اقتصاد

المغرب يصدر أولى شحناته من منتجات القنب الهندي الى السوق السويسرية

سلطت صحيفة  “لوموند”  الفرنسية الضوء على قيام المغرب لأول مرة  بتصدير منتجات القنب الهندي المنتج بشكل قانوني، حيث بيع قنطار من مسحوق القنب الهندي الذي يحتوي على نسبة أقل من 1% من مادة رباعي هيدروكانابينول (THC) بسعر يتراوح بين 1400 و1800 يورو للكيلو الواحد.

وأشارت الصحيفة أن هذه الكمية شقت طريقها إلى سويسرا، موضحة أنه بالرغم من كون هذه المبالغ رمزية، إلا أن الحماسة التي ولّدتها هذه الصادرات، والتي حظيت بتعليقات واسعة النطاق في الصحافة المحلية، توضح كل التوقعات التي يحملها هذا القطاع الجديد لدى القطاع الخاص في المغرب.

ومنذ صدوره، أعطى قانون الاستخدام القانوني للقنب “للأغراض الطبية والصيدلانية والصناعية” المستثمرين أملا كبيرا، مما يجعل المغرب وافدا جديدا في السوق العالمية، التي من المتوقع أن تتجاوز قيمتها، بالنسبة للعنصر العلاجي وحده 50 مليار دولار (46,2 مليار أورو) سنة 2028، بحسب صندوق الاستثمار الأمريكي “إنسايت بارتنرز”.

ويراهن الاتحاد المغربي للصناعة الصيدلانية والابتكار (FMIIP) على “إيرادات سنوية تتراوح بين 4.2 إلى 6.3 مليار درهم” (حوالي 400 إلى 600 مليون يورو)  شريطة أن يحصل المغرب على “حصة في السوق الأوروبية تتراوح بين 10% و15%”، حسبما أعلن رئيسه في ماي الماضي، ويعول على الارتفاع الناجم عن موجة التشريعات في الاتحاد الأوروبي، حيث يتم ترخيص القنب الطبي في 21 بلادا من الدول الأعضاء الـ27.

ويشير مختبر الأدوية “سوطيما” الذي حقق رقم معاملات قدره 230 مليون يورو في عام 2023، إلى أنه طور حوالي خمسة عشر دواء يعتمد على القنب الهندي، الذي يحتوي على نسبة عالية من رباعي هيدروكانابينول (THC) لعلاج الأمراض المؤلمة مثل السرطان والتصلب المتعدد أو الصرع.

وتتجه أنظار المنتجين المغاربة إلى الأسواق الأوروبية، خاصة ألمانيا والدنمارك وسويسرا وإيطاليا وفرنسا، التي سمحت مؤخرا بالقنب الطبي على أساس تجريبي، وتبقى إزالة الحواجز التنظيمية، التي تكون مقيدة للغاية عندما يتعلق الأمر بالمؤثرات العقلية.

وقال أحد المنتجين،أن المغاربة يركزون على “الممارسات الزراعية الجيدة، دون مبيدات أو معادن ثقيلة، وعمليات تصنيع معترف بها، لأنهم يصدرون بالفعل أدوية بدون قنب هندي”.

وأبرزت “لمونود” أن فرنسا ليست مجرد هدف للتصدير، إذ تشارك شركات فرنسية في مجموعات المصالح في المغرب، بما في ذلك التعاونية المغربية  التي قامت بمعالجة جزء من القنب المصدر إلى سويسرا، ولا يرغب مديرها  في الكشف عن دخلها “السري”، لكنه يؤكد أن 80% منه يأتي من السوق المحلية.

وأوضحت تعاونية متخصصة، أنها سجلت حوالي عشرة منتجات بمساعدة مختبرات مغربية، مؤكدة أنه سيتم تسجيل حوالي ثلاثين منتجا آخر قريبا، تهم بشكل أساسي المكملات الغذائية، ومستحضرات التجميل التي تعتمد على الكانابيديول (CBD) بدون رباعي هيدروكانابينول (THC)، لعلاج الأمراض المختلفة، بما في ذلك الإجهاد ومرض باركنسون والأمراض الجلدية، ويباع جزء منها منذ شهر يونيو المنصرم في الصيدليات بالمغرب.

وفي الرباط يبقى التفاؤل مطلوبا من لدن الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، حيث يمكنها تحقيق ما راكمه المغرب مع شركات السيارات التي أصبحت خلال 15 سنة القطاع التصديري الأول في البلاد، وقد عاد مدير المؤسسة محمد الكروج لتوه من لندن، بعد زيارة معرض “Cannabis Europe” في نهاية يونيو، وقيامه بجولة شملت هولندا والبرتغال وجمهورية التشيك، وهي ثلاث دول سمحت بالقنب الطبي.

وعمليا يبدو أن إعادة تحويل المحاصيل غير المشروعة إلى أنشطة قانونية قد نجحت بالفعل، المساحات المرخصة آخذة في الارتفاع: أقل من 300 هكتار سنة 2023 مقارنة بحوالي 3000 هكتار هذه السنة، موزعة بين الحسيمة وشفشاون وتاونات، ثلاث أقاليم في منطقة الريف، حيث اقتصاد القنب عريق، ويتزايد أيضًا عدد المزارعين المعتمدين، حيث يقترب الآن من 3300، أي أكثر بسبع مرات عما كان عليه قبل عام.

ومع ذلك، فإن الخروج من الوضع غير القانوني مقيد بعدة شروط، إذ لا يزال المزارعون الذين غامروا لا يمثلون سوى جزء صغير من 400 ألف شخص يكسبون رزقهم رسميًا من القنب الهندي، وفي عام 2019، شملت التقديرات أكثر من 55 ألف هكتار من الأراضي معني بزارعة القنب حسب التقديرات.

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أنه تم إنتاج 23 ألف طن من القنب الهندي في المغرب في عام 2021، مما يجعل المملكة واحدة من الدول الرئيسية الموردة للقنب في العالم.

وأنتج المحصول الأول من القنب القانوني في عام 2023، 296 طنًا فقط، وتم استيراد جميع البذور، أكثر من مليوني بذرة من أوروبا،  وتم زرعها في يونيو ويوليوز، في وقت شهد فيه المغرب موجات حرارة شديدة، مما أدى إلى انخفاض معدلات إنبات وظهور النباتات. وتشير وكالة تقنين القنب إلى “خسارة بنسبة 20% مرتبطة بارتفاع درجات الحرارة”، بين 47 و49 درجة مئوية، والتي تزامنت مع ازدهار نبات القنب، وفي حين حقق بعض المزارعين محصولا قدره 6 طن/هكتار، بلغ المتوسط ​​حوالي 18 قنطارا.

وبحسب تعاونيةمتخصصة  فإن القدرة التنافسية للمغرب، في سوق شديدة التنافسية، معرضة للخطر أيضًا: “تكاليف الإنتاج لدينا أعلى مما هي عليه في أوروبا، لأن القطاع في طور التأسيس وكان هناك الكثير من الخسائر في العام الماضي”، إلى جانب خصوصية المحاصيل المغربية، التي يتم إنتاجها كلها في الهواء الطلق، مما يزيد من اعتمادها على الظروف المناخية، في حين يتم الإنتاج الأوروبي بشكل رئيسي في البيوت البلاستيكية.

وتقوم الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي بحملة من أجل التوقف عن استخدام البذور المستوردة، التي تزرع فقط في الأنظمة المسقية، وتدعو إلى تعزيز “التراث الوطني” “البلدية”، وهو نوع من القنب الهندي المحلي، الذي يستهلك كمية أقل من المياه، والذي تبدأ زراعته في فبراير، لكن المصنع المنتج لم يحصل على شهادة قط، وتعمل الوكالة على تطويره بالتعاون مع المعهد الوطني للبحث الزراعي (INRA) في المغرب، بهدف إتاحة “البلدية” للمزارعين اعتباراً من عام 2025.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى