اقتصاد

المغرب خارج التصنيف في تقرير التنافسية العالمية و الحكومة تتحمل المسؤولية

غابت الدول المغاربية الخمس، عن قائمة تقرير التنافسية العالمية التي همّت 67 دولة، وذلك على الرغم من استقرارها السياسي والأمني مقارنة مع دول أخرى شملتها القائمة، فيما احتلت ست دول عربية وأربع دول إفريقية، مراتب مهمة ضمن قائمة الدول الأقوى تنافسا في العالم لسنة 2024.

الإمارات تواصل تقدّمها المتصاعد

تصدرت الإمارات العربية المتحدة، قائمة الدول العربية الأكثر تنافسية وفقا للتقرير السنوي الخاص بالتنافسية العالمية الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD)، متقدمة بـ 3 مراتب إلى المركز الـ 7 عالمياً بعد الإنجاز الذي حققته في العام الماضي بدخولها نادي الدول الـ 10 الكبار في التقرير، متقدمة على النرويج وأيسلندا واليابان وكندا وفنلندا.

وبدا لافتا، في التقرير الذي اطلعت عليه “الصحيفة”، أن الإمارات قدّمت أداء متميزاً خلال السنة الجارية، حيث تبوأت مراكز متقدمة في محاور التقرير بحلولها في المركز الثاني عالمياً عل مستوى محور الأداء الاقتصادي، والـ4 عالمياً في محور كفاءة الحكومة، والمركز الـ 10 في محور كفاءة بيئة الأعمال، كما صنفت الأعلى معدلا للقوة الشرائية للفرد، تلتها قطر في المركز الـ11، ثم المملكة العربية السعودية في المركز الـ16، ثم البحرين باحتلالها المركز الـ21 عالميا، فالكويت في المركز الـ37، وبعدها الأردن بالرتبة الـ48 عالميا.

دول غير آمنة في التصنيف

على المستوى الإفريقي، فقد شمل التصنيف 4 دول هي بوتسوانا التي احتلت المركز الـ55 عالميا، على الرغم من سوقها المحلية الصغيرة التي أشار إليها التقرير، إلى جانب انخفاض مستويات التنويع الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة خاصة بين الشباب، وعدم المساواة في الدخل وتأثيرات التغير المناخي والجفاف المستمر.

وتأتي ثانية على المستوى الإفريقي، جنوب إفريقيا في المرتبة الـ60 عالميا، بعدما تقدّمت بنقطة أخرى، على الرغم من تفشي الفساد الذي يقوض شرعية الدولة وتقديم الخدمات وفق ما ذكره التقرير، فضلا عن ارتفاع معدلات البطالة خاصة بين الشباب، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر بسبب تساقط الأحمال ما يعطل الحياة اليومية والأنشطة الاقتصادية، فضلا عن ارتفاع مستويات الديون، مما يحد من المرونة المالية، وكذا عدم اليقين السياسي حيث من المقرر إجراء الانتخابات في عام 2024.

وفي المرتبة الثالثة أفريقيا، تحل نيجيريا التي ضمنت المقعد الـ 64 عالميا، وتعاني مما وصفه التقرير بـ “الاقتصاد المتقلب”، وعدم الاستقرار الأمني الاجتماعي، وتحديات الحكم الناجمة عن السياسات الحكومية، وانعدام الأمن، والفساد، وضعف المؤسسات العامة، وعدم كفاية تقديم الخدمات العامة، وضعف تعبئة الإيرادات، والديون، فضلا عن انخفاض مستوى انتشار التكنولوجيا عبر القطاعات الاقتصادية، وتأثير العجز الهائل في البنية التحتية (النقل والطاقة وما إلى ذلك) على تكلفة ممارسة الأعمال التجارية، وضعف القاعدة التصنيعية مما يحد من قدرة الصناعة، وكذا المناهج التعليمية القديمة لا تتوافق مع احتياجات الثورة الصناعية الرابع.

وأخيرا، جاءت غانا في المركز 65 عالميا، حيث صنفت نيجيريا وغانا لأول مرة وفق المؤشر، فيما غابت عن التصنيف دول شمال إفريقيا، بما فيها المغرب وتونس والجزائر، إضافة إلى مصر.

والمثير، بالنسبة لغانا، هي أنها دولة تسببت ديونها الحكومية غير المستدامة في انخفاض قيمة العملة المحلية مقابل العملات الدولية الرئيسية، فيما ارتفاع معدلات التضخم إلى زيادة تكاليف المعيشة والضغط على دخل الأسرة.

وتعتمد غانا، بشكل كبير على المنتجات المستوردة وغياب المؤشرات الإنتاجية مما يؤثر على نمو المنتجات المصنعة محليا، كما أن ارتفاع تكاليف قطاع الطاقة يعيق بشكل كبير القدرة التنافسية للاقتصاد، إلى جانب قلة فرص العمل اللائق مما يؤدي إلى ارتفاع معدل البطالة بين الشباب.

بالمقابل، حققت سنغافورة الريادة العالمية بحصولها على 100 نقطة، متبوعة بسويسرا ثم تلتها الدانمارك، وبعدها إيرلندا وهونغ كونغ، والسويد ثم الإمارات.

ويرتكز التقرير في تصنيفه للدول، على أربعة محاور رئيسية: تشمل (الأداء الاقتصادي، والكفاءة الحكومية، وكفاءة الأعمال، والبنية التحتية) والتي يندرج تحتها 20 محوراً فرعياً تغطي 334 مؤشرا، وهو ما يجعل في عدم حضور المغرب في اللائحة مثيرا للانتباه، سيما وأن المملكة احتلت خلال الفترة 2017 – 2020 المرتبة الرابعة في ترتيب التنافسية الاقتصادية حسب صندوق النقد العربي.

مؤهلات المملكة الاقتصادية والأمنية تساءل الحكومة

يشكل الاستقرار السياسي للمملكة، نقطة محورية في تشجيع التنافسية الاقتصادية فضلا عن التطورات المستمرة التي يشهدها النسيج الاقتصادي على مستوى مختلف القطاعات والتي من شأنها المساهمة في تعزيز النمو والتنافسية الاقتصادية، مع العلم أن العديد من القطاعات الرئيسية في اقتصاد المملكة قد حسنت أدائها، بالإضافة إلى الصادرات والواردات، وذلك على الرغم من تسجيل بعض الركود بسبب الأزمة الصحية وارتفاع مستويات التضخم عالميا.

ويُطرح التساؤل حول غياب المغرب عن قائمة الدول ذات التنافسية الاقتصادية، وعن سلسلة الإجراءات والسياسات التي اعتمدتها الحكومة المغربية بقيادة عزيز أخنوش، لتحقيق سياسات ترفع من زيادة الرفاهية الاقتصادية وتوسيع الثروة الوطنية، وقدرة الدولة على تطوير سياسات مناسبة للقدرة التنافسية، لجعل المملكة قبلة أساسية للاستثمار، حيث يرى مراقبون أن غياب المغرب عن القائمة “لا يعني أنه فشل في تحقيق التنافسية العالمية”.

يذكر أن تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية، الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD) في مدينة لوزان السويسرية، كان قد نشر تقاريره لأول مرة في عام 1989، ويعد واحدًا من التقارير المهمة، والمرجعية للمنظمات والمؤسسات الدولية، لمقارنته بين (67) دولة هي الأكثر تنافسية عالميًا على أساس أربعة محاور رئيسة وعشرين فرعية، إلى جانب 335 مؤشرا فرعيا.

ويعد هذا التقرير السنوي بمثابة نقطة مرجعية عالمية حول القدرة التنافسية لدول العالم. وتعتمد ثلث منهجية التقرير على آراء رجال الأعمال وثلثيه على بيانات إحصائية، ويعتمد أساسا على استطلاع للرأي عبر الأنترنت، والذي نظم خلال فترة فبراير-ماي من هذه السنة، واستهدف 6612 شخصا.

ويقيم هذا المركز الدول حسب كفاءتها في إدارة مواردها من خلال 4 محاور رئيسية، هي النجاعة الاقتصادية، الفعالية الحكومية، وفعالية المقاولة والبنية التحتية.

وتندرج ضمن المحاور الرئيسية 20 محورا فرعيا و336 مؤشرا فرعيا تشمل مختلف الجوانب والعوامل التي تؤثر على هذه المحاور الرئيسية والفرعية.

ويصنف التقرير السنوي للتنافسية العالمية الدول في مختلف المجالات الاقتصادية والإدارية والاجتماعية، في قطاعات الكفاءة الحكومية والتعليم والابتكار وغيرها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى