إختتام مؤتمر دولي بالجامعة الأورو متوسطية بفاس حول “صحة اللاجئين و المهاجرين
اختتم أمس الاربعاء 30 أكتوبر 2024 المؤتمر الدولي حول صحة اللاجئين والمهاجرين، الذي نظمته
المنظمة الدولية للهجرة، ومنظمة الصحة العالمية، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين،
بشراكة مع الجامعة الأورومتوسطية بفاس. وقد تميزت هذه الفعالية التي انعقدت على مدى يومين بما
تخللها من عمل بناء وتبادل مثمر للتجارب والخبرات لتلبية الاحتياجات الصحية للاجئين والمهاجرين
بشكل أفضل. وقد التأم في هذا المؤتمر أزيد من 150 مشاركًا، بما في ذلك صانعو السياسات والباحثون
وأعضاء من المجتمع المدني وممثلو المنظمات الدولية والطلاب الشباب، حول هدف مشترك: تحسين
صحة المهاجرين واللاجئين.
وتناول المشاركون جملة من المواضيع الأساسية، حيث سلطوا الضوء على التحديات التي غالبا ما
تواجهها هذه الفئات الهشة. وكما أشارت السيدة مريم بيجديلي، ممثلة منظمة الصحة العالمية في
المغرب: “فإن صحة المهاجرين لا تنحصر في الرعاية الطبية فحسب، بل تشمل أيضا الكرامة
والمساواة في الحقوق. فيجب علينا أن نضمن لهم جميعا وصولا عادلا في هذا الشأن، بغض النظر عن
وضعهم كمهاجرين." كما أتاحت المناقشات تقييم التقدم المحرز في المغرب فيما يتعلق بصحة اللاجئين
والمهاجرين، بالإضافة إلى تبادل أفضل الممارسات ذات الصلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال
إفريقيا.
وقد شكل هذا المؤتمر أرضية لتبادل الأفكار ومناقشة التحديات المشتركة وبلورة استراتيجيات جماعية.
ولم يقتصر دور التفاعل بين مختلف الجهات الفاعلة في بناء الروابط فحسب، بل أسهم أيضا في تعزيز
التعاون فيما بينها، وهو أمر ضروري لبلورة تدخلات ملائمة وناجعة. وفي هذا السياق، قالت السيدة
لورا بالاتيني، رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في المغرب: “إن مثل هذه المؤتمرات تخلق فضاء
ضروريا للتعاون. فبتضافر جهود الجميع، يمكننا بناء أنظمة صحية أكثر مرونة وشمولا.»
بدوره، قال البروفيسور مصطفى بوسمينة، رئيس الجامعة الأورومتوسطية بفاس: “لقد أثبت هذا
المؤتمر أنه كلما تضافرت جهودنا، كلما أمكننا التغلب على التحديات المعقدة التي تمثلها الهجرة.
وبالتالي فلابد أن نواصل بناء شراكات قوية لتحسين الظروف الصحية لهذه الفئات."
وقد اضطلعت المنظمات الشريكة، وهي المنظمة الدولية للهجرة ومنظمة الصحة العالمية والمفوضية
السامية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بدور مركزي طيلة مدة انعقاد هذا المؤتمر، حيث قدمت خبراتها
وتجاربها المتنوعة. وقد قامت مجتمعة بتنفيذ مشاريع مبتكرة تهدف إلى تحسين صحة المهاجرين
واللاجئين الذين يعيشون في أوضاع هشة وتوفير الحماية لهم. فعلى سبيل المثال، أبرزت المنظمة الدولية
للهجرة إنجازات مشروع إقليمي ممول من وزارة الخارجية الفنلندية ويغطي المغرب وتونس وليبيا
ومصر واليمن. ويهدف إلى دعم الحكومات لتمكين المهاجرين من الوصول إلى الخدمات الصحية على
قدم المساواة مع مواطني البلدان المذكورة، وهو يسهم في تعزيز النظم الصحية عبر عدة سبل منها، على
سبيل المثال لا الحصر، تدريب العاملين في مجال الصحة على الاتصال بالمهاجرين. بالإضافة إلى ذلك،
قدمت منظمة الصحة العالمية مبادرات لضمان حصول جميع المهاجرين، بغض النظر عن وضعهم،
على خدمات صحية جيدة. ومن جانبها، شددت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على
أهمية اتباع مقاربة شاملة تدمج الصحة البدنية والعقلية في برامج المساعدة.
وأكد السيد فرانسوا ريبيت ديغا، ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في المغرب،
على أهمية هذه المبادرات، بقوله: “يجب أن يركز كل تدخل في مجال صحة المهاجرين على الأشخاص.
وتقع على عاتقنا مسؤولية ضمان إسماع صوتهم ومراعاة احتياجاتهم في الخطط المتعلقة بالخدمات
الصحية."
منذ سنة 2015، انخرط المغرب بشكل فاعل في المشروع الإقليمي “تعزيز صحة السكان المهاجرين
الذين يعيشون أوضاعا هشة في المغرب وتونس وليبيا ومصر واليمن وحمايتهم”، والممول من قبل
وزارة الشؤون الخارجية الفنلندية، من أجل الإدماج الصحي للسكان المهاجرين. وقد أسهم هذا البرنامج
في بلورة سياسات عامة بشأن صحة المهاجرين وتعزيز الخدمات الصحية من خلال تمكين أكثر من
300 ألف مهاجر في البلدان المستهدفة من الحصول على رعاية صحية جيدة. كما يجسد رغبة المغرب
الثابتة في تعزيز التعاون جنوب-جنوب بين بلدان المشروع، وتعزيز الحقوق الصحية للفئات الهشة.
كما يتضح من خلال المرحلة الثالثة من المشروع (2020-2024) والخطة الاستراتيجية الوطنية
للصحة والهجرة (2019-2025)، تمسك المغرب بالتزامه بتعزيز مستوى الوصول إلى الرعاية لفائدة
المهاجرين ذوي الأوضاع الهشة وتوسيع نطاق التغطية الطبية الشاملة. وتشمل هذه الإجراءات تنظيم
حوارات سياسية وورشات تدريبية وندوة إقليمية تهدف كلها إلى تنسيق الجهود الوطنية والإقليمية.
وتتجلى هذه الخطوة عمليا في وضع دلائل تدريبية حول صحة المهاجرين وبرامج رائدة لتعبئة الطاقات
والكفاءات، مع تعزيز استقلالية الجهات الفاعلة المحلية العاملة في مجال تدبير صحة المهاجرين.
وتندرج هذه الجهود في إطار أوسع يهدف إلى توسيع التغطية الطبية الشاملة وضمان حصول جميع
المواطنين، بما في ذلك المهاجرين، على الرعاية الصحية الكافية. ويدرك المغرب، بوصفه ملتقى طرق
للهجرة، الأهمية التي تكتسيها صحة المهاجرين بالنسبة لتنميته الاجتماعية والاقتصادية.
التوصيات:
توصية حول التغطية الطبية الشاملة:
1) حماية واحترام حق اللاجئين والمهاجرين في الصحة من خلال تسهيل إدماجهم في أنظمة
الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، وفي إطار الإصلاح الحالي لنظام الحماية الاجتماعية في
المغرب، وتسهيل تسجيل اللاجئين والمهاجرين في وضع قانوني في السجل الوطني للسكان كي
يتمكنوا من الاستفادة من التأمين الصحي الإجباري الذي يشمل خدمات القطاع الثانوي والثالثي
بأسعار مخفضة. كما ينبغي إنشاء آلية تمويل بالنسبة للاجئين والمهاجرين غير القادرين على
دفع الاشتراكات اللازمة من أجل تيسير تسجيلهم في خدمات التغطية الصحية.
توصية حول التشريعات والسياسات المتعلقة بصحة اللاجئين ولمهاجرين:
2) تعزيز التشريعات والسياسات العامة المتعلقة بالصحة ذات الصلة باللاجئين والمهاجرين، وفي
حالة المغرب، تقييم السياسات العامة المتعلقة بالهجرة والصحة، لاسيما الخطة الاستراتيجية
الوطنية للهجرة واللجوء (2013) والخطة الاستراتيجية للصحة والهجرة (2021-2025) من
أجل تحديد الأولويات وفق مؤشرات قابلة للقياس للسنوات القادمة.
3) ضمان انسجام السياسات والبرامج والتدخلات الهادفة إلى تعزيز صحة اللاجئين والمهاجرين مع
الالتزامات التي تعهدت بها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بما في ذلك أهداف التنمية
المستدامة، والعهود العالمية المتعلقة باللاجئين والمهاجرين، وخطة العمل العالمية بشأن تعزيز
صحة اللاجئين والمهاجرين (2019-2030)، وكذلك إعلان الرباط لعام 2023 بشأن صحة
اللاجئين والمهاجرين.
توصية حول جمع وتحليل البيانات المتعلقة بصحة اللاجئين والمهاجرين:
4) تشجيع جمع البيانات المتعلقة بصحة اللاجئين والمهاجرين، لاسيما عبر إدراج متغير الهجرة في
نظم المعلومات الصحية وإجراء مسوحات دقيقة، وفي حالة المغرب، تيسير تحليل البيانات
المنبثقة من نظام المعلومات الصحية والمسوحات التي تم إجراؤها من أجل توجيه الخدمات
والتدخلات لتلبية الاحتياجات الصحية للاجئين والمهاجرين.
توصية حول دور الجامعات والقطاع الأكاديمي:
5) الاستفادة من الجامعات في تطوير أجندة للبحث العلمي حول صحة اللاجئين والمهاجرين لفهم
الحالة الصحية لهذه الفئة بشكل أفضل، وكذلك سلوكاتهم الصحية من أجل تطوير السياسات
والبرامج العامة القائمة على الأدلة وتوفير الاستجابة المناسبة فيما يتعلق بالتدخلات والخدمات
الصحية المخصصة لهذه الفئات الرئيسية.
توصية حول الشراكات وآليات التنسيق:
6) تشجيع إنشاء لجان تنسيقية متعددة الأطراف تشمل الأوساط الأكاديمية والعلمية وصناع القرار
السياسي ومنظمات المجتمع المدني ومديري البرامج الحكومية والمنظمات الدولية من أجل
ترجمة نتائج البحث العلمي إلى تدابير ملموسة تهدف إلى تلبية الاحتياجات الصحية للاجئين
والمهاجرين.
7) تشجيع التعاون بين بلدان الجنوب، وخاصة بين بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من
جهة، وبلدان إفريقيا جنوب الصحراء، من جهة أخرى، من أجل تبادل الممارسات الفضلى
وتعزيز التنسيق بين البلدان من أجل استجابة تتناسب مع الاحتياجات الصحية للاجئين
والمهاجرين وفق مقاربة تراعي طرق الهجرة.
توصية حول رقمنة النظام الصحي:
8) دعم رقمنة الملفات الطبية للمرضى، وخاصة منهم اللاجئين والمهاجرين، لتعزيز استمرارية
الرعاية طوال رحلة الهجرة.
توصية حول دور الشباب في تعزيز صحة اللاجئين والمهاجرين:
9) الاستثمار في الشباب، وخاصة طلاب ذوي التخصصات الصحية، كمهنيين صحيين في
المستقبل، لتحسيسهم بقضية الهجرة وتعزيز الرعاية الصحية الجيدة لفائدة جميع الفئات التي
تعيش في وضعية هشة، بما في ذلك اللاجئين والمهاجرين.
توصية حول تعزيز النظام الصحي:
10) تعزيز النظم الصحية في البلدان المستقبلة للاجئين والمهاجرين من خلال تكوين مهنيي
الصحة، بالإضافة إلى وضع خطط الإعداد والاستجابة في مواجهة التغيرات المناخية وأي نزوح
محتمل للسكان بسبب عواقب التغيرات المناخية.
توصية حول المحددات الاجتماعية للصحة:
11) الاستجابة للمحددات الاجتماعية للصحة من خلال العمل بشراكة وثيقة مع جميع
الوزارات وكافة قطاعات المجتمع لتسهيل الوصول إلى سوق الشغل، والإيواء والاندماج
الاجتماعي، بما يكفل إحداث أثر إيجابي على صحة اللاجئين والمهاجرين.
توصية حول تمويل الصحة:
12) تشجيع وتعزيز تمويل البرامج الصحية الخاصة باللاجئين والمهاجرين، لاسيما في مجال
الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي.
توصية حول توعية اللاجئين والمهاجرين:
13) تنظيم حملات لتوعية المهاجرين واللاجئين، والتعريف بالخدمات المتوفرة من أجل معرفة أفضل
بحقوقهم الصحية.
وهكذا، يمكن لهذه التوصيات أن تضع الأسس لعمل جماعي ومتضافر من أجل تحسين صحة ورفاهية
المهاجرين في المنطقة بشكل مستدام، مع تعزيز قيم التضامن والمسؤولية المشتركة.
لقد مكن مؤتمر فاس من إرساء الأسس لعمل جماعي يروم تحسين صحة اللاجئين والمهاجرين. ولم
تكتف المناقشات المثمرة التي تخللت المؤتمر بإبراز التحديات القائمة فحسب، بل سلطت الضوء أيضا
على فرص التعاون العديدة في اتجاه إيجاد حلول مستدامة. فمن الضروري أن تتواصل الجهود، مع
التركيز بشكل خاص على إدراج أصوات المهاجرين أنفسهم في المناقشات السياسية والقرارات المتعلقة
بصحتهم.
لمزيد من المعلومات، يرجى الاتصال:
• المنظمة الدولية للهجرة بالمغرب: مريم مسايا – mmassaia@iom.int
عن برنامج " تعزيز صحة المهاجرين الذين يعيشون أوضاعا هشة في المغرب وتونس وليبيا ومصر
واليمن وحمايتهم""
يستجيب برنامج "تعزيز صحة المهاجرين الذين يعيشون أوضاعا هشة وحمايتهم " لتزايد التنقلات
البشرية، حيث بلغ عدد المهاجرين الدوليين 272 مليونًا في 2019، بما في ذلك 40 مليونا في شمال
إفريقيا والشرق الأوسط. وتهدف هذه المبادرة، التي تنفذها المنظمة الدولية للهجرة بتمويل من وزارة
الخارجية الفنلندية، إلى الاستجابة لاحتياجات المهاجرين في المغرب وتونس وليبيا ومصر واليمن من
حيث الصحة والحماية. ففي مواجهة حالات عدم الاستقرار السياسي ومعوقات الوصول إلى الحقوق
الأساسية، يقدم البرنامج مبادرات ملموسة، مثل المساعدة الطبية والنفسية والاجتماعية. ومنذ مرحلته
الأولى في عام 2015، قدم البرنامج المساعدة لأزيد من 24000 مهاجر، مما ساهم في تحسين
حصولهم على الرعاية ورفع مستوى الوعي في المجتمعات حول قضايا مثل فيروس نقص المناعة
البشرية/الإيدز والسل والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وبفضل الشراكات متعددة القطاعات وتعزيز
القدرات المحلية، يهدف البرنامج إلى خلق بيئة مواتية لصحة ورفاهية المهاجرين في وضعية هشة، مع
المساهمة في التغطية الطبية الشاملة في المنطقة.