرير.

وتابع الإطار النقابي متسائلا: “فهل المجلس يعتبر بأن شركة سامير لم يعد لها وجود ويستعجل دفنها ومسحها من خريطة المغرب، أم أن المجلس سقط في التضليل من طرف الجهات التي تمده بالمعطيات وتحاول التوجيه والتأثير على رأيه، في الاتجاه الذي يخدم مصالحها الخاصة، حتى تكتمل عملية الاستحواذ والسيطرة على السوق المغربية!”.

وشدد الإطار النقابي، على أنه وحفاظا، على ما تبقى من مصداقية مجلس المنافسة بوصفها مؤسسة الدستورية في ملف فضيحة المحروقات، ومواقف المجلس المعادية لبقاء وتطوير شركة سامير والمحافظة على المصالح المتصلة بها لفائدة المغرب، بات رئيس المجلس رحو، مدعوا للقيام، بزيارة ومعاينة شركة سامير واللقاء مع كوادرها وخبرائها، لتصحيح العديد من المغالطات، التي لا تمت بصلة بالأدوار الحقيقية والمهمة لشركة سامير، وللفهم وبالشكل المنطقي والعلمي، بأن تكرير البترول، الية ضرورية لتوفير شروط المنافسة وكسر التفاهمات والتوافقات حول أسعار المحروقات، التي سببت عطبا كبيرا في القدرة الشرائية لعموم المواطنين.

هذا وتزامن تقرير مجلس المنافسة والجلبة التي أحدثتها معطياته في صفوف الفاعلين النقابيين، مع حالة الترقب للقرار النهائي لمركز التحكيم الدولي، بعدما أعلن المغرب رسميًا رفضه لمطالب تعويض بقيمة 2.7 مليارات دولار، أي ما يساوي حوالي 27 مليار درهم، تقدم بها رجل الأعمال السعودي محمد العاموديب اسم مجموعة “كورال”، المساهم الرئيسي في شركة “سامير”.

وقد جرت هذه المناقشات خلال آخر جلسات التحكيم التي عقدت في واشنطن من قبل المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (CIRDI)، ما فتح الباب لمسار التقاضي بين الطرفين، فيما عبّر المغرب خلال جلسات التحكيم السابقة عن مخاوفه من المناورات والأساليب غير المشروعة لرجل الأعمال السعودي منذ بداية النزاع حيث عمل بشكل منهجي على عرقلة عملية تصفية شركة “سامير: من خلال تقديم عروض غير واقعية لاسترداد مصفاة التكرير من أشخاص مجهولين بغرض رفع القيمة المالية المطالب بها.

وتوقفت مصفاة “سامير” عن العمل نهائيًا في 2016، و بينت السلطات العمومية أنها قد رصدت موارد مهمة منذ 2002 للحفاظ على استدامة إنتاجية المصفاة حيث تمتعت الشركة بمجموعة من التسهيلات الضريبية والتسهيلات البنكية رغم وضعها المالي غير المستقر، مما يعكس نية المغرب السليمة في هذا النزاع.

واتهم رجل الأعمال السعودي باستغلال النوايا الحسنة للسلطات المغربية بدعم مصفاة “سامير” لضمان استمرارية نشاطها. لكن على الرغم من تعهده بتحديث الشركة وضخ تمويلات جديدة في رأسمالها، إلا أنه اتخذ مجموعة من القرارات التي عجلت بإفلاس الشركة بهدف الضغط على الجانب المغربي.

ورفضت المحكمة التجارية في الدار البيضاء دفوع إدارة “سامير” منذ انطلاق الدعوى القضائية، وأكدت إمكانية تمديد مسطرة التصفية القضائية لتشمل أعضاء من المجلس الإداري وعلى رأسهم محمد حسين العمودي وجمال باعامر، ما أدى إلى الحجز على مجموعة من الممتلكات وعرضها للبيع في المزاد العلني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى