سياسة

التراشق بمجلس النواب بين المعارضة و الاغلبية و المجلس يعجز عن إخراج مدونة الأخلاق

اعتاد متتبعو جلسات الأسئلة الشفوية بمجلس النواب على متابعة سجالات ونقاشات حادة بين النواب البرلمانيين عند بداية أي جلسة، تكاد تكون أغلبها حول خلافات في تأويل النظام الداخلي لمجلس النواب أو لمقتضيات دستورية أو بسبب “تذمر” المعارضة من تعامل الحكومة مع المؤسسة التشريعية، آخر هذه المواجهات شهدتها جلسة يوم أول أمس الإثنين، والتي وصلت حد اتهام فرق المعارضة البرلمانية لمكتب المجلس بـ”رفض طلب حضور الوزراء إلى اللجان الدائمة من أجل مناقشة الحصيلة المرحلية للقطاعات الوزارية”، واصفين ذلك بـ”الانتكاسة الديمقراطية داخل البرلمان”.

مبرِّر مكتب مجلس النواب في رفض طلب استدعاء الوزراء إلى اللجان الدائمة، حسب نقط نظام التي تناولها رؤساء فرق المعارضة خلال الجلسة نفسها، احتكم إلى المادة 101 من الدستور والتي تنص على أن رئيس الحكومة يعرض أمام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، إما بمبادرة منه، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو من أغلبية أعضاء مجلس المستشارين.

وتعليقا على الخلاف الذي فجر نقاشا حاداً داخل مجلس النواب،كشف متتبعون للشأن السياسي بالمغرب، ، أن هذا النقاش “سياسي أكثر من كونه نقاشا قانونيا محضا”، معتبرا أن “المفروض في مكتب مجلس النواب أنه يمثل جميع الفرق النيابية، أغلبيةً ومعارضةً، ويجب أن ينصت إلى مطالبها كاملة دون أي تمييز”.

وأورد  أن مبرر مكتب مجلس النواب بأن مناقشة الحصيلة الحكومية المرحلية تمت بحضور رئيس الحكومة في جلسة عامة هو “مبرر مقبول” بما أن رئيس الحكومة هو الذي يشرف على جميع القطاعات، إلا أنه استدرك قائلا: “على الرغم من ذلك فإن رئيس الحكومة غير ملم بالحصيلة المرحلية لكل قطاع على حدة، وبالتالي يصبح حضور الوزراء إلى اللجان الدائمة لمناقشة حصيلة قطاعاتهم عمليا وفعالا أكثر من الاكتفاء بمناقشتها في جلسة عامة”.

وتابع نفس المتحدث أن “الوزير هو المسؤول السياسي الأول عن القطاع الذي يدبره، وبالتالي فإنه يتحمل المسؤولية الأولى والأخيرة في حصيلة تسيير قطاعه لذلك يصبح حضوره إلى جلسات اللجان الدائمة، على المستوى السياسي، ضروري لتشخيص المنجزات والوقوف عند أوجه قصور حصيلته التدبيرية”.

“الوزراء اليوم في حاجة إلى تكثيف تواصلهم مع ممثلي الأمة”، يحاول الباحث في العلوم السياسية أن يبرز أهمية تعزيز التواصل بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية، مردفا أن “هذا التواصل الدائم هو الذي يقوي البناء الديمقراطي ويساهم في استعادة المواطن للثقة في الممارسة السياسية”.

وأكد المهتم بالشأن السياسي والدستوري أنه “من العادات السياسية التي يجب أن يلتزم بها أي وزير هي حفاظه على التواصل الدائم مع النواب البرلمانيين والتجاوب مع أسئلتهم الشفوية والكتابية سواء من المعارضة أو الأغلبية صونا للأدوار الرقابية لبرلمان الأمة”.

وأورد في ذات الصدد أن “اعتياد الوزراء على التفاعل مع المؤسسة التشريعية يقوي سلطة البرلمان ويفعل المقتضيات الدستورية التي جنحت إلى تقوية حضور البرلمان في النسق السياسي المغربي”، مسجلا أن “الممارسة السياسية خلال الولاية الحكومية الحالية أثبتت ضعف التواصل سواء على مستوى رئاسة الحكومة أو على مستوى تواصل الوزراء مع المؤسسة التشريعية”.

وبخصوص مسألة غياب الوزراء عن جلسات الأسئلة الشفوية التي كانت هي الأخرى سببا في تفجُّر سجالات حادة بين فرق الأغلبية وفرق المعارضة بمجلس النواب، لفت الأكاديمي ذاته إلى أن “المتحكم في هذه العملية هو مسألة التضامن الحكومي”، وزاد موضحا أنه “بمقتضى القانون يمكن لأي وزير أن ينتدب وزيرا آخر في التشكيلة الحكومية للإجابة عن الأسئلة الموجهة إليه في حالة وجود ظرف قاهر”، مشددا في الآن ذاته على أن “هذا لا ينفي إلزامية حضور الوزراء إلى قبة البرلمان احتراما للمؤسسة التشريعية والتزاما بالأخلاق السياسية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى