سياسة

انفراد: “الداخلية” تحسم الجدل الانتخابي وتُبقي على النظام القديم.. و”تُرمم” مسؤولية أخلاق المرشحين للأحزاب!

في خطوة حاسمة وسبّاقة، أغلقت وزارة الداخلية المغربية باب التكهنات بشأن الإصلاحات الكبرى المنتظرة في مشاريع القوانين المتعلقة بالمنظومة الانتخابية، والمقرر تطبيقها في استحقاقات 2026. كشفت مصادر مطلعة لـ “الجريدة” عن معطيات تفيد بأن الوزارة فضلت الثبات على النظام المعمول به، مع إعادة صياغة مسؤولية “تنقية قوائم المرشحين” ورميها في ملعب الأحزاب السياسية مباشرة.

ثبات على النظام: لا زيادة في الدوائر ولا تغيير في “الكوطا”

أفادت المعطيات المسربة أن مشاريع القوانين التي تشرف عليها وزارة الداخلية لم تستجب لجوهر المطالب التي أثارتها عدد من الهيئات السياسية، وأبرزها:

  1. رفض زيادة الدوائر الانتخابية: لم يتم الأخذ بعين الاعتبار مقترحات الأحزاب الداعية إلى زيادة عدد الدوائر الانتخابية تماشياً مع المعطيات الجديدة التي أفرزها الإحصاء العام للسكان والسكنى. وهذا يعني أن النظام الانتخابي الذي حكم الانتخابات التشريعية الماضية سيظل هو المعمول به في الاستحقاقات المقبلة.
  2. استمرار نظام “الكوطا”: سيظل نظام “الكوطا” (الخاص بالتمثيل النسائي أو الشبابي) ثابتاً دون تعديلات جوهرية، خلافاً لتطلعات بعض الهيئات التي طالبت بإعادة النظر فيه.

منع “شبهات الفساد”: الكرة في مرمى الأحزاب

أما الملف الأكثر حساسية وإثارة للجدل، وهو منع ترشح الوجوه التي تحوم حولها شبهات فساد أو المتابعة قضائياً في ملفات المال العام، فقد كان مطلباً حقوقياً وسياسياً مدوياً. هنا، اختارت وزارة الداخلية تكتيكاً بارعاً، حيث لم تضع نصوصاً واضحة وصريحة في مشاريع القوانين لمنع هؤلاء المواطنين من الترشح.

المعطيات تؤكد أن “الداخلية” قامت عملياً بـ “رمي الكرة في مرمى الأحزاب السياسية”، التي باتت مُلزَمة أخلاقياً وسياسياً بترشيح أشخاص لا تحوم حولهم أي شبهات.

مبررات الوزارة وقرينة البراءة:

تعتبر وزارة الداخلية، وفقاً للمصادر ذاتها، أن مسؤولية اختيار المرشحين تقع على عاتق الأحزاب السياسية أولاً. وترى أن الهيئات الحزبية هي المطالبة بوضع نظام أخلاقي داخلي وشروط خاصة بها تضمن ترشيح النزهاء، عوض تحميل الجهاز الوصي مسؤولية منع المواطنين من ممارسة حقهم الدستوري.

وشددت الوزارة على أنها تحترم قرينة البراءة، ولا يمكنها منع أي مواطن لم تصدر في حقه أحكام قضائية نهائية من ممارسة حقه في الترشح. بهذا، يتم تفادي أي اتهام لـ “الداخلية” بالتدخل في الحقوق المدنية والسياسية للأفراد، مع تحميل الأحزاب مسؤولية التصفية الأخلاقية والرقابة الداخلية على مرشحيها.

وجاءت هذه المستجدات بعد أن تلقت وزارة الداخلية خلال الصيف الماضي مذكرات الأحزاب السياسية متضمنة مقترحاتها بشأن مدونة الانتخابات، استعداداً لاستحقاقات 2026. وتؤكد هذه التطورات أن الانتخابات المقبلة ستُجرى وفق قواعد تشريعية مألوفة، لكن بضوابط أخلاقية وسياسية مُشدّدة يجب أن تفرضها الأحزاب على نفسها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى