مجتمع

الفقر يتزايد بالمغرب و البطالة تنخر المجتمع و النساء يكرسن وضعا مزريا حسب تقرير قاتم لمجلس الشامي

بعد مضي أزيد من سنتين على اندلاع الأزمة الصحية الناجمة عن جائحة كورونا، ما زالت الأسر المغربية تعاني من تداعياتها، والتي تفاقمت بسبب موجة التضخم وما رافقها من تدهور للقدرة الشرائية وتدني مستواها المعيشي، حيث أنه في ظل هذه الظروف انحدر حوالي 3.2 مليون شخص إضافي إلى الفقر أو الهشاشة، وهو ما يقترب من المستويات المسجلة سنة 2014 .

وفي السياق ذاته، قال المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في تقريره السنوي الذي أصدره الأسبوع الجاري، إن البرامج الاجتماعية لمحاربة الفقر والهشاشة، بسبب طبيعتها المجزأة ومعايير الاستهداف المعتمدة وكيفيات التنفيذ، لا تتيح التصدي بشكل كاف ومستدام للانعكاسات السلبية للفقر والهشاشة على الفئات المعوزة، التي تظل في الغالب خارج نطاق تدخل هذه البرامج، ولهذا السبب على وجه الخصوص انطلق ورش إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية وهو الإصلاح الذي يجري تنزيله.

بلغ معدل الفقر 4.9 في المائة، مقارنة بـ1.7 في المائة قبل جائحة كوفيد-19، مما أدى إلى انتقال نحو 1.15 مليون شخص إضافي إلى وضعية الفقر

ووقف المجلس في تقريره عن العديد من مظاهر الفقر في المغرب، وقال إن ضعف مشاركة النساء له تتداعيات اقتصادية واجتماعية بالغة، حيث يساهم في الحد من النمو الاقتصادي ومن دينامية خلق الثروة، ويمكن أن يؤدي إدماج 1.7 مليون امرأة غير نشيطة إلى الرفع من معدل النشاط لدى النساء إلى 34.8 في المائة والزيادة في القيمة المضافة الإجمالية بنسبة 13 في الممائة، ومن جهة أخرى، يساهم عدم نشاط النساء في تكريس وضعية الفقر وتفاقم التفاوتات الاجتماعية واستمرار تبعيتهن الاقتصادية، وهو ما يهدد موقعهن داخل الأسرة والمجتمع.

وجدد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي موقفه بخصوص الأهمية القصوى للمشاركة والتمكين الاقتصادي للنساء عن طريق الدعوة إلى اعتماد سياسة إرادية تهدف إلى إدماج المرأة في سوق الشغل مع مراعات مختلف فئات النساء غير النشيطات واعتماد تدابير خاصة بكل فئة منهن.

يساهم عدم نشاط النساء في تكريس وضعية الفقر والتفاوتات الاجتماعية واستمرار تبعيتهن الاقتصادية وهو ما يؤثر سلبا على مكانتهن داخل الأسرة والمجتمع

ووقف التقرير عند وضعية الأطفال واضطرارهم للعمل فقرا، وقال إنه خلال سنة 2023، تم تسجيل اشتغال قرابة 110 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 7 و 17 سنة في واحد من الأنشطة الاقتصادية، لا سيما في الوسط القروي، وعلى الرغم من انخفاض هذه النسبة ب15 بالمائة من السنة التي سبقتها إلا أنها تبقى كبيرة خصوصا أن 63 بالمائة من الأطفال يشتغلون في ظروف صعبة.

وترتبط ظاهرة تشغيل الأطفال بالانقطاع الدراسي ووضعية الهشاشة وفقر الأسر التي تدفع الأطفال إلى العمل على حساب دراستهم، مما يحد من فرصهم المستقبلية في التغيير عبر التعليم ويحول دون خروجهم من دائرة الفقر.

زواج القاصرات كذلك يرى فيه المجلس رهنا لمستقبل الفتيات وتكريسا لوضعية فقرهن، وحرمانا لهن من فرص المشاركة الاقتصادية، وتعريض الصحة الجسدية والنفسية للفتيات وأطفالهن لمخاطر كبيرة.

من بين ما وقف عليه المجلس في تحليله لمظاهر الفقر وأسبابه، واقع البطالة واستفحالها، وقال إن تحليل التوجهات والترابطات على المستوى الدولي يبين أن البلدان التي تسجل أعلى معدلات البطالة، تشهد في الآن ذاته معدلات مرتفعة في مؤشرات الفقر متعدد الأبعاد، والجريمة، وانتشار المشاكل المرتبطة بالصحة العقلية من قبيل الاكتئاب.

البطالة حسب المجلس لا تمس المعنيين بها فقط، ولكن لها امتدادات في إثقال كاهل الأسر وإنهاك ميزانيتها،علما أنها تعاني أصلا من ارتفاع كلفة المعيشة، وبالمجمل، تولد البطالة لدى الأشخاص العاطلين شعورا بعدم الجدوى داخل المجتمع وإحساسا بالإحباط وفقدان الأملن مما يؤثر على توازنات الاستقرار الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى